قال سايمون هندرسون مدير برنامج برنستاين لشؤون
الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن للدراسات إن الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب
يعتمد استراتيجية تقوم على فرضية الاعتماد على إنتاج
نفط احتياطي من أماكن عديدة
في العالم لتعويض خسارة إمدادات
إيران نتيجة
العقوبات.
أوضح هندرسون في تقرير نشره المعهد إلى أن
السعودية ستساهم في تحقيق استراتيجية ترامب عبر زيادة الإنتاج إلا أن العديد من
العوامل تصعب التوصل للنتيجة التي يريدها ترامب وهي الوصول إلى تحقيق طهران
"صفر عائدات" من تصدير النفط .
ولفت إلى أن جون بولتون مستشار ترامب للأمن
القومي أرسل تليمحات بشأن هذه التعقيدات خلال إحدى الفعاليات الشهر الماضي وقال إن
واشنطن تريد الضغط على إيران وليس التسبب بالضرر لحلفائنا وأصدقائنا ممن يشترون
منها.
ورأى أن إشارة بولتون بعدم قدرة بعض الدولة على
التوقف عند نقطة صفر من شراء النفط الإيراني كان محاولة استرضائية.
وأشار هندرسون إلى أن "تكتيك" إقناع عملاء النفط الرئيسيين
لدى طهران تفاوت في النجاح فقد توقفت اليابان وكوريا الجنوبية عن الشراء لكن في
المقابل ترى الهند والصين وتركيا أن الإمدادات العالمية ليست كافية للتخلي عن
النفط الإيراني.
وأضاف: "في المرحلة المقبلة من الممكن أن تقدّم
واشنطن إعفاءات محدودة فيما يخص شراء النفط الإيراني بشرطين هما: أن تودَّع العائدات
الناتجة عن صفقات الشراء في حسابات ضمان، وأن تُمنع إيران من استخدام هذه الأموال
إلا إذا كان ذلك لأغراض إنسانية محددة بدقّة، على الأقل إلى حين تَوفُّر إمدادات
إضافية من السعودية وروسيا في منتصف عام 2019".
وشدد على أن الهدف الحقيقي يصبح تحقيق إيران
عوائد صفرية من صادراتها وليس إنهاء جميع الصادرات ودلل على ذلك بأنه وفي حال دفعت
الهند تكاليف الإمدادات الإيرانية بالروبية المحلية فلن تستفيد طهران مثل
استفادتها من الدفع بالدولار.
وعلى الرغم من أنه من غير المتوقع أن تتعاون
بكين مع الولايات المتحدة إلا أنها ترسل إشارات متضاربة ففي 24 تشرين الأول/أكتوبر
أفادت وكالة رويترز أن اثنتين من كبرى شركات التكرير الصينية المملوكة للدولة لم
تلتزما بتحميل النفط الإيراني في تشرين الثاني/نوفمبر بسبب مخاوف من انتهاك
العقوبات الأمريكية.
ومع ذلك، بعد يومٍ واحد، ظهرت تقارير تشير إلى
أن إيران خططت لإرسال أكثر من 20 مليون برميل نفط إلى ميناء داليان الصيني في
تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر، فيما يشكّل زيادة حادة عن الكميات
الشهرية المعتادة.
من جانبها أفادت "بلومبرغ" أن منظمة
الدول المصدرة للنفط "أوبك" أشارت إلى أنها قد تخفّض إنتاجها في عام
2019. وتحاول المنطمة بالتعاون مع روسيا، "منع زعزعة توازن السوق مرة
أخرى" من خلال إعداد "خيارات" حول كمية إنتاج النفط في العام المقبل.
ويعني ذلك انخفاض الأسعار وهي أخبار جيدة للمستهلكين ولكنها سيئة للدول المنتجة
التي تحاول تمويل ميزانياتها الوطنية.
ولفت الباحث إلى أن العديد من العديد من الحكومات
شعرت بالاستياء من الدعوة الأخيرة التي وجّهها الرئيس ترامب إلى منظمة
"أوبك" لزيادة الإنتاج من أجل خفض الأسعار.
ورأى هندرسون أن قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي تؤثر بشكل كبير على
حسابات السعودية وعلى الرغم من تأييد الرياض لزيادة العقوبات على إيران إلا أنها
تسير بشكل بطيء في تنفيذ الزيادة الموعودة من الإنتاج بحسب صحيفة
"بوليتيكو" الإسبانية.
وعبر عن اعتقاده عن احتمالية تغيير الرياض لهجتها مع البيت الأبيض
لمنع لومهم بشكل مباشر على جريمة قتل.
وعلى الرغم من ذلك إذا حاول الكونغرس تقييد
مبيعات بيع الأسلحة للمملكة فقد يتغيّر التزام الرياض بضخ النفط مرة أخرى فالإنتاج
الراهن يبلغ حوالي 10,5 ملايين برميل يومياً لكن الخبراء يعتقدون أنه قد يصل
بسهولة إلى 11 مليون.
ورأى الباحث أن استعداد طهران لتغيير سلوكها
والتفاوض بشأن القضايا النووية والصاروخية والإقليمية يعتمد على الأرجح على مجموعة
من الضغوط المستمرة وإذا كان النفط هو نقطة الضغط الأكثر وضوحاً، فهو في الوقت
نفسه النقطة الأكثر احتمالاً التي ستؤدي إلى عواقب غير مقصودة في أماكن أخرى.
وأضاف: "على الرغم من أن الظروف مهيّأة
لتحقيق نصر أمريكي أوّلي على الأقل حول تقييد صادرات النفط الإيرانية، إلا أنه يجب
الحفاظ على هذه الميّزة على مدى عدة أسابيع وربما أشهر إذا كان الهدف إرغام طهران
على تقديم تنازلات. ومن المستبعد النجاح في التنبؤ باتجاهات سوق النفط بما يتعدّى
المدى القصير جداً نظراً إلى سهولة نقل هذه السلعة بالمقارنة مع مصادر الطاقة
الأخرى.