من انقطاع دام 7 أعوام، إلى تدريبات عسكرية ثنائية أمريكية مصرية، وصولا لمشاركة تضم 25 دولة، توسعت التدريبات العسكرية الدولية المعروفة باسم "النجم الساطع" بمصر، في منطقة مثقلة بالاضطرابات.
والسبت الماضي، انطلقت بقاعدة محمد نجيب العسكرية، شمال غربي مصر، تدريبات "النجم الساطع"، بمشاركة 9 دول، بينها مصر والسعودية والولايات المتحدة، بجانب 16 دولة بصفة مراقب. ومن المقرر أن تنتهي الخميس المقبل.
تدريبات رأت فيها واشنطن "أمرا حيويا لتأمين مصالح بلادها"، و"توجيه رسالة واضحة لمن يرغب في النيل من أوطاننا"، و"تعزز رؤيتنا لمنطقة أكثر استقرارًا وازدهارًا"، وفق عسكريين أمريكيين.
وفي ظل ما ذهب إليه مراقبون من احتمال أن تفضي التدريبات إلى عملية عسكرية مشتركة بالمنطقة، استبعد خبير عسكري مصري الطرح.
فيما لفت خبيران سياسيان مصريان، إلى أهمية تلك التدريبات، خصوصا وأن طبيعة الأوضاع بالمنطقة لا تشير إلى حروب نظامية، بل أغلب ما يحدث فيها هو عبارة عن حروب ضد تنظيمات، ما يستدعي سرعة توحيد مفاهيم المواجهة ونقل الخبرات في الإطار الجديد.
اضطرابات ومصالح
عاطف سعداوي، الخبير في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية (حكومي)، اعتبر أنّ الطرح الأمريكي لطبيعة التدريبات والمشاركة المتزايدة فيها، أمر متوقع، في ظل ظروف المنطقة، خصوصا في اليمن وسوريا والعراق وليبيا وغيرها.
وأشار سعداوي إلى أن التدريبات "تعني مستوى جيدا من العلاقات المصرية الأمريكية، وتتماشى مع طبيعة المنطقة غير المستقرة المليئة بالتنظيمات والإرهاب، ومع الحاجة إلى تدريبات تتطابق في نفس الأهداف سواء في الحرب على الإرهاب أو غيره".
طرح يتفق فيه معه أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، سعيد صادق، والذي رأى في الاضطرابات التي تهز المنطقة، سببا رئيسيا للتوسع في أعداد الدول المشاركة في تدريبات "النجم الساطع".
وأضاف صادق، أن "غالبية الدول المشاركة بالتدريبات صديقة لأمريكا"، مستشهدا على ذلك بمشاركة دولتي الإمارات والسعودية اللتين تشاركان بالتحالف العربي في اليمن.
وأوضح أن الطبيعة الصحراوية لقاعدة محمد نجيب، القريبة من الحدود الغربية مع ليبيا، حيث يقام التدريب، مناسبة لمثل هذه الدول لمعرفة أحدث القدرات القتالية والعسكرية.
ووفق صادق، فإن مصر تتعاون، في الآونة الأخيرة، مع غالبية الدول عسكريًا عبر تدريبات، وهو ما يدفع واشنطن للحفاظ على علاقاتها مع القاهرة عبر أكبر تدريب عسكري مشترك.
رسائل واشنطن
وفي كلمة بالتدريبات نقلها بيان سابق للجيش المصري، قال اللواء جون مات، مدير التدريب من الجانب الأمريكي، إن "هدف المشاركة في مناورات النجم الساطع هو الاستفادة من كل فرصة متاحة للتعاون المشترك، لتعزيز العلاقات وتوجيه رسالة واضحة لمن يرغب في النيل من أوطاننا".
وأكد مات أن "التدريبات المشتركة تساهم في إعداد وتدريب القوات، وتوضح قيمة العمل المشترك، كما أنها تمثل فرصة ذهبية لإيجاد أفضل الطرق لمواجه تهديدات الأمن الإقليمي".
ونقل موقع "Defense media activity"، الذي يتابع شؤون وزارة الدفاع الأمريكية، عن الجنرال أيضا تأكيده على أن "تجربة هذا العام ستختبر قدرتنا الجماعية على العمل معا من أجل معالجة سيناريوهات واقعية، عبر المجالات الجوية والبرية والبحرية، وتحدي وتدريب طاقمنا المشترك بالمعارك في مناطق البعثات المحددة (لم يحددها)".
