قال المعلق في صحيفة "نيويورك تايمز" نيكولاس كريستوف إن الرؤساء الأمريكيين قاموا بالتغطية على فسادهم أحيانا، لكن الرئيس دونالد ترامب سلك نهجا جديدا من خلال محاولاته استخدام الولايات المتحدة للتغطية على أفعال ديكتاتورية همجية.
ويقول كريستوف: "كوني شخصا عرف جمال خاشقجي منذ 15 عاما أشعر بالحنق من التقارير التي قالت إن فريقا من البلطجية الملكية قاموا بضرب جمال وتخديره وقتله، وحتى تقطيع أصابعه؛ لأنها التي استخدمها في الكتابة، ثم قطعوه بمنشار عظام، لكنني غاضب بالقدر ذاته على رد البيت الأبيض البائس".
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "ترامب شجب بشكل متكرر الرئيس باراك أوباما لأنه انحنى أمام الملك السعودي، لكنه لا ينحني للملك السعودي فقط، بل إنه يتملق الأمير المجنون، وتلاعب ولي العهد المعروف بـ(أم بي أس) بالرئيس وجاريد كوشنر، وعرف كيف يضغط على الأزرار الأمريكية، ويحدث الأمر ذاته، حيث يقوم ترامب بالمساعدة على (غسل/ تبييض) ما يظهر أنه جريمة تعذيب سعوديين لصحافي دولي".
ويفيد كريستوف بأن "هناك على الأقل أربعة من القتلة لديهم علاقة بـ(أم بي أس)، بحسب ما ورد في تقرير صحيفة (نيويورك تايمز)، وأي شخص يعرف السعودية يعلم أن أي شيء لن يحدث دون موافقة ولي العهد".
ويقول الكاتب: "ربما من الأفضل عدم الكتابة ونحن غاضبون، لكن الجريمة تثير الغضب وتحطم القلب؛ لو كانت التقارير صحيحة، فإن ذلك حدث في جزء منه بسبب المسؤولين الأمريكيين وغيرهم من نواب الحزبين، الذين تدفقت عواطفهم بسبب (أم بي أس)، ودعموا حاكما متهورا، وساعدوه على تدعيم سلطاته، وجعلوه يفكر في أنه يفلت من أي شيء، وقام ترامب وكوشنر بالنظر إلى (أم بي أس) على أنه حليف محتمل، ودعياه لتناول العشاء في البيت الأبيض، ودعما صعوده إلى السلطة، ليدير البلاد بشكل فعلي".
ويلفت كريستوف إلى أن "ابن سلمان هاجم اليمن، وخلق ما تصفه الأمم المتحدة بأنه أكبر كارثة إنسانية في العالم، وقصف أطفال المدارس، مخلفا 8 ملايين نسمة على حافة المجاعة، ولم يواجه أي تداعيات، وقام باستفزاز أزمة مع قطر، واختطف رئيس الوزراء اللبناني ولم يواجه أي تداعيات، وسجن الناشطات السعوديات في مجال حقوق الإنسان ولم يواجه أي عواقب".
ويرى الكاتب أنه "لو كان ابن سلمان يستطيع عمل ما يريد ويحصل على الثناء من أمريكا فإنه ليس من المستغرب اعتقاده بالإفلات من جريمة تقطيع صحافي مثير للمشكلات، وإذا لم تكن هناك تداعيات خطيرة، حتى لو كان اختصار اسمه يشير إلى عبارة (السيد منشار العظام)، فماذا سيفعل (أم بي أس) بعد هذا؟".
وينوه كريستوف إلى الدور الذي أدته أمريكا في دعم تصرفات السعودية، بما في ذلك نشر التعليم المتطرف وتمويل الإرهاب، الذي أسهم في هجمات أيلول/ سبتمبر، ووقوف أمريكا مع السعودية وهي تمول المدارس الدينية في مناطق مثل غرب أفريقيا وباكستان وأندونيسيا، مشيرا إلى أن أمريكا دعمت السعودية وهي تزعزع استقرار الدول الفقيرة، وظلت مع ذلك ديكتاتورية ومعادية للمرأة.
ويعلق الكاتب قائلا: "كفى، فوصف فرانكلين روزوفلت الديكتاتور في نيكاراغوا بـ(ابن الحرام لكننا نحن الذين صنعناه)، وربما كانت هذه الرؤية التي ينظر فيها بعض الأمريكيين إلى (أم بي أس)، لكن الأخير خدعهم عندما تحدث بلغة جميلة ولم ينفذ أي شيء من وعوده من صفقات 110 مليارات دولار، ولم يدعم خطة ترامب للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولم يحقق ما وعد من تسجيل شركة (أرامكو) في السوق المالية".
ويبين كريستوف أن "خططه كلها ترتد سلبا عليه، فخلقت حروبه في اليمن فرصا لتنظيم القاعدة، وانتفعت إيران من مواجهته مع قطر، وقوى اختطافه سعد الحريري من ساعد حزب الله، وكان اختطاف خاشقجي وقتله هدية لمنافسي السعودية في إيران وتركيا".
ويقول الكاتب: "باختصار، فإن الأمير المجنون ليس همجيا فقط، بل غير جدير بالثقة فيه، وعاجز، ولا يخدم مصالحنا، بل يدمرها، وبالتأكيد فأخشى ما أخشاه هو أنه سيجرنا لحرب مع إيران".
ويستدرك كريستوف قائلا إن "المسؤولين السعوديين اختفوا وتركوا الأمر لدميتهم ترامب ليعتذر نيابة عنهم، وقال إن القتلة هم مارقون، وأرسل وزير خارجيته مايك بومبيو في مهمة متملقة ليشكر الملك سلمان والتزامه بتحقيق معمق وشفاف".
ويذهب الكاتب إلى القول إن "ترامب يتصرف وكأن لدى السعوديين نفوذا على الأمريكيين، وفي الحقيقة فهم بحاجة ماسة للأمريكيين، ولدينا قطع الغيار لطائراتهم، ولم يكونوا قادرين على هزيمة المتمردين اليمنيين، ويعتمدون على الأمريكيين في الأمن، لكن الأمريكيين هم من يضيع ورقة النفوذ".
ويختم كريستوف مقاله بالقول: "يجب على ترامب وقف التعاون ومنح الغطاء، وعليه الدعوة لتحقيق دولي تقوده الأمم المتحدة، وإطلاق سراح السجناء والمصلحين الحقيقيين، مثل لجين الهذلول والمدون رائف بدوي، وعليه أن يؤكد للعائلة السعودية المالكة أنها لو أرادت الحفاظ على علاقتها مع أمريكا فهي بحاجة إلى ولي عهد وليس جزارا".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا
FP: هل اعتراف السعوديين كاف للخروج من ورطة خاشقجي؟
فايننشال تايمز: ماذا يفعل ابن سلمان وكوشنر بالشرق الأوسط؟
أتلانتك: الكونغرس يدفع نحو مواجهة مع السعودية