نشرت صحيفة "نويه تسوريشر تسايتونغ" السويسرية تقريرا تحدثت فيه عن تدهور الأوضاع في العراق.
ويعيش العراق منذ أشهر على وقع هجمات تنظيم الدولة في محافظة كركوك، التي كان آخرها الاثنين الماضي، ما أدى إلى مقتل سبعة مدنيين على الأقل.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه على الرغم من أن تنظيم الدولة يشن هجمات في بضع مدن عراقية، إلا أنه لم يتمكن من إدخال البلاد في حالة من الفوضى.
وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، القضاء على تنظيم الدولة نهائيا. لكن، يبدو أن كركوك، وهي المدينة المتنازع عليها بين العرب والأكراد، لا زالت تضم أعتى مقاتلي تنظيم الدولة. فخلال الأشهر القليلة الماضية، عاد هؤلاء المقاتلون إلى نشاطهم الإجرامي مرة أخرى، من خطف وقتل ونهب.
وأفادت الصحيفة بأن تأثير هجمات تنظيم الدولة لا زال محدودا، ولكن خطرهم يزداد يوما بعد يوم، ومن الممكن أن يستغلوا الفراغ السياسي الذي تعيشه البلاد، لإعادة رص صفوفهم مرة أخرى.
وفي الحقيقة، يبدو أن هذا الفراغ السياسي لن يتم ملؤه في وقت قريب. فمنذ أن أعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية في 12 أيار/ مايو الماضي، رفضت عدة فصائل عراقية الاعتراف بهذه النتائج، وطالبت المحكمة الاتحادية العليا بإعادة فرز بعض اللجان مرة أخرى.
اقرأ أيضا: قتلى وجرحى بتفجير انتحاري استهدف قوات الأمن بكركوك
في هذا الإطار، لم تحدث إعادة فرز الأصوات تغييرا كبيرا في النتيجة النهائية للانتخابات، وخاصة في توزيع المقاعد بين الأحزاب الكردية. وبناء على قرار المحكمة النهائي بشأن الانتخابات، اجتمع أعضاء البرلمان يوم الاثنين في الجلسة التأسيسية. والجدير بالذكر أن الخطوة التالية تتمثل في تشكيل الحكومة.
ولكن وفقا للدستور العراقي، تعد هذه الخطوة معقدة للغاية، حيث عمد واضعو الدستور إلى محاولة تحقيق توازن بين الطوائف المختلفة؛ الشيعة والسنة والأكراد العرب.
وأوردت الصحيفة أن الدستور العراقي يضمن عدم تحكم الأقلية في الأغلبية، وأن الطوائف الشعبية الصغيرة تعامل معاملة الطوائف الكبيرة. ولكن في الوقت ذاته، يحمل هذا الدستور جانبا سلبيا، حيث لن تتمكن إحدى الطوائف الموجودة في السلطة من تطبيق برنامجها السياسي، فضلا عن صعوبة توزيع المناصب على الطوائف المختلفة، وبالتالي، عدم الوفاء بالوعود الانتخابية.
وأشارت الصحيفة إلى أن أول خطوة يجب أن يقوم بها البرلمان الآن، من أجل تشكيل حكومة، هي اختيار رئيس له، ومستشارين، وهو ما يحتاج الأغلبية المطلقة من الأصوات، أي أكثر من 165 من أصل 329 صوتا.
وفي غضون 30 يوما، يجب أن يختار البرلمان رئيسا للجمهورية بأغلبية الثلثين. ومن ثم، يفوض رئيس الجمهورية رئيس أكبر كتلة برلمانية لاختيار ممثلي الحكومة. وبالطبع، لا زال الصراع دائرا بين الأطياف المختلفة حول تسمية أكبر كتلة برلمانية.
وأبرزت الصحيفة أن كلا من تحالف النصر بقيادة حيدر العبادي، الذي له 42 مقعدا، وقائمة "سائرون" بقيادة رجل الدين الشيعي البارز، مقتدى الصدر، التي لها 54 مقعدا، أعلنا، كل على حدة، أنهما تمكنا من تشكيل تحالف مع التكتلات السنية وبعض الأحزاب الشيعية الأخرى. ويعني ذلك أنهما يمتلكان حوالي 180 مقعدا، وأن لكل منهما الحق في اختيار رئيس للبرلمان.
اقرأ أيضا: حملات أمنية ضد تنظيم الدولة بالعراق واعتقال 5 بينهم قيادي
وأوضحت الصحيفة أن تحالف الفتح برئاسة، هادي العامري، الذي يمتلك 48 مقعدا، بالإضافة إلى قائمة رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، التي تمتلك 25 مقعدا، نفيا ادعاءات العبادي بالتحالف معه. كما أكدا أنهما سيشكلان تحالفا منفصلا فيما بينهما، بالإضافة إلى أحزاب أخرى، لتشكيل أكبر كتلة برلمانية.
وقد بدا ذلك واضحا، مع بداية التصويت، حيث غادرت مجموعة كبيرة من أعضاء الكتل، الذين زعم العبادي أنه تحالف معهم، قاعة البرلمان، ومن بينهم المالكي والعامري. وبعد ذلك، انضم إليهم نواب من أكبر الأحزاب الكردية. وفي النهاية، لم يتحقق النصاب القانوني للتصويت.
وأكدت الصحيفة أن الجلسة الافتتاحية كانت برئاسة العضو الأكبر سنا، محمد علي زيني، الذي أعلن استمرار الجلسة حتى يوم الثلاثاء. وقد تضطر المحكمة العليا إلى التدخل وتسمية رئيس أكبر كتلة برلمانية في حال لم تتوصل الفصائل لاتفاق نهائي، وحتى تتفادى الفراغ السياسي الكبير الذي يعاني منه العراق منذ فترة طويلة.
في الواقع، سئم العراقيون من المسؤولين في بلادهم، كما أنهم لا يستطيعون مطلقا نسيان الأيادي الخارجية التي تعبث بالعراق، على غرار الولايات المتحدة وإيران والسعودية وتركيا. ولعل هذا ما يفسر نسبة الإقبال الضعيفة على التصويت في الانتخابات الأخيرة، التي بلغت 44 في المئة فقط.
اقرأ أيضا: تجدد احتجاجات العراق بعد مقتل 6 متظاهرين.. والصدر يعلق
وقالت الصحيفة إن تنظيم الدولة ليس الوحيد الذي يدرك أن هناك فراغا سياسيا تعيشه البلاد. ففي مدينة الموصل شمال العراق، وفي مدينتي الرمادي والفلوجة غرب العراق، ينتظر الناخبون إعادة إعمار البلاد بعد الانتصار على تنظيم الدولة. وفي مدينة البصرة، مركز إنتاج النفط في جنوب البلاد، يتظاهر السكان منذ أسابيع بسبب الأوضاع المعيشية السيئة.
الغارديان: لماذا انتفض الجنوب العراقي ضد المرجعيات وإيران؟
ماذا تبقى من تنظيم الدولة بعد خسارته في سوريا والعراق؟
صحيفة: تنظيم الدولة لا زال نشطا عبر الشبكات الاجتماعية