نشرت صحيفة
"
الإندبندنت" تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على التأثيرات السلبية لمنصات
التواصل الاجتماعي، التي أصبحت تحتل مكانة مهمة في حياتنا اليومية.
فقد أصبح استخدام هذه المنصات يؤثر سلبا على الذاكرة والنوم والقدرة على
الانتباه والتركيز.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إننا بتنا نعتمد على وسائل
التواصل الاجتماعي بشكل كبير في شتى تفاصيل حياتنا اليومية. وعلى الرغم من فوائدها
الكبيرة، إلا أن منصات التواصل تنطوي على مشاكل عديدة، خاصة فيما يتعلق
بالصحة العقلية للإنسان. وقد أثبتت الدراسات
أن استخدام هذه المواقع بشكل متكرر قد يؤدي إلى الشعور بعدم الارتياح
والعزلة على المدى الطويل. وتجدر الإشارة إلى أن هناك
ستة مظاهر يتجسد من خلالها التأثير السلبي لوسائل التواصل
الاجتماعي على صحتنا العقلية دون أن ندرك ذلك.
وأشارت الصحيفة إلى أن
وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر بشكل سلبي على تقدير الإنسان لذاته. فعندما نقارن
أنفسنا بالآخرين بناء على ما يقومون بنشره من صور مثالية على موقع إنستغرام، أو
متابعة حالاتهم العاطفية على حساباتهم الشخصية على موقع فيسبوك، يؤدي ذلك إلى تشويه اهتزاز
الصورة التي نملكها حول أنفسنا. في هذا الإطار، كشفت دراسة قامت
بها جامعة كوبنهاغن الدنماركية أن العديد من الأشخاص يعانون من ظاهرة
"حسد الفيسبوك"، مقارنة بالأفراد الذين امتنعوا عن استخدام
هذا الموقع الشهير، والذين أكدوا أنهم يشعرون بالرضا بشأن حياتهم.
والجدير بالذكر أن وعي
الإنسان بقيمة الوقت الذي يهدره في تصفح الملفات الشخصية لأشخاص آخرين على
الإنترنت، من شأنه أن يساعده على تغيير نمط حياته واستثمار وقته في التركيز بشكل
أكبر على تعزيز ثقته بنفسه.
وأضافت الصحيفة أن
طبيعتنا البشرية تحتم علينا التواصل فيما بيننا وإنشاء علاقات بعضنا مع بعض، بيد
أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في انهيار القدرة على التواصل المباشر
بين الأشخاص. ففي ظل وجود هذه الشاشات المستطيلة التي تعرض
لنا الشخصية الرقمية للأفراد، بتنا لا نعرف هوية أصدقائنا
الحقيقة. وفي هذا الصدد، كشفت دراسة نُشرت في المجلة الأمريكية لعلم
الأوبئة، أجريت على 5 آلاف و208 أشخاص أن الاستخدام المنتظم
لموقع فيسبوك، كان له تأثير سلبي على رفاهية الفرد.
وبينت الصحيفة أن أهم ما
يميز وسائل التواصل الاجتماعي، قدرتها على الاحتفاظ بذكريات أحداث
وقصص حدثت في الماضي. في المقابل، قد تساهم منصات التواصل بشكل أو بآخر
في تشويه الطريقة التي قد نتذكر بها تلك الأحداث في حياتنا. ففي أغلب الأحيان،
نمضي الكثير من الوقت في محاولة منا لالتقاط صورة مثالية، في
حين نضيع، في الواقع، فرصة عيش تلك التجربة مباشرة من خلال مشاهدتها بأم
أعيننا.
وفي تعليقه على هذا
الموضوع، قال الدكتور تيم بونو، مؤلف كتاب "حين يكون عدد الإعجابات غير
كاف"، إنه "في حال ركزنا فقط على التقاط أفضل الصور
لنحظى بإعجاب متابعينا في منصات التواصل الاجتماعي، فلن تتاح لنا الفرصة للاستمتاع
بالجوانب الأخرى من تلك التجربة". وتابع بونو، أن "قضاء الكثير من
الوقت في استخدام هواتفنا سيشتت انتباهنا عن الجوانب الأخرى من التجربة، مما يساهم
في تقويض السعادة التي يمكن أن نعيشها في تلك اللحظة".
ونوهت
الصحيفة إلى أهمية أن نحظى بقسط وافر من النوم. لكن الكثير منا
يعمد إلى استخدام الهاتف قبل الخلود إلى النوم، مما يزيد من
صعوبة شعورنا بالنعاس. علاوة على ذلك، يمكن أن يساهم الضوء
الصادر عن الأجهزة المحمولة التي لا تبعد سوى بضع بوصات عن وجوهنا، في إيقاف
إفراز هرمون الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن الشعور بالنعاس، وذلك
وفقا لما كشفه الدكتور بونو. وبالتالي، من المهم جدا أن نضع قواعد صارمة
لأنفسنا، حيث ينبغي أن نلتزم بعدم استخدام الهاتف لمدة تتراوح على الأقل
بين 40 دقيقة وساعة قبل النوم.
وأوضحت الصحيفة أنه من
الضروري أن نولي أهمية لمدى قدرة أدمغتنا على التركيز بشكل كامل. ونظرا لكمية
المعلومات الهائلة المتاحة في متناول أيدينا وسهولة الوصول
إلى وسائل الترفيه المتوفرة، يصبح من السهل تشتيت انتباهنا، في حين نعجز
عن انتقاء معلومات تتناسب مع متطلباتنا.
وأردفت الصحيفة
أن مواقع التواصل الاجتماعي، قد تكون مصدرا للشعور بالتعاسة، كما قد
تؤدي إلى تطوير مشكلات تتعلق بالصحة العقلية، على غرار القلق أو الاكتئاب،
عند الإفراط في استخدامها. ونتيجة لذلك، قرر بعض الأشخاص التوقف عن
استخدام منصات التواصل الاجتماعي لفترة، واكتشفوا أن هذا الأمر كان مفيدا للغاية.
وفي الختام، بينت الصحيفة
أنه لا يتعين عليك بالضرورة التوقف عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، في
حال أصبحت تشعر بأنها تؤثر على حياتك سلبا، حيث يكفي أن تخصص بعض الوقت للقيام
بأنشطة مفيدة، على غرار المطالعة. وقد يؤتي هذا التغيير الذي تضفيه على حياتك
بثماره. عموما، في حال كنت قادرا على عدم تفقد هاتفك لمدة بضع دقائق على
الأقل، سيثبت ذلك قدرتك على التحكم في مجريات حياتك.
للاطلاع على نص التقرير الأصلي اضغط هنا