هدد السيناتور الجمهوري الأمريكي، راند باول، بإجراء تصويت في مجلس الشيوخ لوقف بيع السلاح للسعودية، وذلك على خلفية قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول.
وفي السياق ذاته، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، بوب كروكر، إن الكونغرس لن يقر أي مبيعات أسلحة للسعودية، وإن مقتل خاشقجي أثار غضب أعضاء المجلس وفقا لرويترز.
وفي أوروبا، تباينت مواقف قادة الدول حول مسألة وقف بيع السلاح للسعودية؛ بسب قضية مقتل خاشقجي، حيث تعهدت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بوقف تصدير السلاح للرياض لحين تقديم تفسير لمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بينما رفض الرئيس الفرنسي ماكرون ذلك، ووصف الأمر بالديماغوغية.
هل سيوقف الكونغرس بيع السلاح للسعودية أم هو مجرد ابتزاز؟
ويرى المستشار في "مجموعة مريديان الإستراتيجية للأبحاث السياسية"، خالد صفوري، أن "تهديد بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي بوقف بيع السلاح للسعودية ليس ابتزازا، وإنما هو نابع من موقفهم الرافض لسياسة السعودية في حربها على اليمن، فهناك حالة غضب عارمة في واشنطن بسبب هذه الحرب، وأيضا بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي".
وتابع صفوري، في حديث لـ "عربي21": "قبل السؤال عن هل سيقر الكونغرس قانون لوقف بيع السلاح للسعودية أم لا، يجب علينا معرفة النظام السياسي الأمريكي".
وأوضح صفوري أنه "حتى لو أقر الكونغرس هذا القانون، فإن الدستور الأمريكي يجيز للرئيس ترامب استخدام حق النقض الفيتو، وحتى يتغلب المشرعون الأمريكيون على الرئيس، يجب أن يصوتوا بثلثي أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، وهذا في العادة لا يمكن حدوثه".
ولفت صفوري إلى "أنه يمكن تمرير قرار وقف بيع السلاح للسعودية في الكونغرس، إلا أن القرار في النهاية سيكون بيد الرئيس الأمريكي، الذي اعتقد أنه سيرفض هذا الأمر".
بالمقابل، اعتبر أستاذ العلوم السياسية، الخبير بالشأن الأمريكي، صبري سميرة، "أن تهديد بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي بوقف بيع السلاح للسعودية وسائل ضغط وتلويح بفرض القرار، حتى تقدم الرياض ما يمكن تقديمه من تنازلات".
وتابع صبري سميرة في حديث لـ "عربي21": "أعتقد أن تحويل هذه التهديدات لقانون رسمي ليس بهذه السهولة، وهي برأي ابتزاز لا أكثر، رغم أن بعضهم يهدد بذلك لأسباب أخلاقية، بالمقابل البعض الآخر يفعل ذلك لأجل جمهوره، خاصة مع قرب الانتخابات النصفية المفصلية، والتي ستكون بعد أسبوع تقريبا".
ولفت صبري إلى أن "نواب الحزبين يستخدمون قضية مقتل خاشقجي والرد عليها بوقف بيع السلاح للسعودية لغايات انتخابية بحتة، فالجمهوريون يدافعون عن خاشقجي، وفي الوقت ذاته الديمقراطيون يفعلون المثل، حتى يظهر كلاهما أمام المصوتين أنه ضد القتل والعنف، وأن الطرف الآخر هو من أيد بيع السعودية السلاح".
وأوضح صبري أنه "من ناحية دستورية يجب أن يوافق مجلسا الشيوخ والنواب على أي قرار بخصوص وقف بيع السلاح للسعودية، وهذه الموافقة تدخل ضمن مرحلة طويلة تتدخل فيها المساومات والابتزاز والضغوط، والصفقات، والسياسة والدبلوماسية، واللوبي السعودي".
واتفق صبري بالرأي مع صفوري "بأنه حتى لو صدر القرار ومُرر، لن يصبح فعالا، إلا إذا وافق عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأكد على صعوبة حصول الراغبين بإصدار هذا القرار على نسبة ثلثي المجلسين لرفض قرار ترامب الرافض لقانون وقف بيع السلاح للسعودية، بالتالي قد يكون تمريره مجرد دعاية سياسية وابتزاز لا أكثر".
