نشرت صحيفة "جورنال دو ديمونش" الفرنسية تقريرا، ذكرت فيه أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لا ينفك عن التباهي بسياسته الإصلاحية والمعاصرة، على الرغم من توجيه أصابع الاتهام له في قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، مطلع هذا الشهر.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إنه منذ بروزه خلال حزيران/ يونيو سنة 2017، ظهر ابن سلمان في
صورة القائد المتناقض في سياساته، حيث أظهر نفسه كقائد حداثي يستطيع إخضاع الشرطة
الدينية (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، وتمكين المرأة من حقها في
القيادة، وكحاكم متسلط أيضا.
وذكرت الصحيفة أن ابن سلمان يقف وراء اندلاع حرب
دامية في اليمن سنة 2015، تجدر الإشارة أيضا إلى أنه حوّل فندق ريتز كارلتون إلى
"سجن ذهبي"، ومؤخرا، تشير التوقعات إلى أنه يقف وراء عملية اختطاف
الصحفي جمال خاشقجي في تركيا، الذي اختفى منذ الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر
الجاري.
وأكدت الصحيفة أنه فيما يتعلق بالحرب في اليمن، لم
يحقق ابن سلمان أي إنجازات إلى حد الآن، إلا أن حربه هذه تسببت في إزهاق أرواح ما
لا يقل عن 10 آلاف شخص، كما تسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم حاليا، بحسب
الأمم المتحدة، وقد أطلق ابن سلمان هذه الحرب قبل أن يصبح ولي العهد، حين كان يشغل
آنذاك منصب وزير الدفاع، من أجل قمع الحوثيين الذين اعتبرهم أداة تستخدمها إيران
لإلحاق الضرر بالمصالح السعودية.
اقرأ أيضا: WP: معلومات عن أوامر من ابن سلمان لتصفية خاشقجي
وفي تجاهل لمعارضة الرياض، أجرى مجلس حقوق الإنسان
التابع للأمم المتحدة تحقيقا في اليمن متعلق بارتكاب جرائم حرب، حيث أنه في التاسع
من آب/ أغسطس، قتل قرابة 51 شخصا، بينهم 40 طفلا، إثر تعرض حافلتهم في صعدة إلى
ضربة جوية.
وتحدثت الصحيفة عن مخطط ولي العهد الضخم لإصلاح
الاقتصاد تحت مسمى "رؤية 2030"، الذي أطلقه خلال نيسان/ أبريل سنة 2016،
والذي يتطلع أساسا إلى طرح جزء من أسهم شركة أرامكو النفطية في البورصة، كما تتلخص
هذه الرؤية في إنجاز سلسلة من المشاريع العملاقة على غرار إنشاء مدينة كاملة
للترفيه في الرياض، بالإضافة إلى مشاريع أخرى مستقبلية في شمال غرب البلاد تقدر
تكلفتها بنحو 500 مليار دولار.
ونوهت الصحيفة إلى أن إصلاحات اجتماعية تبعت هذا
المخطط الاقتصادي، لعل من أبرزها الحد من سلطات الشرطة الدينية التي يطلق عليها
أيضا اسم "المطوعون"، حيث اعتبرت هذه الخطوة تأكيدا على نية البلاد في
التحرر.
وأشارت الصحيفة إلى الأزمة المفتوحة مع قطر، حيث
وجهت السعودية وحلفائها لهذه الإمارة تهمة دعم "الإرهاب" وإقامة علاقات
مع إيران، وسرعان ما تحولت هذه التهم إلى حصار تسبب في خلق أزمة خليجية، في السياق
ذاته، هددت الرياض بالرد عسكريا في حال اشترت الدوحة أنظمة إس-400 الروسية
المتطورة.
وأفادت الصحيفة أن ولي العهد عُرف بدفاعه عن صورة
الإسلام "المعتدل والمتسامح"، وهي الصورة التي لقيت ترحيبا خارج حدود
المملكة خاصة بعد التصريح الذي جاء على لسان بن سلمان، الجدير بالذكر أن ولي العهد
السعودي قال: "لن نقضي 30 سنة أخرى من حياتنا في تجرع أفكار متطرفة، ويجب أن
نوقفها الآن".
اقرأ أيضا: "السيد منشار".. لقب لابن سلمان من كاتب بنيويورك تايمز
وتطرقت الصحيفة إلى الحديث عن صورة ابن سلمان
المظلمة، التي تتمثل في تكثيفه لسياسة القمع ضد حرية التعبير، وخلال شهر أيلول/ سبتمبر
من سنة 2017، كشفت منظمة العفو الدولية عن تعرض العشرات من رجال الدين، والكتاب،
والصحفيين، والجامعيين، والنشطاء، إلى الإيقاف في السعودية.
وذكرت الصحيفة أن ابن سلمان تسبب خلال شهر تشرين
الثاني/ نوفمبر من سنة 2017 في إشعال قضية سعد الحريري، حيث اتُهم باحتجاز رئيس
الوزراء اللبناني خلال زيارته إلى السعودية، وقد تبع ذلك إعلان الحريري لاستقالته
من منصبه في الوقت الذي كان لا يزال فيه داخل التراب السعودي، متهما كلا من حزب
الله وإيران بالسيطرة المطلقة على بلاده.
ونوهت الصحيفة إلى أن الاعتقالات التعسفية تسارعت
وتيرتها منذ بروز ابن سلمان، وذلك بحسب ما أكدته منظمة "هيومن رايتس
ووتش" خلال شهر أيار/ مايو، رغم المخطط الحداثي الذي أطلقه، وخلال الأشهر
الأخيرة، مكن بن سلمان المرأة السعودية من حقها في قيادة السيارة، كما سمح لها
بالحضور في ملاعب كرة القدم لمتابعة المباريات، وممارسة حقها في تأسيس شركات دون
أن انتظار موافقة الوصي.
والغريب في الأمر أنه خلال شهر أيار/ مايو الماضي،
تبنت السعودية قانونا جديدا يجرم الاعتداء الجنسي. وبعد مضي شهر فقط، أي خلال شهر
حزيران/ يونيو، تم إيقاف العديد من الناشطات السعوديات المناصرات لحقوق المرأة.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن كندا تعتبر إلى حد الآن
الدولة الغربية الوحيدة التي أقدمت على انتقاد السعودية خلال شهر آب/ أغسطس،
احتجاجا على وضع حقوق الإنسان في المملكة، من جانب آخر، كشفت قضية خاشقجي عن الحذر
الذي يلتزم به العالم الغربي قبيل اتخاذ أي إجراء في حق الرياض.
وول ستريت: ارتفاع أسعار النفط ليست أخبارا جيدة للسعودية
بزنس إنسايدر: هل يختبئ ابن سلمان في يخته الفاخر؟
بلومبيرغ: كيف تورط إصلاحات ابن سلمان السيسي؟