تطلق المواعيد تلو الأخرى لإعلان ولادة الحكومة اللبنانية وتبقى العقد قائمة رغم التفاؤل "القولي" من دون أن يترجم ذلك على أرض الواقع.
وبين كل ما يدور تناوله عن عقد داخلية حول الحصص المسيحية والدرزية والتمثيل السني من خارج تيار المستقبل، فإن أحدا من السياسيين لا يغفل بدرجات متفاوتة تأثيرات العوامل الخارجية والرابط بين العقوبات الأميركية و مسألة مشاركة حزب الله في الحكومة.
وبدا جليا من خلال زيارات متتابعة لوفود أميركية إلى لبنان، أن الحذر شديد لاستلام وزير من حزب الله مهمة وزارة الصحة لارتباط الولايات المتحدة بعقود واتفاقيات تتطلب التواصل المباشر مع تلك الوزارة.
اقرا أيضا : الحريري: عُقد تشكيل الحكومة في طريقها للحل
غير أن مصادر الحزب أكدت لـ"عربي21" أن وزارة الصحة استقرت على حزب الله ولا نقاش في ذلك، وأن الحزب سيتمثل وسيحضر في الحكومة بشكل فاعل.
ومن الواضح أن الملاذ الوحيد لبنانيا لحلّ مشكلة التواصل الأميركي في هذه الوزارة الحساسة يكمن في إلقاء مسؤولية التواصل إلى عهدة المدير العام للوزارة بدلا من الوزير بما يرضي جميع الأطراف.
لكنّ الترقب سيكون عنوان مرحلة ما بعد الإعلان الحكومي لجهة النظرة الدولية إلى الحكومة في ظل اتهامات طالت الحكومتين السابقتين برئاسة سعد الحريري وتمام سلام بأنهما خاضعتان لقبضة ونفوذ حزب الله.
المربع الداخلي
ورأى الكاتب والمحلّل السياسي قاسم قصير أنّ "الصراع على تأليف الحكومة انتقل من المربع الخارجي إلى الداخلي"، موضحا بأن "العقدة المسيحية بين حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر هي الأكثر بروزا".
مشيرا في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "التنازع يبدو واضحا بين الثنائي المسيحي على النفوذ لمرحلة السنوات الأربع المقبلة الباقية في عهد رئيس الجمهورية وحول الجهة التي ستتولى الرئاسة بعده".
وأضاف: "الصراع دائر على القيادة المستقبلية للساحة المسيحية، وتكمن العقدة الأساس في هذه النقطة تحديدا، إضافة الى العقدة السنية حيث يطالب النواب السنة من خارج تيار المستقبل بحقهم في التمثل في الحكومة ضمن ما هو متبع في معايير التشكيل".
ونفى أن يكون لزيارة الحريري إلى السعودية طابع سياسي مباشر، بقدر ما هو مشاركة من رئيس الحكومة المكلف بالمؤتمر الاستثماري وعلى هامشه عقد لقاءات مع القيادة السعودية.
وحول حقيقة "الفيتويات" الأميركية ضد تمثل حزب الله في وزارات معينة، قال: "معلوماتنا المؤكدة تشير إلى حصول حزب الله على وزارة الصحة في حين تذهب حقيبة وزارة التربية إلى الحزب التقدمي الاشتراكي على أن يسمي رئيس الجمهورية وزيري العدل والدفاع بينما تمنح وزارة المالية لحركة أمل والأرجح أن تعاد تسمية الوزير علي حسن خليل".
واستبعد قصير حصول ضغوطات مباشرة على مسألة تسمية وزارء حزب الله، مؤكدا أن "الأيام المقبلة ستكون حاسمة في مسألة التأليف الحكومي الذي طال انتظاره".
اللمسات الأخيرة
من جهته، كشف النائب عن تيار المستقبل طارق المرعبي لـ"عربي21" أن إعلان الحكومة متوقع خلال الـ24 ساعة المقبلة بعد عودة الحريري إلى بيروت، وأكد أن "العراقيل التي أعاقت تشكيل الحكومة قد حلّت في أغلبها بانتظار اللمسات الأخيرة التي تختتم مشوار التأليف الطويل".
اقرا أيضا : جدل بين مغردي لبنان بعد الكشف عن إهانة القحطاني للحريري
ورأى أن موضوع العقوبات الأميركية منفصل عن عملية تسمية الوزراء، مع الأخذ بعين الاعتبار "حرص الرئيس الحريري على عدم تسمية وزارء تحوم حولهم شبهات أو ملاحقات دولية"، نافيا: "صحة وجود ضغوط خارجية بهدف منع تسمية أسماء معينة في الحكومة".
وشدد مرعبي بناء على "ما يمتلكه من معطيات" بأن الوزراء الذين ستتم تسميتهم (وزرء حزب الله)، وباتت أسماؤهم متداولة "ليس في سجلهم أي ملاحقات مالية على المستوى الدولي أو حتى اعتراض مباشر دولي على تسميتهم"، لافتا الى ضرورة أن يكون "الحرص على مصلحة لبنان وعلاقاته مع محيطه والمجتمع الدولي كأولوية لجميع الأطراف اللبنانية".
وتوقّع أن تنجز "حكومة الحريري المقبلة خطوات متقدمة لإيجاد فرص عمل للشباب"، مشيرا الى أن جيله من "الشباب يتطلع إلى تغييرات حقيقية من خلال مؤتمر سيدر، خصوصا أن معظم الجيل الشاب يطمح إلى الهجرة من لبنان بفعل الأوضاع القائمة، وبالتالي فإن التعويل يبقى كبيرا على ما سيقوم به الرئيس الحريري من إنجازات وترجمة لما تحقق في مؤتمر سيدر".
الكرة في ملعب "الرئاستين"
واعتبر النائب علي درويش أن عملية تشكيل الحكومة بتفاصيلها وتعقيداتها منوطة بالرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، وقال في تصريحات لـ"عربي21": "يلقى على عاتق الرئاستين الأولى والثالثة مسؤولية تأليف الحكومة وفقا للمصلحة اللبنانية وبناء على أحجام الكتل والقوى السياسية".
معتبرا أن مسألة تحصين لبنان تجاه أي ردود فعل دولية تضرّ به هي من صلاحية وواجب رئيس البلاد والرئيس المكلف انطلاقا من المهمة الوطنية التي تخدم لبنان لا غير".
وأعرب درويش عن تفاؤله بقرب إعلان التشكيلة الحكومية في ظل العقدة الكبيرة بين القوات والتيار الوطني الحر، مبديا "استغرابه لعدم التطرق بجدية لحلّ عقدة تسمية وزير للأقليات".
وتمنى درويش أن يشكل عمل الحكومة المقبلة صدمة إيجابية تخدم مصالح الشعب اللبناني وتعمل على معالجة الازمات المتراكمة في المجالات كافة.
هل تراجع الدور السعودي في لبنان لحساب الإمارات؟
مؤتمر سيدر الداعم للبنان في خطر.. لماذا؟
"لقاء مسيحي" يتهم حزب الله بإعادة التهديد بـ"الاغتيال"