تنوي الحكومة
المصرية
التخلص من عدد كبير من موظفي القطاع العام خلال الفترة المقبلة تنفيذا لاتفاق مع
صندوق النقد الدولي، بحسب خبراء.
وأثارت هذه الخطة
مخاوف من تزايد أزمة
البطالة، المتفاقمة أصلا في البلاد منذ عدة سنوات، حيث يعاني
الاقتصاد من صعوبات عديدة لم يتعاف منها منذ ثورة كانون الثاني/ يناير 2011.
مليونا موظف؟!
وكشف رئيس الوزراء
مصطفى مدبولي أن الحكومة تعمل على تنفيذ خطة لإعادة هيكلة القطاع العام تتضمن
تخفيض عدد الموظفين، موضحا أن أكثر من 38% من الموظفين في القطاع العام سيحالون
للتقاعد خلال السنوات العشر المقبلة.
وأضاف مدبولي، خلال
اجتماع للغرفة التجارية الأميركية بالقاهرة الأسبوع الماضي، إن مقترحات إعادة
الهيكلة مرتبطة بتقليل العمالة قبل نقل مقرات الوزارات والهيئات الحكومية إلى
العاصمة الإدارية الجديدة، موضحا أن الحكومة ستعمل أيضا على إتاحة الكثير من
الخدمات الحكومية عبر الإنترنت مع بداية 2019.
وبحسب بيانات الجهاز
المركزي للإحصاء فإن عدد العاملين في القطاع العام يبلغ نحو 5 ملايين موظف، ما
يعني أن من سيحالون للتقاعد، وفقا لتصريحات رئيس الوزراء، يقترب من مليوني موظف.
"عبء يجب التخلص منه"
وتزايدت خلال الفترة
الماضية تصريحات المسؤولين الحكوميين ونواب البرلمان التي تنتقد ارتفاع أعداد
الموظفين في القطاع العام، والمطالبين بالتخلص من العبء الذي يمثلونه على موازنة
الدولة.
وكانت وزيرة التخطيط
هالة السعيد، قد أكدت في أيار /أيار الماضي، أن الجهاز الإداري بالدولة يعمل به
أكثر من 5 ملايين موظف، بنسبة موظف واحد لكل 22 مواطنا، مشيرة إلى أن الحكومة تستهدف
خلال الفترة المقبلة إلى الوصول إلى المتوسط العالمي أي نسبة موظف واحد لكل 80
مواطنا.
وتعني هذه التصريحات
أن الحكومة تستهدف تسريح أكثر من ثلثي العدد الحالي من الموظفين للوصول إلى
المتوسط العالمي.
كما طالب النائب مدحت
الشريف وكيل اللجنة الاقتصادية في البرلمان بإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة
للتخلص من العمالة الزائد التي تلتهم ربع الموازنة العامة تقريبا، مشيرا إلى أن
مخصصات الأجور للعاملين في القطاع الحكومي تبلغ في العام المالي الحالي نحو 270
مليار جنيه في مقابل 266 مليارا العام الماضي.
التدريب وإعادة
التوجيه
وتعليقا على هذه
الخطوة قال الخبير الاقتصادي مصطفى بدر الدين إن العمالة في القطاع الحكومي تعاني
من تضخم كبير حيث يزيد أعداد الموظفين عن الاحتياج الفعلي، مشيرا إلى أن هذا
التضخم حدث نتيجة التوظيف الخاطئ خلال عقود طويلة سابقة دون وجود حاجة حقيقية
لإرضاء الشعب.
وأضاف بدر الدين، في
تصريحات لـ "
عربي21"، أن الحكومة اتخذت منهجا للعلاج يعتمد على مسارين
أساسيين، الأول هو وقف التعيينات في القطاع العام منذ عدة سنوات، والمسار الثاني
هو تحويل الكثير من الخدمات الحكومية إلى خدمات الكترونية لتقليل الاعتماد على
العنصر البشري وتسهيل الاستغناء عن العمالة الفائضة مستقبلا.
وأوضح أن العلاج
الصحيح لهذه المشكلة يعتمد على تدريب الموظفين الحاليين وإعادة توجيههم من الأماكن
التي يوجد بها فائض للعمل في القطاعات والأماكن التي تعاني نقصا في العمالة، لكن
هذا الأسلوب يواجه بمقاومة شديدة ن جانب الموظفين الذين يرفضون ترك أماكنهم
الحالية المريحة والعمل في أماكن جديدة تحتاج إلى تعلم مهارات جديدة.
طابور البطالة سيطول
من جانبه قال الباحث
الاقتصادي أحمد سليمان إن الحكومة تعهدت لصندوق النقد الدولي بتقليص بند الأجور
التي تتحملها الموازنة العامة للدولة، ضمن شروط الحصول على قرض بقيمة 12 مليار
دولار قبل نحو عامين تم صرف 8 مليارات دولار منه حتى الآن، بعد أن نفذت الحكومة
العديد من الإجراءات الاقتصادية المؤلمة منها تحرير سعر صرف الجنيه ورفع الدعم عن
الوقود والكهرباء بشكل متدرج وزيادة أسعار الخدمات الحكومية بشكل كبير.
وحذر سليمان، في
تصريحات لـ "
عربي21"، من أن تسريح هذه الأعداد الكبيرة من موظفي الحكومي
سيزيد من تفاقم الأزمة في البلاد حيث سينضمون إلى طابور البطالة، موضحا أن قدرة
القطاع الخاص على التشغيل ضعفت بشدة بسبب القرارات الحكومية الأخيرة، وخاصة تعويم
الجنيه وزيادة أسعار الطاقة لنحو ثلاثة أضعاف، وحالة التضخم التراكمي التي يعاني
منها الاقتصاد المصري والتي أجبرت آلاف المصانع على غلق أبوابها، كما قللت نسبة
كبيرة من المصانع القائمة من أعداد العاملين فيها لتقليل نفقاتها.