يعيش الآلاف من الصيادين اليمنيين في المناطق الساحلية الغربية على سواحل البحر الأحمر، واقعا مرا وأوضاعا مأساوية في حرب لم تستثنيهم، وجعلت منهم أهدافا عسكرية لضربات جوية وبحرية من طيران وبوارج تحالف عسكري تقوده السعودية منذ أكثر من ثلاثة أعوام، ضد المتمردين الحوثيين، أوقعت المئات بين قتيل وجريح.
ففي أقل من شهر، قتل نحو ثلاثين صيادا وأصيب عدد أخر، إثر قصف نفذته قوات التحالف على زورق يقلهم، قبالة سواحل مدينة الحديدة (غربا)، ما طرح أسئلة عدة إزاء تزايد حالات الاستهداف للصيادين، على امتداد الشريط الساحل على البحر الأحمر.
كما أن الصيادين الموجودين في المناطق الساحلية الخاضعة لسيطرة قوات تشرف عليها الإمارات، يواجهون إجراءات المنع من الصيد، رغم أنه يمثل مصدر الرزق لكثير من السكان المحليين في تلك المناطق، بما يفاقم من معاناتهم وذويهم.
معاناة متعددة
وفي هذا السياق، أفاد مصدر يمني يعمل في الصيد بأن صيادي المناطق الساحلية الخالية من
سيطرة الحوثيين، وخصوصا في الشريط الساحلي لمدينة المخا، يتعرضون لأشكال متنوعة من المعاناة، أبرزها "حرمانهم من الاصطياد في البحر، وهو إجراء فاقم من تدهور أوضاع المعيشية، كونه المصدر الوحيد للرزق".
وقال في تصريح خاص لـ"عربي21"، مفضلا عدم ذكر اسمه، إن الصيادين في المخا، يتعرضون للاعتقال والاحتجاز التعسفي، من قبل القوات الإماراتية، ومصادرة قواربهم، في أثناء محاولتهم التوجه إلى البحر للصيد.
وأضاف المصدر أن زواق تابعة للقوات الإماراتية المتمركزة في مدينة المخا، تقوم بمطاردتهم من على بعد 10 أميال بحرية غرب ميناء المخا، و5 أميال من جهتي جنوب وشمال هذا الميناء الاستراتيجي الذي حولته إلى ثكنة عسكرية.
ورغم حجم المسافة، يتابع قائلا : إلا أن الإماراتيين يتذرعون بأنها منطقة أمنية".
ووفقا للمتحدث ذاته، فإن قوات خفر السواحل اليمنية تتعاطف مع الصيادين، وتقدم لهم تسهيلات
للاصطياد، إلا أن توجيهات إماراتية تطالب تلك القوة باحتجاز الصيادين، وتتخاطب مع الجنود اليمنيين بألفاظ غير سوية.
كما أشار إلى أن هناك تنسيقا بين القوات الإماراتية والإرتيرية ضد الصيادين اليمنيين، حيث تم تسجيل اختطاف صيادين يمنيين من قبل قوات إرتيرية دخلت المياه الإقليمية اليمنية، أمام مرأى ومسمع من بوارج التحالف وطيرانه " الأباتشي" الذي كان يحلق حينها.
وبحسب المصدر الذي يعمل صيادا، فإنه رغم الوعود التي قطعها التحالف للصيادين أنه بعد طرد المسلحين الحوثيين من مدينة الخوخة، وميناء الحيمة العسكري (جنوبي الحديدة)، سيتم السماح لهم بالعمل بحرية وأريحية، وفتح البحر أمامهم، تعويضا على قرار منعهم من الصيد من بحر المخا.
لكن، بعد السيطرة على تلك المنطقة والميناء، تبددت تلك الوعود أمام ما وصفها "أطماع إماراتية" تريد بقاء الميناء مغلقا، وتعطيل حركة الصيادين في ساحل الخوخة. حسبما ذكره الصياد اليمني
كما يعاني الصيادون في المخا، وفقا للمصدر، من ارتفاع سعر الوقود، رغم وجود محطة نفطية تابعة لشركة النفط (حكومية)، تسيطر عليها قوات التحالف، ومع ذلك، يتم تفريغ شحنات كبيرة من الوقود فيها، فيما لا يجد الصياد حتى لترا واحدا يشتريه، ليذهب مرغما لشرائه من السوق السوداء بثمن باهظ.
