لم يتوقف الرئيس
الأمريكي، دونالد
ترامب، عن مطالبة دول الخليج بدفع ثمن التحالف مع الولايات
المتحدة الأمريكية، والخدمات التي يقدمها الحليف القوي
وفي حملته الانتخابية
عام 2016 هاجم ترامب دول الخليج صراحة وقال إنها تملك المال، وإنها لا وجود لها
دون أمريكا، وإن عليهم أن يدفعوا.
وعندما أعلن ترامب في كانون
الأول/ ديسمبر 2017 استراتيجيته للأمن القومي، طالب البلدان الثرية بأن تسدد
للولايات المتحدة الأمريكية تكلفة الدفاع عنها، في إشارة أيضا إلى دول الخليج التي
يرى بعضها في الجارة إيران تهديدا لأمنها القومي.
وأفلحت تهديدات ترامب
بجذب الأموال الخليجية إلى جيب الولايات المتحدة الأمريكية عبر صفقات سلاح
واستثمارات مباشرة لدعم الاقتصاد الأمريكي، إلا أن رجل الأعمال السابق لا يزال
يطلب المزيد.
وطالب ترامب الدول
المنتجة للنفط في الشرق الأوسط، والتي تتصدرها المملكة العربية
السعودية، بخفض
أسعار النفط عبر زيادة الإنتاج، مذكرا هذه الدول بالحماية الأمريكية.
إساءة متوقعة
الخبير بالشأن
الأمريكي والشرق الأوسط، محمد عويص، قال إن ترامب ليس رجل سياسة ولا يفقه بالدبلوماسية،
بل إنه تعامل بمنطق الوعيد والتهديد.
وتابع عويص في حديث لـ"
عربي21" بأن ترامب
لا يستخدم استراتيجية العصا والجزرة، بل يكتفي بالعصا وحدها، ويعمل بعقلية
المافيا.
ونوه إلى أن العرب
ارتضوا رهن أنفسهم للولايات المتحدة الأمريكية، وإن عليهم توقع الإساءة سرا وعلنا
من الرئيس ترامب، وتهديد أمنهم وأموالهم.
وأكد أن معظم الدول
العربية أهانت نفسها بالارتهان لترامب، وإن هذه الإهانة لن تنتهي بمغادرة ترامب
لمنصبة، بل ستمتد إلى ما بعد ترامب، خصوصا إذا ما كان الرئيس القادم جمهوريا، أما
إذا كان ديمقراطيا فإنه سينتقم من كل من وقف مع ترامب ضد مصالح الشعب الأمريكي.
وقال عويص إن هجوم
الرئيس ترامب الأخير على دول الشرق الأوسط بسبب النفط ربما يكون للهروب من أزماته
الداخلية، وفشله في الملفات الخارجية كالملف الصيني، والكوري الشمالي، والعلاقة مع
الاتحاد الأوروبي، فهو يهاجم الحلقة الأضعف وهي العرب.
وكان ترامب طلب من
السعودية تعويض النقص في النقط الإيراني عبر زيادة الإنتاج، وذكر من جديد بالحماية
الأمريكية لدول "أوبك" النفطية.
والدول العربية الأكثر
إنتاجا في منظمة الدول المصدرة للبترول هي على الترتيب: المملكة العربية السعودية، والعراق،
والإمارات، والكويت.
وطالب ترامب في تموز/
يوليو 2018 الماضي، دول الخليج النفطية وعلى رأسها السعودية التي قال إنه تربطه
بحكامها علاقات جيدة، تعويض نفط إيران التي قال إنها عدو لدول منظمة
"أوبك".
وقال ترامب في مقابلة
مع شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية إن "الولايات المتحدة توفر الحماية
لكثير من دول المنظمة النفطية".
ثمن الحماية
النائب السابق في
البرلمان
الكويتي ناصر دويلة، أشار إلى أن ترامب يتحدث بأسلوب واحد منذ توليه
الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية وهو أن تدفع دول الخليج ثمن الحماية
الأمريكية.
وأشار الدويلة لـ"
عربي21" إلى أن الدفع يكون بعدة أشكال؛ أولها عبر عدد من صفقات
السلاح التي لا يبررها حجم جيوش الخليج، والشكل الآخر للدفع هو المساهمة المباشرة
في الاقتصاد الأمريكي عبر ضخ الاستثمارات.
أما الشكل الأخير الذي تحدث عنه ترامب صراحة، فيتمثل في تخفيض أسعار النفط عبر زيادة الإنتاج بغض
النظر عن تأثير ذلك على ميزانياتها وأمنها الاقتصادي، بحسب تعبيره.
وخلال زيارة ترامب
للسعودية في مايو/ أيار 2017 اتفق مع ولي العهد السعودي ووالده على "صفقة
أسطورية" بقيمة تتراوح بين 450 و500 مليار دولار تشكل مبيعات الأسلحة
الأمريكية حصة الأسد منها. أما القسم المتبقي فجله استثمارات سعودية في الولايات
المتحدة بهدف خلق الوظائف وفرص العمل.
وفي آذار/ مارس 2018
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، عن موافقة خارجية الولايات المتحدة على
صفقة عسكرية محتملة مع كل من دولتي
قطر والإمارات، بقيمة إجمالية تقارب النصف
مليار دولار.
وقالت الوزارة في بيان
صحفي، إن "الخارجية الأمريكية وافقت على صفقة محتملة قيمتها 197 مليون دولار،
لتطوير مركز العمليات الجوية للقوات الجوية القطرية".
وفي البيان ذاته، قال
البنتاغون إن "الخارجية الأمريكية وافقت أيضا على صفقة محتملة لبيع 300 صاروخ
سايدويندر وعتاد مرتبط بها، للإمارات بقيمة تزيد على 270 مليون دولار".
وأشار الدويلة إلى أن
النبرة التي يستخدمها ترامب ضد دول الخليج هي تمهيد لما يخطط له من حرب في المنطقة مع
إيران تقوم فيها إسرائيل وأمريكا بضربات للمشروع النووي الإيراني..
وبعد الضربات ستفتح
أمريكا المجال لليد الإيرانية للعيث فسادا في الخليج عبر ردة فعل على الدول
الخليجية التي ستنطلق منها أو مرت في أجوائها الضربات الأمريكية، ولن تملك دول
الخليج صد الضربات الإيرانية ولن تتدخل أمريكا لتذكير الخليج بالحماية الأمريكية
التي تحدث عنها ترامب.
ولفت إلى أن هذا سيكون
بداية مرحلة جديدة من العلاقة مع الخليج الذي سيستجدي الحماية الأمريكية بشروط
ترامب الجديدة التي لا يعرف أحد إلى أين ستصل.
وختم الدويلة بأن العالم
الآن أمام ظاهرة جديدة في العلاقات الدولية تقوم على بلطجة الدول الكبرى على الدول
الأصغر منها.
وفي حوار يعود لعام
1988، مع المذيعة أوبرا وينفري، قال ترامب إن بلاده ستحصل على الكثير من أموال
الخليج، مضيفا أن أفقر شخص بالكويت يعيش حياة الملوك، ومع ذلك فهم لا يدفعون، ونحن
نسهل بيع بترولهم، وتساءل: "لماذا لا يدفعون لنا 25 بالمائة من دخلهم؟".