أجمع محللون على أن وقف الدعم الأمريكي المقدم للسلطة الفلسطينية لن يؤدي إلى تفجر الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، بين الفلسطينيين والاحتلال، على اعتبار أنه (الدعم) ما زال متواصلا للأجهزة الأمنية، واستمرار التنسيق الأمني الكامل بين السلطة والاحتلال.
وقال المحللون إن وقف الدعم طال قطاعات اقتصادية وخدمية فلسطينية لا سيما المستشفيات والمشاريع الحيوية، لكنه لم يمس الأجهزة الأمنية التي تتلقى دعما مستقرا ومستمرا على مدار السنوات الماضية، ويقدر بنحو 100 مليون دولار سنويّا.
وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت، حذر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينيت)، من "تصاعد احتمالات اندلاع أعمال عنف في الضفة الغربية" المحتلة، نتيجة الإجراءات الأمريكية والقرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وفقا لما أوردته "شركة الأخبار" الإسرائيلية.
وقال آيزنكوت، في عرضه لتقييم جيش الاحتلال الإسرائيلي للأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، خلال نقاش "الكابينيت"، إن "احتمالات تفجر الوضع في الضفة تتراوح بين 60 إلى 80%"، الأمر الذي اعتبره المحللون مبالغا فيه إذا ما تم قياسه بحجم التنسيق الأمني، والدور الذي تؤديه أجهزة أمن السلطة في وقف الهجمات الفدائية، ومنع تفجر الأوضاع مع الاحتلال في الضفة.
أستاذ العلوم السياسية عبد الستار قاسم قال، إن أغلب المساعدات التي أبقت عليها الإدارة الأمريكية تصب في صالح تقوية سطوة الأجهزة الأمنية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
وأضاف في حديث لـ"عربي21"، أن السلطة تقدم نفسها دائما على أنها تسيطر على الوضع في الضفة، وتمنع حركات المقاومة من تنفيذ أي هجمات ضد إسرائيل حتى بعد وقف المساعدات الأمريكية مؤخرا".
وأضاف: "ما نسمعه من السلطة في الإعلام حول موقفها من الخطوات الأمريكية الأخيرة يتنافى مع ممارساتها على الأرض، فهي ما زالت تقدم خدمات أمنية لاسرائيل وتتفاخر بذلك".
لكن قاسم قال إن قطع المساعدات قد يؤدي إلى تفجر الأوضاع في الضفة فعليا، إذا ما شعر اللاجئون بخسارتهم للخدمات المقدمة لهم، وجرى قطع المزيد من رواتب الموظفين، ما يعني أن مزيد من الفلسطينيين سيصبون جام غضبهم على إسرائيل في صورة هجمات وعمليات" متابعا: "كلما جاع شعب يصبح أقرب إلى الثورة، وهذا لا يصب في صالح الكيان الإسرائيلي".
اقرأ أيضا: تخفيض 200 مليون دولار من المساعدات الأمريكية للسلطة
النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشة قال إن واشنطن تقطع الدعم المالي عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، "أونروا"، وعن المستشفيات الفلسطينية في القدس المحتلة، فيما تستثني أجهزة أمن السلطة في الضفة من وقف المساعدات والدعم المالي.
وطالب خريشة في تصريح لصحيفة فلسطين؛ السلطة في رام الله، برفض الدعم الأمريكي المتواصل لأجهزتها الأمنية في الضفة الغربية المحتلة، ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي؛ وذلك ردّا على السياسات الأمريكية تجاه القضية وحقوق الشعب الفلسطيني.
وأضاف: "من غير المعقول أن يصل وقف المساعدات الأمريكية حتى عن مشافي مدينة القدس المحتلة التي تمس حياة المرضى وأصحاب الحاجة، فيما تقبل السلطة المساعدات لأجهزتها الأمنية".
إلى ذلك قال مقرر اللجنة الاقتصادية والمالية في المجلس التشريعي، عاطف عدوان، إن "المساعدات والمنح الأمريكية ما زالت مستمرة ومخصصة لدعم الأجهزة الأمنية، أو ما يعرف بالتنسيق الأمني الذي يقدر بـ100 مليون دولار سنويا، و"هي مساعدات ثابتة ومستقرة وتعتبر ضمن متطلبات الأمن القومي الأمريكي".
وأضاف في حديث لـ"عربي21": أن كل القطاعات الأخرى (غير الأمنية) التي كانت تمولها واشنطن كانت تخضع للمزاج العام، ولم تشهد استقرارا كدعم الموازنة الذي يتراوح قيمته من 50-60 مليون دولار، حيث قدمت واشنطن منذ عام 1994 مساعدات مباشرة للموازنة في خمس مناسبات فقط".
وتُواصل الإدارة الأمريكية، إصدار قرارات تنتهك الحقوق الوطنية للفلسطينيين، وتُشكل خطرا حقيقيا على القضية الفلسطينية، لمساسها بالملفات الأساسية ومنها القدس وحق العودة الفلسطيني في سياق حل مشكلة اللاجئين.
اقرأ أيضا: باحث إسرائيلي: جهاز الأمن يرفض معاقبة ترامب للسلطة
ومن بين تلك القرارات، اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة واشنطن إليها من تل أبيب، وسعيه لإنهاء عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وتغيير صفة اللاجئين ليخفض عددهم من أكثر من خمسة ملايين إلى عشرات الآلاف فقط، ووقفه الدعم المالي بشكل تام لـ"أونروا".
كما شملت القرارات أيضا إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن، وهي خطوات تسعى الأخيرة من خلالها لفرض ما تسمى "صفقة القرن" (خطة سلام خاصة بترامب)، على القيادة الفلسطينية.
الأونروا تفتح باب التقاعد الاستثنائي لموظفيها في غزة
السلطة تهدد بالتوجه للأردن تجاريا بدلا من إسرائيل.. هل تنجح؟
36 عاما على المجزرة الأليمة في "صبرا وشاتيلا"