500 بين قتيل وجريح
بموازاة ذلك، تثير عملية الاستهداف المتكررة والمتعمدة، لقوارب الصيد، حالة من الاستياء والغضب الواسعين في الأوساط اليمنية، وتساؤلات عدة حول تحول الصيادين إلى أهداف عسكرية للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية، الذي يفترض أن يوفر الحماية لهم، لاسيما أن الشريط الساحل الممتد على ساحل البحر خاضع للرقابة على مدار الساعة من القطع البحرية الحربية التابعة لقواته.
ويقدر عدد الضحايا من الصيادين اليمنيين الذين قتلوا بنيران قوات التحالف منذ انطلاق عملياته في العام 2015 أكثر من 500 بين قتيل وجريح. وفقا لتقديرات غير رسمية.
ففي 19 من الشهر الجاري، قتل 18 صيادا بهجوم نفذته فرقاطة تابعة لقوات التحالف، قبالة ميناء الخوخة المطل على البحر الأحمر، الذي تسيطر عليه القوات الإماراتية منذ كانون الأول/ديسمبر 2017.
ثمن باهظ
من جانبه، قال الصحفي والناشط اليمني، وديع عطا إن صيادي الحديدة يدفعون ثمنا باهضا في هذه الحرب، التي جعلت منهم ضحايا مطرقة " الابتزاز والترهيب في مناطق سيطرة "المليشيا الانقلابية" (يقصد بها الحوثيون)، وسندان " طيران التحالف ومدافع بوارجه الحربية".
وأضاف في تصريح خاص لـ"عربي21" أن "قوات التحالف قتلت نحو 280 صيادا، وجرحت أكثر من 250 خلال 75 غارة جوية بطيران "الأباتشي" و " F16"، منذ بدء عاصفة الحزم حتى الآن". مؤكدا أن الجناة لم يبدوا أي سلوك أخلاقي تجاه هؤلاء الضحايا كنوع من المواساة والاعتراف بالخطأ.
كما اتهم الصحفي عطا، الحكومة الشرعية، بتجاهل الضحايا وحاجتهم للتعويض، وجبر ولو بعض الضرر أسوة بآخرين في محافظات جنوبية.
ووفقا للصحفي اليمني، فإن هناك خيبة أمل لدى سكان السواحل الجنوبية للحديدة المحررة، بعدما بات أبناؤهم العاملون في الصيد أهدافا لضربات التحالف، الذي لديه دراية كاملة من أين تنطلق تلك القوارب، ويفترض أن يكون تحت حمايته.
ودعا الناشط اليمني المجتمع الدولي لممارسة الضغط على التحالف السعودي الإماراتي للحد من جرائم استهداف الصيادين الأبرياء، وضمان حقهم في ممارسة الاصطياد كونه مصدر عيشهم الوحيد.
ومنذ 2014، يشهد اليمن حربا بين الحوثيين والقوات الحكومية، تصاعدت مع تدخّل السعودية على رأس تحالف عسكري في آذار/ مارس 2015 دعما للحكومة المعترف بها دوليا، بعدما تمكّن الحوثيون من السيطرة على مناطق واسعة من البلاد بينها صنعاء ومحافظة الحُديدة.
وأوقعت الحرب أكثر من عشرة آلاف قتيل منذ تدخل التحالف في 2015 وتسببت بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ إن ملايين اليمنيين مهددون بالمجاعة.
هجوم جديد للتحالف العربي ضد فريق خبراء الأمم المتحدة
"أسف" ألماني يقود لمصالحة بين الرياض وبرلين بالأمم المتحدة
اتهام لبومبيو بانتهاك القانون ومذكرة توضح موقفه من اليمن