قال الكاتب الإسرائيلي، نير أفيشاي كوهين، في موقع محادثة محلية إن "مجزرة كفر قاسم التي وقعت عام العام 1956 التي نفذها الجيش الإسرائيلي تتطلب إبداء الأسف عن ارتكابها، لأن أي رغبة إسرائيلية بالتعايش بين العرب واليهود، وإقامة الحياة المشتركة لهما، تستوجب استخلاص الدروس والعبر للأجيال القادمة من تلك المجازر الرهيبة".
وأضاف في مقال تحليلي ترجمته "عربي21" أن "المجتمع الإسرائيلي ينبغي أن يضع يوم 29 تشرين الأول/ أكتوبر ذكرى مجزرة كفر قاسم كيوم للذاكرة الوطنية، وعلى الدولة تنكيس رأسها، وإنزال علمها، وطلب المغفرة من ذوي الضحايا العرب، والأكثر أهمية أن نستفيد من هذه المجزرة، والمرحلة التي سبقتها، كما أن وزارة التعليم الإسرائيلية ينبغي أن تدرس هذه المذبحة، بحيث أن كل تلميذ في مدارسها عليه أن يتعلم ماذا حصل في بلدة كفر قاسم".
وأوضح أن "مجزرة كفر قاسم التي حصلت في هذه الأيام قبل 52 عاما، بيد الجيش الإسرائيلي، وبإيحاء من رئيس الحكومة آنذاك ديفيد بن غوريون ووزير الحرب موشيه ديان تمت بعد سنوات من التحريض والكراهية ضد العرب حتى وقعت المجزرة في بين الساعة الخامسة والسادسة بعد الظهر من يوم 29 أكتوبر".
وأكد كوهين، وهو رئيس منتدى التعاون السياسي اليهودي العربي، أن "مجزرة كفر قاسم تعتبر أحد أخطر الحوادث المخجلة والمثيرة للاشمئزاز التي نفذها الجيش الإسرائيلي في ساعة واحدة، حين قتل 51 رجلا وامرأة وطفلا أبرياء من العرب، أناس عاديون لقوا حتفهم بهذا الطريقة حين كانوا عائدين إلى بيوتهم بعد يوم عمل شاق خارج القرية".
اقرأ أيضا: وفاة ضابط إسرائيلي ارتكب مجزرة راح ضحيتها 49 فلسطينيا
وأشار إلى أن "الفلسطينيين يسمونها مجزرة كفر قاسم، ويطلق عليها الجيش الإسرائيلي "سلوكا غير قانوني بامتياز"، ومع ذلك فإن المجتمع الإسرائيلي يجتهد في تناسي هذه المجزرة، وعدم تذكرها، حتى صدر هذه الأيام كتاب مؤثر خاص من نوعه للمؤرخ الإسرائيلي آدم راز بعنوان "مجزرة كفر قاسم: بيوغرافيا سياسية"، من إصدار دار الكرمل".
وأكد أن "قراءة الكتاب مثيرة للحزن، تقلب المعدة، تقطع القلب إلى أجزاء متناثرة، لكنه في الوقت ذاته يكشف عن أصول العنصرية الإسرائيلية وجذور الكراهية الموجهة للعرب، فقط لأنهم عربا، هذه الكراهية التي ما زالت تحفر في أعماقنا نحن الإسرائيليين حتى اللحظة، مما يؤكد أن مثل هذه المجزرة لم تكن لتقع لولا الأرضية التي سبقتها داخل المجتمع الإسرائيلي".
المؤلف يستذكر ما أعلنه موشيه ديان قبل سنوات من تنفيذ هذه المجزرة حين قال إنه "يأمل بعد سنوات قليلة فقط أن يتمكن من تنفيذ ترانسفير كامل للعرب من داخل إسرائيل، لأنه يرى فيهم أعداء حقيقيين، كما أن بن غوريون ذاته رأى في العرب أعداء، وكان يطالب باستمرار فرض الحكم العسكري عليهم داخل حدود الدولة، فقط لأنهم عربا، مما ولد كراهية وصلت أعماق الجنود الإسرائيليين الذين نفذوا هذه المجزرة في كفر قاسم".
المؤلف حصل على إفادات من جنود إسرائيليين شاركوا في المجزرة، يقولون إنهم "قتلوا عائلات كاملة أطفالا ونساء ورجالا، وفي بعض مراحلها أوقفوا حافلة تقل هؤلاء العرب، وأنزلوا ركابها، وجمعوهم في مجموعات، وبدأوا بإطلاق النار عليهم بصورة جماعية دون التفريق بين نساء وأطفال ورجال، وتم الانتهاء من عملية الإعدام الجماعية بإطلاق النار على رأس كل قتيل للتأكد من مقتله، ومفارقته الحياة".
اقرأ أيضا: إسرائيل تمنع كشف وثائق مجازر ارتكبتها بعد مرور 70 عاما عليها
وينقل عن أحد الجنود أننا "فعلنا مثلما فعل الألمان في الحرب العالمية الثانية، حين كانوا يوقفون الحافلات، ويطلبون من اليهود النزول، ثم يبدأون بإطلاق النار عليهم، لا فرق بيننا وبينهم، في حين لم يبد العديد من الجنود الذين نفذوا المجزرة ندمهم على ما قاموا به".
يقول الكاتب إنه "ليس هناك من فوارق كثيرة بين الفترة التي سبقت مجزرة كفر قاسم والأجواء الحالية داخل إسرائيل بعد مرور 52 عاما على تنفيذها، اليوم يطلق على العرب أوصاف "الطابور الخامس والخونة"، مع أنهم جيراننا داخل الدولة".
وختم بالقول إن "السلوك العنصري الإسرائيلي ضد العرب داخل الدولة يتمثل في رفض أصحاب المباني اليهودية تأجير الفلسطينيين لشقق سكنية فيها، كما أن الأحياء التي يسكن فيها العرب يرفض اليهود الإقامة فيها، حتى أن زعماء الدولة اليوم يحرضون ضد العرب، ويعاملونهم بصورة تمييزية سلبية مستهترة، مما قد يمهد الطريق لتنفيذ مجزرة جديدة ضدهم".