يناقش البرلمان
المصري الأسبوع المقبل حزمة من
التعديلات لرفع رواتب ومعاشات العاملين بالداخلية، وهو التعديل الثاني على قانون
الشرطة في أقل من أربعة أشهر، حيث سبق للبرلمان إجراء تعديلات موسعة في تموز/
يوليو الماضي منح الداخلية مميزات وصلاحيات موسعة.
وطبقا لعضو اللجنة التشريعية بالبرلمان ومقدم
التعديلات عبد المنعم العليمي، فإنه يقترح تطبيق الحد الأقصى والأدنى لأجور الضباط
بواقع 42 ألف جنيه، بدءا من منصب مساعد أول وزير الداخلية، ثم الأقل في الوظيفة،
وكذلك زيادة معاشات العاملين بالشرطة بنسبة 80% من آخر أجر أساسي قبل بلوغ سن
المعاش.
وأضاف العليمي في بيان وصل إلى "
عربي21"
نسخة منه، أن التعديلات تهدف للاهتمام بالشرطة باعتبارهم الحماية الثانية للدولة
بعد الجيش، فضلا عن تعرض العاملين بها لصراعات ومنازعات بين المواطنين نتيجة
احتكاكهم المباشر بالشارع، معتبرا أن هذه التعديلات ضرورية، تقديرا لدورهم في
حماية الشعب وفق وصفه.
وقد تزامنت هذه المقترحات مع تحذيرات أطلقها
كبير الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي موريس أوبستفيلد، عن ارتفاع مستويات الديون
المصرية، التي عدّ أنها تشكل خطرا على البيئة الحالية، مضيفا خلال مشاركته بمؤتمر
غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة الخميس، أن الخزانة المصرية أصبحت تحت ضغط مستمر.
وقد جاءت تصريحات أوبستفيلد تعليقا على إعلان
البنك المركزي المصري ارتفاع الدين المحلي لنحو 3.694 تريليون جنيه بنهاية حزيران
/ يونيو الماضي، مقابل 3.536 تريليون جنيه بنهاية آذار/ مارس السابق عليه بنمو
4.5%، وقيمتها 158.4 مليار جنيه.
وطبقا للتقرير، فإن صافي الدين المحلي الحكومي
ارتفع من 2.9 تريليون جنيه إلى 3.12 تريليون جنيه خلال الفترة نفسها، بينما ارتفع صافي مديونية الهيئات الاقتصادية العامة، إلى 317.6 مليار جنيه بنهاية حزيران /
يونيو مقابل 287.3 مليار جنيه بنهاية آذار/ مارس، كما ارتفع صافي مديونية بنك
الاستثمار القومي إلى 473.02 مليار جنيه.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي أيمن النجار لـ
"
عربي21" إن هذه التعديلات المتوقع الموافقة عليها، سوف تزيد من أعباء
الموازنة المصرية، خاصة أنها تحتاج لاعتماد إضافي من الموازنة على موازنة وزارة
الداخلية، رغم أن رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، أعلن قبل يومين في منتدي
الشباب بشرم الشيخ، أنه سوف يقلص موازنات الوزارات، بالإضافة لإلغاء العلاوة
السنوية للموظفين بالدولة من أجل توفير 130 مليار جنيه لبناء مدارس جديدة.
وربط النجار بين تحريك هذه التعديلات رغم
وجودها بالبرلمان منذ شهرين، وبين ما أعلنه رئيس مصلحة الضرائب المصرية في
البرلمان الأربعاء الماضي، من تحقيق إيرادات بلغت 115.9 مليار جنيه (6.5 مليارات
دولار) خلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2018/ 2019، بنسبة 108% من الرقم
المستهدف في الموازنة وهو 107 مليارات و440 مليون جنيه.
ويضيف النجار أنه يبدو أن أرقام الضرائب، دفعت
البعض للطمع في الحصيلة، ومن ثَمّ يسعى لتوزيعها، بصرف النظر عن تأزم الوضع
المالي، وحاجته الملحة للتقشف في الإنفاق الحكومي، وليس زيادة الأعباء في شكل
تشريعات تخدم فئات بعينها لأهداف سياسية واضحة، بينما باقي الشعب يعاني من البطالة
التى وصلت لـ 11% طبقا لأفضل تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء،
وكذلك ارتفاع نسب المصريين تحت خط الفقر لـ 27% من عدد السكان.
في إطار آخر يؤكد الباحث السياسي حسين طبلاوي
لـ "عربي21" أن هذه التعديلات تسعى لضمان زيادة ولاء الشرطة للنظام
الحاكم، بمنحهم ميزة مالية تساعدهم في التغلب على غلاء المعيشة الذي يعانون منه
مثل باقي المصريين، بالإضافة لرفع روحهم المعنوية، بعد الانتقادات الموجهة لهم
نتيجة حادث الهجوم على حافلات المسيحيين بالمنيا، واتهامهم بالتقصير في الحادث.
ويرى طبلاوي أن السيسي يسير وفق سياسة
"شراء الولاء بالامتيازات"، وهو ما يقوم به مع القوات المسلحة الت أيدخلها كشريك منفرد بنسبة تجاوزت 75% بمعظم مشروعات الحكومة، وعلى مختلف الأصعدة،
يليهم الشرطة باعتبارها الجناح الثاني لمعادل القوة التي يستخدها في التنكيل
بمعارضيه، ومواجهة أي حركة غضب يمكن أن يشهدها الشارع المصري.
ويشير الباحث السياسي إلى أن السيسي يجهز
المسرح خلال الأشهر الثلاثة المقبلة "لمسرحية التعديلات الدستورية، بما يمكنه
من الاستمرار في منصبه بعد انتهاء ولايته الثانية المقرر أن تنتهي 2022، وهي
المسرحية التي سوف يكون للداخلية دور بارز فيها، بالإضافة للقضاة والكنيسة القبطية،
وعليه، فإن الفترة المقبلة سوف تشهد المزيد من الرشاوى والامتيازات لهذه الفئات
ضمانا لخروج المسرحية طبقا للسيناريو المرسوم لها".
ويرى طبلاوي أن السيسي "يعلم جيدا تراجع
شعبيته بشكل كبير، ولذلك فهو يريد فصل رواتب وامتيازات الداخلية عن عامة الشعب
المصري، حتى لا يكون هناك تضامن وربما اتحاد بينهم في أي تفجر محتمل للأوضاع
الداخلية نتيجة الارتفاع الجنوني للأسعار، رغم الضغط والقسوة الأمنية المتزايدة".