نشرت شبكة "بي بي سي" تحقيقا يسلط الضوء على "تجارة الأخبار المزيفة"، وكيفية صناعتها وجني الأموال منها ولاسيما في الدول الغربية، وذلك من خلال حديث عدد من تجّار هذه الأخبار.
وقال أحد "تجّار الأخبار المزيفة" في عاصمة كوسوفا، بريشتينا، إنه "جاء إلى كوسوفا منذ أكثر من عام عندما كنت أقوم ببحث عن كتاب عن قوة العصر الرقمي وكيف تغيرت في الآونة الأخيرة".
وأضاف: "لقد سمعت عن حملات التأثير الروسية التي تعمل في الخفاء والجيوش التي تخوض معاركها من خلال المعلومات".
ولكن، من قابلتهم هنا أكدوا وجود سبب آخر يدفع الناس إلى إرسال الأخبار المزيفة والمثيرة إلى الجماهير في الدول الغربية. إنه المال، بحسب قول "تاجر الأخبار المزيفة".
ويستخدم مصطلحا "كليك بيت" و"الأخبار المزيفة" في بعض الأحيان بالتبادل لوصف تداول المواد المثيرة أو المزيفة على شبكة الإنترنت.
ونقل تاجر الأخبار المزيفة عن شخص يدعى "بيورم" أنه أثبت له قبل عام أن نشر المعلومات المضللة بمثابة صناعة مزدهرة. وكان تأثير بعض المعلومات المضللة التي وصفها بالسياسية كبيرا للغاية.
وببساطة، فإن جني المال من الإنترنت يعني جمع أكبر عدد من المستخدمين. ويمتلك التاجر، الذي تحدثت إليه، قرابة 12 صفحة على فيسبوك، مخصصة لكل شيء بداية من المسيحية الإنجيلية حتى الوجهات السياحية لقضاء العطلات.
وأوضح أنه "مهما كان موضوع تلك الصفحات، فقد كانت تجذب عددا كبيرا من المستخدمين، فهذه تحظى بإعجاب 90 ألف شخص، وأخرى بإعجاب 240 ألفا وثالثة بـ 26 ألف إعجاب".
وأشار إلى أن "بيورم" تمكن من إيصال محتواه إلى قرابة مليون شخص، وحوّل تلك النقرات على لوحة المفاتيح إلى إيرادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الخارجية، لقد كان "بيورم" يجني قرابة 600 يورو في يوم واحد.
وأردف "تاجر الأخبار المزيفة": "إنها أموال أكثر بكثير من أن تقدمها أي وظيفة قانونية يمكن أن يحصل عليها".
وتابع: "في الوقت الذي قابلت فيه بيورم، بدأت شركات التكنولوجيا الكبرى تتعهد بالقضاء على هذه الصناعة، ووصف مؤسس موقع فيسبوك، مارك زوكربيرغ، الأخبار المزيفة بأنها تمثل "تحديا شخصيا" له".
وفي عام 2018، ضاعف فيسبوك من فرق الأمن الإلكتروني لديه إلى 20 ألف شخص، وأغلق عددا كبيرا من الصفحات التي تنشر الأخبار المزيفة "كليك بيت"، ما أدى إلى قلة مشاهدتها إلى حد كبير.
وأكد "تاجر الأخبار المزيفة" أن "الجمهور على تلك الصفحة هو في الغالب من البريطانيين".
وذكر تحقيق "بي بي سي" أن "الإجراءات التي اتخذها فيسبوك، التي سمعتُ عنها كثيرا، كان لها بعض التأثير، إذ أغلقت صفحة تلو أخرى، وانخفض الدخل اليومي من 600 يورو إلى نحو 100 يورو".
وبعد ذلك قلت أرباح نشر الأخبار المزيفة وربما باتت بعيدة إلى حد كبير عن القضايا السياسية، وتحولت على ما يبدو إلى نوع من الضجة بين المشاهير، والقصص المزيفة عن لاعبي كرة القدم أو العنف الجنسي، وبات مروجو هذه الأخبار يتبادلون الأخبار "التافهة".
ومع ذلك وعلى الرغم من قلة الأرباح، فإنها لا تزال الممارسة تنتشر انتشارا واسعا على الإنترنت، حيث قال أحد التجار إن "40 في المائة من الشباب في كوسوفا يقومون بهذا". وقال آخر: "الآلاف والآلاف يقومون بهذا".
ورغم إجراءات "فيسبوك" إلا أنه لا تزال هناك شبكات من مجموعات مغلقة تضم ما يترواح بين بضع مئات إلى عدة آلاف من الأعضاء، ولكي تصبح عضوا في هذه المجموعة المغلقة فإنه يتعين عليك فقط أن تتلقى دعوة من الداخل.
وفي داخل تلك المجموعات، كان من الواضح أن فيسبوك ليس فقط المكان الذي يجمع فيه هؤلاء "التجار" الجماهير، لكن كان من الواضح أنه أيضا مكان يتعامل فيه تجار الأخبار المزيفة فيما بينهم.
وهناك صفحات على فيسبوك تحظى بمئات الآلاف من الإعجابات تباع بآلاف من الدولارات. وآخرون يبيعون إعجابات مزيفة أو حسابات مزيفة أو يقدمون نصائح حول كيفية الالتفاف حول إجراءات "فيسبوك".
وفي مهمة البحث عن نقرات المستخدمين على الإنترنت، يفوز عادة المحتوى المخيف أو الصادم أو المبالغ فيه أو المثير للانقسام.
وبحسب التحقيق، فقد بدأ التفكير في هذا النوع من الأخبار المزيفة، وهذا المحتوى الذي يُصدّر إلى الأسواق الغربية من أجل جني المال، كشيء يشبه زراعة الأفيون. إنه محصول يدر أموالا كثيرة.