نشرت مجلة "لوبوان" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن الغموض
الذي يحوم حول استقالة رئيس جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، الذي فاجأ قراره
الجميع، خاصة المقربين من النظام الجزائري.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن وكالة
الأنباء الرسمية الجزائرية أعلنت يوم 14 تشرين الثاني/ نوفمبر عن قرار جمال ولد
عباس بالتخلي عن منصب الأمين العام للحزب؛ لأسباب صحية تقتضي إجازة مطولة. وقد
مُنحت الرئاسة المؤقتة للحزب لمعاذ بوشارب، البالغ من العمر 47 سنة، الذي وقع
تعيينه حديثا رئيسا للبرلمان بعد الإطاحة بالرئيس السابق السعيد بوحجة.
وفي حديثهم مع الصحفيين، الذين سرعان ما توافدوا على مقر الحزب بعد
إعلان الخبر، نفى قادة حزب جبهة التحرير الوطني علمهم بحقيقة ما يحدث. وفي هذا
السياق، أفاد أحد النواب بأنه "لا أحد يعرف ما يجري، نحن لا نفهم شيئا".
كما تقر مصادر بأن الاستقالة المفاجئة لولد عباس جاءت على إثر مكالمة مجهولة وردته
مساء يوم الثلاثاء. ومن المرجح أن تكون هذه المكالمة من "زرالدة"، حيث
يقع المقر الطبي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. ولكن يبقى من غير الواضح ما إذا كان
السبب الحقيقي الذي يكمن وراء تخليه عن هذا المنصب صحيا أم أنه ناتج عن حالة استياء.
وأضافت المجلة أن جمال ولد عباس دعا في عدة مناسبات رئيس الجمهورية
إلى الترشح لولاية خامسة، كما أعلن مؤخرا أن بوتفليقة سيكون ممثل حزب جبهة التحرير
الوطني في الانتخابات الرئاسية لسنة 2019. وقد أكد النائب والوزير السابق أنه
سيقوم بتسيير المؤتمر القادم للحزب، المقرر عقده خلال ثمانية أشهر من الآن. ولطالما عبر ولد عباس، الذي يدعي أنه درس جنبا إلى جنب مع أنجيلا ميركل، على
ولائه الدائم للنظام وحماسه في مساندة الرئيس بوتفليقة، حتى أنه في تعليقه على
الحالة الصحية لرئيس الدولة، أقسم قبل بضعة أشهر بصفته طبيبا أن بوتفليقة سيتماثل
للشفاء، وسيستعيد القدرة على المشي مرة أخرى.
اقرأ أيضا: أقيل أم استقال؟ صحف الجزائر تقرأ تنحي رئيس الحزب الحاكم
ونوهت المجلة بأنه يمكن للعديد من التأويلات تفسير أسباب هذه
الاستقالة المفاجئة. فقد كشفت "لوبوان أفريك" بتاريخ 29 تشرين الأول/
أكتوبر عن انزعاج النظام من التصرفات المتمادية لولد عباس، واستنكاره للطريقة
المتسرعة التي أعلن من خلالها عن ترشح بوتفليقة لولاية خامسة. وفي سياق متصل، أورد
أحد المسؤولين في حزب جبهة التحرير الوطني أن مصير ولد عباس محتم، حيث لا يمكنهم
المرور إلى انتخابات رئاسية مع عضو غير مسؤول، ولا يتوانى عن مهاجمة حلفائه.
وأكدت المجلة أنه لا يخفى على الجميع أن جمال ولد عباس تعمد إهانة
رئيس الحركة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس، الذي يعدّ من الداعمين الثابتين
لرئيس الدولة. وتعليقا على هذه الإهانة، صرح بن يونس: "في بعض الأحيان، يكون
أصدقاؤك قادرين على إيذائك أكثر من خصومك". وبناء على ذلك، يعدّ سوء سلوك
ولد عباس إلى جانب ارتكابه عدة أخطاء سياسية فادحة سببا في تعجيل سقوطه.
وأوردت المجلة أن وزير العدل والمسؤول في حزب جبهة التحرير الوطني،
الطيب لوح، فاجأ الجميع بمهاجمته لرئيس الوزراء أحمد أويحيى، وإشادته بقرار رئيس
الدولة بإلغاء الضرائب المقررة من قبل الرئيس التنفيذي. ويمثل هذا الموقف العدائي
للطيب اللوح ضد أويحيى ردة فعل طبيعية على الإجراءات التعسفية التي سلطت على رجال
الأعمال التابعين للدولة في التسعينات، عندما كان أويحيى يشغل منصب رئاسة الحكومة
في تلك الفترة.
وقد كان أويحيى، الذي اعتبره الكثير من المراقبين خليفة محتملا
لبوتفليقة، عرضة للعديد من الهجمات وخيبات الأمل خلال الأسابيع الأخيرة؛ بسبب
تجاوزه لقانون القصر الرئاسي الذي يقضي بوجوب الرجوع لصناع القرار أنفسهم، أي
الجيش والرئاسة.
وفي
الختام، نقلت المجلة تصريحا أدلى به جمال ولد عباس يوم 13 تشرين الثاني/ نوفمبر،
ردا على الجدل القائم بخصوص كل من الطيب لوح وأحمد أويحيى، قال فيه: "نحن نغسل
أيدينا"! لكن قيمت جهات عليا موقف ولد عباس على أنه "تنكر" للطيب
لوح؛ ما سرع في سقوطه بعد سويعات قليلة.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
مجلة فرنسية تكشف كواليس عملية تطهير الجنرالات في الجزائر