يُخيّرونك إذن بين نظام محاصصي طائفي يتوهّمون أنه سيحافظ على وحدة البلاد واستقرارها، وبين الفوضى التي يعتقدون أنها ستجتاح البلاد لو أنّ الناس لم تستمع لرسالة المفاوض الإيراني التي رددها النائب صباح الساعدي وهو سعيد، ما هي الرسالة أيها النائب العراقي!؟
يقول الساعدي وهو يواصل الضحك بطريقة سعيدة: "أنت تعرف والعراقيون يعرفون أن المفاوض الإيراني أبلغ رسالة واضحة بأنّ حيدر العبادي - ومعه خمسة أسماء – لاحظَّ لهم في الترشّح لرئاسة الوزراء". هذه ليست نكتة ولكنها جزء من برنامج تلفزيوني ظهر فيه السيد صباح الساعدي يقول نحن لن نرشِّح حيدر العبادي ونطالبه بالاستقالة الفورية!!..
كنت سأصفِّق للساعدي وأبصم له بالعشرة، لو أنني لم أسمع قبل شهر الساعدي نفسه بلحمه وشحمه وعظمه وهو يمتدح العبادي ويخبرنا بأنه الأصلح لرئاسة الوزراء!
تعوّدت في هذه الزاوية، أن أتحدّث عن الجديد في عالم الكتب، ورغم أنّ البعض يرى "بطراً" في مثل هذه الأحاديث، ولكني أحاول أن لا أحاصركم بأخبار "انتفاضة" صالح المطلك ضد المحاصصة، ولا بالخبر المفرح الذي زفّه وزير الخارجية ابراهيم الجعفري وهو يُطمئن ايران بأن لاتنخدع بالشعارات التي رفعت في تظاهرات البصرة، كما أنني أخجل أيضاً من أن أشغلكم بحكايات محمد الحلبوسي وبحثه عن حقّه بأن يُصبح رئيساً للبرلمان، وأعتذر لجنابكم الكريم وأنا أُذكر الحلبوسي بأنه ذرف الدموع ذات يوم لأنّ البلاد لاتريد أن تخرج من المحاصصة.
لا يزال ساستنا "الأفاضل" مصرّين على أن يتعلّموا فنّ "التغيير" من ميكافيللي الذي يكتب: "في سبيل تحقيق أغراضه ومصالحه على السياسي أن يكون مراوغاً"وعليه أيضا، وهذا مهمّ في نظر صاحب كتاب الأمير"تعلّم فنّ الكذب".
أُدرك وأعي أنّ البعض "سيضيفونني إلى قائمة "البطرانين" ولكن أسمحوا لي أن أحدّثكم عن كتاب أتذكره باستمرار وفيه نتعرف على إرادة التغيير التي كان ينشدها المهاتما غاندي.
ففي صفحات كتاب اسمه "المتمرّد" نتعرّف على رجل نحيل قضى معظم حياته صائماً، يتضامن مع المهمّشين والمنبوذين، لم يقل للناس إنّ حزبه غير معنيّ بما حصل في السنوات الماضية، مثلما أتحفنا بيان حزب الدعوة أمس في بيان ثوري بأنه "لا يتحمّل وحده مسؤوليّة الفشل في إدارة الدولة"، تخبرنا مؤلفة الكتاب بحلم غاندي في بناء وطن لجميع أبناء الهند: "ليس مهمّاً أن يتولّى أمر البلاد مسلم أو هندوسي أو من طائفة المهمّشين، المهمّ أن يكون هنديّاً في المقام الأول والأخير".
(عن صحيفة مدى العراقية)