جدّد حزب العدالة والتنمية المغربي تمسكه بالتحالف الاستراتيجي مع حزب التقدم والاشتراكية، وأكد أن استمرار هذا التحالف مصلحة وطنية.
وأكد سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن الحزب متشبث بتحالفه مع حزب التقدم والاشتراكية، وقال: "نحن متشبثون بتحالفنا مع التقدم والاشتراكية واختلاف وجهات نظرنا لا يعني بتاتا أننا سنتخلى عن شراكتنا".
وأضاف العثماني، في كلمة له بالدورة الاستثنائية للمجلس الوطني لحزبه اليوم: "إن حزب التقدم والاشتراكية حزب وطني عريق لديه القدرة على اتخاذ الموقف الصائب في لحظات الإصلاح ونحترم قراراته ولنا الثقة في استمرار هذه الشراكة"، وفق تعبيره.
من جهته أكد رئيس الحكومة المغربية السابق عبد الإله بنكيران، في تصريحات له على هامش مشاركته في اجتماعات المجلس الوطني للحزب باعتباره عضوا فيه، أن "استمرار التحالف بين العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية مصلحة وطنية"، كما قال.
وهكذا يكون حزب العدالة والتنمية قد وضع مسألة استمرار تحالفه مع حزب التقدم والاشتراكية بطرف هذا الأخير، الذي يستعد لعقد اجتماع للجنته المركزية السبت المقبل 22 أيلول / سبتمبر الجاري، للحسم في مسألة استمراره في التحالف الحكومي من عدمه.
وأكد الإعلامي والمحلل السياسي المغربي نورالدين الأشهب في حديث لـ "عربي21"، أن "خيارات حزب التقدم والاشتراكية ليست كثيرة، وأن مصلحته الحزبية أولا تقتضي بقاءه في الحكم، بسبب ضعفه البرلماني، وكذا تراجع مكانته الأيديولوجية".
وقال الأشهب: "سيكون حزب التقدم والاشتراكية هو الخاسر الأكبر في حال قرر الخروج من الحكومة إلى المعارضة، ذلك أنه لا يملك لا قاعدة نخبوية قوية، باعتبار أن أغلب أعضائه في البرلمان هم من الأعيان أصحاب النفوذ المالي والاجتماعي وليس الأيديوبوجي، كما أنه خسر قواعده الشعبية بعد تحالفه مع العدالة والتنمية وعدم قدرته على اتخاذ مواقف تتناسب ومرجعيته الايديولوجية الشيوعية، في عدد من الملفات الرئيسية".
واعتبر الأشهب، أن خروج التقدم والإشتراكية من حكومة سعد الدين العثماني، لن يسقط الحكومة، ولن يكون مدخلا لانتخابات سابقة لأوانها، لأن البلاد ـ برأيه ـ لا تحتمل هذا السيناريو"، على حد تعبيره.
وكان سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومة، قد زار أول أمس الخميس، منزل نبيل بن عبد الله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية، على رأس وفد ضمّ مصطفى الرميد وجامع المعتصم، في محاولة لإيجاد حل للأزمة التي خلفتها إقالة كاتبة الدولة في الماء شرفات أفيلال.
ولم يرشح عن اللقاء أي موقف رسمي يؤكد الموقف النهائي لحزب التقدم والاشتراكية، سوى ما قاله نبيل بنعبد الله من أنه سينقل إلى القيادة الوطنية لحزبه فحوى اللقاء، الذي سيكون عنصرا من عناصر النقاش حول الموقع الذي سيحتله الحزب في المشهد السياسي.
القصر على الخط
وكانت مصادر إعلامية مغربية قد كشفت النقاب في وقت سابق الأسبوع الجاري، أن المستشار الملكي القوي فؤاد عالي الهمة أجرى اتصالا هاتفيا مع الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله، على خلفية إقالة شرفات أفيلال من منصبها ككاتبة للدولة مكلفة بالماء.
وأكد الهمة، في الاتصال أن "حذف كتابة الدولة المكلفة بالماء هو مقترح تقدم به رئيس الحكومة سعد الدين العثماني للملك، الذي قبِله".
وكان الاتصال، وفق صحيفة "الأيام24" المغربية، مناسبة لفؤاد عالي الهمة ليخبر بنعبد الله أن القصر ليس لديه أي مشكل مع حزب "التقدم والاشتراكية"، عكس ما يتم الترويج له إعلاميا وشعبيا، كما طلب منه أن يبقى الحزب ضمن مكونات الائتلاف الحكومي دون أن يفهم من ذلك أنه تدخل في الشؤون الداخلية للحزب، بعدما سبق له أن هدد بالانسحاب.
ونشبت أزمة بين حزبي "العدالة والتنمية" و"التقدم والاشتراكية، وهو الحزب الوحيد الذي أعلن تحالفه مع "العدالة والتنمية" قبل إجراء الانتخابات البرلمانية الأخيرة، سواء في الأغلبية أو المعارضة، عقب بلاغ صادر عن الديوان الملكي في أواخر آب (أغسطس) الماضي، وافق فيه الملك محمد السادس على اقتراح رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، بحذف كتابة الدولة المكلفة بالماء لدى وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، ونقل وإدماج جميع صلاحياتها، ضمن هياكل واختصاصات هذه الوزارة مع العمل على مراجعة هيكلتها التنظيمية.
وفجّر قرار العثماني حذف وزارة الماء غضب حزب التقدم والاشتراكية، الذي عبّر أمينه العام نبيل بنعبد الله، عن استغرابه لـ "الأسلوب والطريقة التي دبر بها رئيس الحكومة هذا الأمر، إذ لم يتم إخبار الحزب ولا كاتبة الدولة المعنية بهذا المقترح قبل عرضه للمصادقة".