صحافة دولية

فيلت: هل كان خاشقجي يشكل فعلا خطرا على النظام السعودي؟

تعتقد السلطات التركية أن خاشقجي قتل في داخل القنصلية - جيتي
نشرت صحيفة "فيلت" الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، الذي تعتبر حادثة اختفائه في ظروف مسترابة سابقة خطيرة من نوعها في تاريخ المملكة العربية السعودية. فهل كان خاشقجي يشكل خطرا جديا على النظام السعودي؟

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن خاشقجي ذهب إلى القنصلية السعودية بإسطنبول رفقة خطيبته، خديجة جنكيز، للحصول على شهادة طلاق من زوجته السابقة حتى يتسنى له الزواج ثانية. وفي ذلك الوقت، لم يكن يعلم أنه لن يرى خطيبته مجددا. وعلى الرغم من مرور أسبوع على اختفائه، لم ترد أي معلومات بعد حول مصيره.

وأكدت الصحيفة أن السلطات التركية تعتقد أن خاشقجي تعرض للاغتيال داخل مقر القنصلية. ووفقا للتحقيقات، ذهب 15 عنصرا إلى تركيا بهدف تصفية الصحفي السعودي المختفي ثم تم نقل جثته إلى الخارج. من جهتها، نفت السلطات السعودية أي صلة لها بحادثة اختفاء خاشقجي.

وتطرح هذه الحادثة العديد من التساؤلات حول السر وراء اختفاء هذا الصحفي بشكل غريب ومدى تأثيرها على علاقة المملكة العربية السعودية بمختلف القوى الإقليمية، التي تسعى إلى بسط نفوذها في منطقة الشرق الأوسط. كما تثير هذه الحادثة الجدل حول تعامل النظام السعودي مع معارضيه.

وأشارت الصحيفة إلى أن الباحث لدى الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية، سيباستيان سونس، يستبعد احتمال تورط النظام السعودي في اغتيال خاشقجي، حيث أفاد أن "ثبوت ضلوع الحكومة السعودية في اغتيال خاشقجي أمر قد يشوه صورة المملكة في الخارج. كما قد يؤدي ذلك إلى توتر علاقة السعودية مع كل من تركيا والولايات المتحدة الأمريكية".

وأوضحت الصحيفة أن خاشقجي كان لفترة طويلة صحفيا مقربا من عائلة آل سعود، حيث أنه كان رئيس تحرير جريدة "الوطن" الممولة من قبل الحكومة السعودية. وفي سنة 2003، شغل منصب رئيس تحرير هذه الجريدة لأول مرة، لكنه لم يصمد في منصبه سوى شهرين، حيث أنه سرعان ما انتقد السلفية، الأمر الذي أثار انزعاج العائلة المالكة. وفي سنة 2007، تقلد هذا الصحفي المنصب ذاته لمدة 3 سنوات. وقبل أن يستقيل من منصبه، نشر بعض المقالات الناقدة للنظام الحاكم السعودي.

وأوردت الصحيفة أن اختلافات الرأي بين خاشقجي وآل سعود لم تؤثر على العلاقة بين الطرفين، حيث عُين الصحفي السعودي مستشارا سياسيا للأمير تركي الفيصل، الذي تقلد منصب سفير السعودية في كل من لندن وواشنطن. في هذا السياق، قال سيباستيان سونس إن "خاشقجي لم يتحول من شخص مقرب للعائلة المالكة إلى معارض بين عشية وضحاها، بل كان معارضا عاديا. وبالتالي، فهو لا يشكل خطرا على النظام السعودي".

وأضافت الصحيفة أن خاشقجي خيّر الفرار إلى الولايات المتحدة الأمريكية في سنة 2017 بعد أن أصبحت حياته في بلاده معرضة للخطر. حيال هذا الشأن، أورد هذا الصحفي في مقال له في صحيفة "واشنطن بوست" قائلا: "لقد تركت عائلتي واستقلت من عملي في سبيل التمتع بحريتي".

 من جانبها، تطرقت الصحفية لدى مجلة "ذي نيويوركر"، روبين رايت، في مقال لها، إلى لقائها بالصحفي السعودي المختفي، حيث أوضحت أن "خاشقجي كان خائفا على حياته خاصة وأنه كان على يقين من أن الحكومة السعودية ستغتاله". وفي المقال ذاته، صرح الباحث لدى معهد بروكينغز، بروس ريدل، أن "اختفاء خاشقجي يدل على أن النظام السعودي يعتمد أسلوب الترهيب مع كل منتقديه ومعارضيه".

وأفادت الصحيفة أن حادثة اختفاء خاشقجي جاءت بعد موجة من الاعتقالات، التي شنتها الحكومة السعودية على عدد من الناشطين والمثقفين والوزراء السابقين في شهر أيلول/سبتمبر من السنة الماضية، على غرار عصام الزامل، الخبير الاقتصادي وصديق خاشقجي. وفي وقت سابق، انتقد الزامل المخطط السعودي لطرح أسهم شركة أرامكو في البورصة.

وتابعت الصحيفة أن الزامل وخاشقجي لطالما دافعا عن تنظيم الإخوان المسلمين، الأمر الذي أثار انزعاج الحكومة السعودية التي تصنف الإخوان في خانة التنظيمات الإرهابية. في هذا الإطار، أفاد الخبير سونس أن "الحكومة السعودية تعتبر كل مدافع عن تنظيم الإخوان المسلمين شخصا يشكل خطرا على النظام الحاكم".

 وذكرت الصحيفة أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يمارس سياسة العصا الغليظة مع كل المعارضين. في هذا الصدد، قال سونس إن "الشخصيات المعارضة لا تقدر على التعبير عن آرائها في السعودية". وعلى الرغم من أن ابن سلمان أقر جملة من الإصلاحات، من قبيل منح المرأة حق قيادة السيارة وفتح دور السينما، إلا أنه أقدم على اعتقال عدد من الناشطات الحقوقيات.