الموقف الأوروبي
ومع تباين مواقف الدول الأوروبية حول وقف بيع السلاح للسعودية، يبرز السؤال المهم هنا: هل قضية خاشقجي هي السبب الوحيد لرغبة الأوروبيين وقف بيع السلاح للسعودية؟
يرد المختص بالشأن الأوروبي حسام شاكر بالقول: "بالتأكيد الأمر ليس مرتبطا فقط بقضية مقتل خاشقجي، فهناك دعوات لوقف تصدير السلاح للسعودية قد تراكمت بشكل كبير في السنوات الأخيرة".
وتابع شاكر في حديث لـ "عربي21": "جاءت هذه الدعوات من أواسط حكومية وبرلمانية أوروبية، إضافة لأصوات في المجتمع المدني، بسبب حرب اليمن والتقارير التي تحدثت عن سلوك السعودية في هذه الحرب".
وتوقع شاكر بألّا يكون هناك إجراء أوروبي مباشر أو صارم بوقف بيع السلاح للرياض، وذلك بسبب مصالح الأوروبيين الاقتصادية، مضيفا: "لكن في حال ورود تقارير جديدة عن سلوك القوات السعودية في الميدان، كالتقارير التي تتحدث عن جرائم الحرب في الجبهة اليمنية، سينعكس هذا الأمر بشكل سريع في أوروبا، وسيتجدد النقاش حوله مرة أخرى".
وخلص شاكر إلى القول: "هناك تدافعات وتفاعلات داخلية أوروبية ستحسم الأمر في نهاية المطاف، وأتوقع أن يكون هناك نوع من الإجراءات الجزئية، ولو بشكل تدريجي، وهو المرجح بهذا الشأن، ولكن القول بشكل مطلق بأنه لن يكون هناك إجراءات أمر مستبعد، وربما يكون هناك تعليق لبعض الصفقات".
دور اللوبي السعودي
وشكلت السعودية وحليفتها الإمارات لوبيا قويا وداعما لها في واشنطن، الذي تسعى من خلالها للتأثير بقرارات صناع القرار الأمريكي، ولكن هل يستطيع هذا اللوبي وقف قرار منع بيع السلاح للرياض؟
وأشار المختص بالشأن الأمريكي، صبري سميرة، إلى "أن مقدرة اللوبي السعودي على وقف قرار حظر السلاح تعتمد على مدة استفادة المجموعات التي تدعم الموقف السعودي، بمعنى إذا قدمت الرياض لهم محفزات مثل شركات أو صفقات، بالتأكيد ستنجح هذه المجموعات بوقف هذا الحظر، بالطبع ليس لقوتها، بل لأنه من يتماشى معها من صناع القرار سيكون له فائدة أيضا".
وعبر صبري عن اعتقاده بأن السعودية والإمارات يستطيعان شراء ذمم ومواقف، وتصويت صناع القرار الأمريكي لصالح الرياض، على الرغم من أن هناك من يرفع صوته مناصرة لحقوق الإنسان، لكن في النهاية معظم السياسيين هناك يتم شراء أصواتهم وذممهم ومواقفهم".
بدوره، قال خالد صفوري: "في النظام السياسي الأمريكي إذا كان هناك أزمة حقيقية يصبح عمل اللوبيات صعبا جدا، حتى لو كانت قوية، فمثلا لوبي السلاح برغم احتوائه على 12 مليون عضو، لم يستطع إيقاف قرار إدارة الرئيس بيل كلينتون بحظر بيع بعض أنواع السلاح".
وختم حديثه بالقول: "أعتقد أن الجو العام هذه الأيام في واشنطن هو ضد المملكة لعدة أسباب مجتمعة، وقد يتم تمرير هذا القرار برغم قوة اللوبي السعودي والمؤيد لها، ولكن في النهاية يبقى القرار بيد الرئيس إذا كان يريد تمريره أو يستخدم حق النقض الفيتو".
ABC: بومبيو استمع لتسجيل قتل خاشقجي.. وواشنطن تنفي
لماذا لا تنشر تركيا تسجيلات "مقتل" خاشقجي وتحسم الجدل؟
مجموعة السبع تدعو إلى إجراء تحقيق "شفاف" في قضية خاشقجي