من جهتها، نقلت السفارة الأمريكية بالقاهرة، عبر موقعها الإلكتروني، عن قائد القيادة المركزية الأمريكية، جوزيف فوتيل، قوله إن تدريبات النجم الساطع "تعزز رؤيتنا لمنطقة أكثر استقرارًا وازدهارًا، مع إدارة فعالة على نحو متزايد، وتحسين الأمن، والتعاون الإقليمي".
ولفت إلى أن "القيادة المركزية ترى أن هذا التمرين المشترك الموسّع أمر حيوي لتأمين المصالح الأمريكية والمصرية، ويعبر عن عمق علاقات التعاون العسكري مع مصر، وهي شراكة تاريخية تلعب دورا قياديا في مكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي".
لا عملية مستقبلية
الخبير العسكري المصري، اللواء المتقاعد، طلعت مسلم، اعتبر أن القوات الأمريكية هي الأكثر استفادة في هذه التدريبات، حيث إنها تتدرب في مناطق ذات طبيعة جغرافية أقرب للمناطق التي تشترك فيها دول حلف شمال الأطلنطي (الأطلسي/ ناتو) في عمليات قتالية.
وأضاف مسلم، أن أهمية تدريبات النجم الساطع تنحصر في استفادة الدول المشاركة من بعض خبرات دول حلف شمال الأطلسي في مكافحة الإرهاب.
وأشار إلى أن التوسع الحالي (للتدريبات) في عدد الدول "لا علاقة له" بأي عملية مستقبلية في المنطقة، ورغم توسعها، إلا أن أهميتها تقل "كونها تتحول إلى علاقات عامة بدلا من كونها تدريبا مشتركا لعناصر محددة".
والعلاقات المصرية الأمريكية تُوصف بـ "الوثيقة والإستراتيجية"، حيث تقدم واشنطن لمصر نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية، بينها 1.3 مليار مساعدات عسكرية، وذلك منذ توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل العام 1979.
أكبر مناورة عسكرية بالمنطقة
وفق بيان سابق للجيش المصري، يهدف تدريب النجم الساطع لهذا العام، لـ"التخطيط لإدارة أعمال القوات البحرية والجوية المشتركة، والتدريب على أعمال القتال غير النمطية ومهاجمة البؤر الإرهابية المسلحة وتطهيرها".
كما يهدف أيضا لـ"مكافحة العبوات الناسفة، والتدريب على كافة سيناريوهات التهديدات المختلفة في ظل الحرب التقليدية وغير النظامية".
وتشارك في التدريبات عناصر من القوات البرية والبحرية والجوية والقوات الخاصة لكل من مصر، والولايات المتحدة، واليونان، والأردن، وبريطانيا، والسعودية، والإمارات، وإيطاليا، وفرنسا.
ويشارك بصفة مراقب، لبنان، ورواندا، والعراق، وباكستان، والهند، وكينيا، وتنزانيا، وأوغندا، والكونغو الديمقراطية، وتشاد، وجيبوتي، إلى جانب مالي، وجنوب إفريقيا، والنيجر، والسنغال، وكندا.
وأغلب هذه الدول تشهد حروبا غير نظامية وعمليات إرهابية، كما أنها تلعب دورا سياسيا أو عسكريا في مناطق باليمن وسوريا وليبيا، بخلاف إفريقيا التي تواجه بعض دولها تنظيمات متطرفة ونزاعات وأزمات.
تدريبات النجم الساطع وصفت في بيان للجيش المصري بأنها "أكبر مناورات عسكرية بالمنطقة (..) وتساهم في تعزيز العلاقات الإستراتيجية والأمنية بين الولايات المتحدة الأمريكية ومصر".
وتدريب النجم الساطع بدأ منذ 1981، وكان آخر تدريب بمصر عام 2009، قبل أن يتوقف بسبب الأحداث الداخلية عام 2011 مع ثورة يناير/ كانون الثاني 2011.
ولم يستأنف بعدها مع توتر العلاقات بين البلدين في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عام 2013، إثر إعلان الجيش المصري عزل الرئيس الأسبق المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب.
وتم استئناف التدريبات في 2017، وسط تحسن في العلاقات بين مصر والولايات المتحدة بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسًا، ولكن عبر 200 جندي فقط ، قبل أن تتوسع هذا العام لتشمل 800 جندي.
مبادرات أهلية بمصر لتيسير الزواج ومحاربة العنوسة
غلاء الأسعار ودخول المدارس يسرقان فرحة المصريين بالعيد
كيف قارن النشطاء بين خطابي أردوغان الأخير ومرسي؟