كشف عدد من خبراء
الاقتصاد السبب وراء امتناع الحكومة
المصرية عن إعلان نسبة
الفقر الجديدة في مصر، على
الرغم من مرور ثلاث سنوات على آخر إحصاء للفقر والذي بلغ وقتها 27.8% ما يعني وجود 30 مليون فقير.
وأكدوا أن نسبة الفقر تتجاوز بكثير النسبة المعلنة في 2015، مع الأخذ
في الاعتبار ثلاثة أمور، أولها، تعويم الجنيه وخفض قيمته أمام الدولار، ثانيها، تطبيق
برنامج
صندوق النقد الدولي، ثالثها، ارتفاع الأسعار، ونمو الدخول بشكل طفيف.
وأرجعوا سبب
امتناع الحكومة المصرية عن إعلان النسبة الجديدة للفقر بعد الإجراءات الاقتصادية التي
طبقتها بشكل مجحف بحق المواطنين، إلى رغبتها في الحفاظ بالرقم القديم في أذهان الناس،
وعدم تحميلها مسؤولية زيادة الفقر، وعدم الإضرار بصورة ما يسمى "ببرنامج الإصلاح
الاقتصادي".
في مقاله تحت
عنوان (ربما يتحسن الاقتصاد المصري، لكن هذا التحسن ليس بشكل مستدام)، يقول الباحث
الاقتصادي في مركز كارنيجي، وائل جمال، "يُشير الخبراء في الجهاز المركزي للتعبئة
العامة والإحصاء، التابع للحكومة، إلى أنه ربما ارتفع معدل الفقر إلى 35 في المئة في
العام 2017، بعدما كان 27.8 في المئة في العام 2015، قبل بدء برنامج صندوق النقد الدولي،
وحتى بعد تحديث خط الفقر الوطني نسبةً إلى التضخم."
واستدرك:
"لكن بما أن التقييم كان أوّلياً، قد يكون مستوى الفقر أعلى. ومن المرتقب فرض
مزيد من الإجراءات التقشفية، وفقاً لمندرجات المرحلة الرابعة من البرنامج، ما يحمل في
طياته خطر تدهور الأمور أكثر بالنسبة إلى المصريين المستضعفين وذوي الدخل المتدنّي".
غياب متعمد
الخبير الاقتصادي
الدولي، محمود وهبة، أكد لـ"
عربي21" أن غياب إحصاء نسبة الفقر في مصر
"متعمد، فآخر إحصاء عن نسبة الفقر كانت عن عام 2015، ومنذ ذلك الوقت لم يقم الجهاز
الرمركزي للإحصاء بتحديث النسبة القديمة".
وأشار إلى أن
"تقدير عدد الفقراء يختلف حسب تعريف حد الفقر، فمصر تعرف حد الفقر بمبلغ ضئيل
حوالي ثلث التعريف العالمي وهو 1.9 دولار في اليوم، وبناء عليه فخط الفقر العالمي هو
مبلغ 1014 جنيها في الشهر، وليس 482 جنيها كما تحسبه مصر، ولو استخدمت هذا التعريف فغالبا
فإن 80– 90% من المصريين فقراء"، مضيفا: "ولا شك لدي أن الوضع أسوأ حتى من
أرقامي التقريبية".
وأرجع سبب عدم
إفصاح الحكومة عن النسبة الحقيقية للفقر إلى "الحفاظ على أكذوبة نجاح برنامج الإصلاح
الاقتصادي المزعوم، والذي أسقط نسبة كبيرة من المصريين في مستنقع الفقر"، وأنحى
باللائمة على البنك الدولي، "الذي لا يزال يعتمد على أرقام الحكومة المصرية، فهم
أيضا لا يريدون الاعتراف بفشل برنامج صندوق النقد ويشاركون في الكذبة".
الفقر في الشوارع
لا في الأرقام
ويرى الباحث
الاقتصادي، عبدالحافظ الصاوي، أنه "كان من المفترض أن يعلن الجهاز المركزي للتعبئة
والإحصاء تقريره عن الدخل والإنفاق في 2017 باعتبار أن أخر هذه التقارير صدر في
2015، وهو تقرير دوري يصدر كل عامين، ولكن نظرا لقرار الحكومة بتعويم الجنيه في نوفمبر
2016، وما ترتب عليه من انخفاض قيمة الجنيه، وارتفاعات كبيرة في نسبة التضخم التي وصلت
إلى 34% في تموز/ يوليو2017 ارتأت الحكومة عدم الإفراج عن هذا التقرير".
وعن السبب في
ذلك أكد في حديثه لـ"
عربي21" أن "الإعلان عن النسبة الجديدة سيكشف عن
معدلات الفقر بما لا تهوى حكومة السيسي، التي تتشدق ببرنامجها الاقتصادي"، مشيرا
إلى أن "معدلات الفقر كانت في آخر تقديراتها الرسمية عند حوالي 28%، ولكن بعد
تخفيض قيمة الجنيه فإن الحديث عن ثبات تلك النسبة هو ضرب من التضليل".
وأضاف:
"كما أن الحديث عن بلوغها نحو 35% وفق بعض الدراسات كالتي وردت في مركز كارنيجي،
فإنها مبنية على بعض التقديرات وليس على مسوحات بالعينة التي يقوم بها مركز الإحصاء،
وأيا كانت النتائج فإن مظاهر الفقر بادية في المجتمع المصري خاصة في شريحة الفقراء
أو طبقة محدودي الدخل، ومعظم الطبقة المتوسطى، الوسطى منها والدنيا، ولعل الشريحة العليا
في الطبقة المتوسطة تأثرت بمعدلات كبيرة؛ نتيجة القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة
فيما يتعلق بارتفاع السلع والخدمات على مدار السنتين أو الثلاث سنوات الماضية".