نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن أسباب تطرق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لفكرة إنشاء جيش أوروبي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن سبب اعتماد الرئيس الفرنسي لمصطلح "جيش أوروبي" في برلين، يعزى إلى توافقه مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حول تكوين ثقافة تشغيلية ومالية واستراتيجية مشتركة من أجل ضمان أمن الاتحاد الأوروبي على المدى البعيد.
وذكرت الصحيفة أنه أثناء تواجده يوم الأحد في بوندستاغ، لم يستخدم إيمانويل ماكرون عبارة "الجيش الأوروبي"، وبدلا من ذلك فضل اعتماد عبارة "دفاع أوروبي"، التي تعتبر أقل رمزية وأكثر عراقة. ومن الواضح أن ماكرون لم يرد إعادة استخدام نفس المصطلحات التي سبق وتطرق لها خلال المقابلة الحوارية التي أجراها مع راديو "أوروبا 1"، في السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر. وقد أثارت عباراته تلك العديد من ردود الأفعال، بما في ذلك التغريدات التي نشرها دونالد ترامب.
وأوضحت الصحيفة أن فكرة إنشاء "جيش أوروبي" لا تزال تشغل بال الرئيس الفرنسي. فيوم الأحد، حث رئيس الجمهورية الفرنسية الأوروبيين على "توفير أدوات تضمن سيادتهم"، وأعرب عن أسفه من أن "الكثير من القوى تسعى إلى محونا من اللعبة العالمية". وفي هذه التصريحات إشارة واضحة إلى البلدان التي ذكرها في مقابلته مع الراديو، وهي روسيا والولايات المتحدة والصين.
وقبل يومين من الزيارة التي أداها ماكرون إلى العاصمة الألمانية، أكد قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي يتبنى تماما فكرة "الجيش الأوروبي"، مؤكدا أنها لن تُطبق على المدى القريب، ولن تستهدف أي طرف بسوء، لا سيما حلف شمال الأطلسي. وقد أوردت أطراف مقربة من الرئيس الفرنسي أنه "من الواضح أن الجيش الأوروبي مفهوم قابل للتطبيق على المدى البعيد. ويعتمد الجدول الزمني الذي سيعمل على إرسائه على قدرتنا وإرادتنا السياسية الجماعية".
اقرأ أيضا: اقتراح "جيش أوروبي" يقسم أوروبا بين مؤيد ورافض
وأوردت الصحيفة أن قائمة المعارضين لفكرة الجيش الأوروبي، التي تُعد أعرق من الاتحاد الأوروبي في حد ذاته، طويلة جدا. فقد لخّصها أرنود دانجان في صحيفة "لوبينيون" الفرنسية بتاريخ 14 تشرين الثاني/ نوفمبر في "شعار لطيف، وأحجية مطلقة، ومفهوم غامض". وتساءل النائب الأوروبي عن حزب الشعب الأوروبي "عمن يمتلك شرعية إرسال الجنود للقتل والموت؟ فالسلطة السياسية التي تتمتع بهذا النفوذ الهام تفتقر للشرعية اليوم خارج الإطار الوطني".
أما بالنسبة للمؤرخ جورج هنري سوتو "فإن إنشاء جيش أوروبي يفترض استيفاء شرطين في المقام الأول. أولهما تجاوز الاختلافات بين الأوروبيين. ففي الوقت الذي تتمثل فيه الأولوية الاستراتيجية لبعض الأوروبيين بما في ذلك فرنسا، في الجنوب، يهتم آخرون وخاصة ألمانيا، بالشرق". وشدد هذا المتخصص في العلاقات الفرنسية الألمانية على "ضرورة تكوين أركان عسكرية تمتاز بقدرات قيادية عملياتية".
ونقلت الصحيفة عن جورج هنري سوتو أن "الألمان لا يرغبون في رؤية فرنسا تمسك بزمام الدفاع الأوروبي، بجيش فرنسي يكتسي ألوانا أوروبية". ووفقا لسوتو، سيواجه الجيش الأوروبي تحديات هائلة على غرار الطعون التي لن تتردد محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ في تقديمها. واستشهد سوتو بقضية عقيد من القوات الجوية الفرنسية الذي رفض التوقيع على أمر إرسال أربع طائرات مقاتلة من نوع "تورنادو" إلى أفغانستان. وعلى خلفية ذلك، أصدرت هذه الهيئة الأوروبية حكما لصالح هذا العقيد واعترفت بحقه في "المعترض الضميري"، حتى أثناء العمليات.
ووفقا لما أفاده به مراقب رفيع المستوى في برلين، فإنه إذا أشارت المستشارة الألمانية إلى "الهدف" من تكوين جيش أوروبي، يوم 13 تشرين الثاني/ نوفمبر أمام البرلمان الأوروبي، "فإن ذلك كان في إطار لفتة تجاه ماكرون، وحتى لا تظهر تحفظها الممنهج إزاء المشاريع الأوروبية، في الوقت الذي بدت فيه مترددة بشأن ملف الضرائب المفروضة على عمالقة الويب".
اقرأ أيضا: فكرة الجيش الأوروبي الموحد هل تتبلور لواقع؟
وفي الختام، نوهت الصحيفة بأن ترامب شكك في قناعات الناتو ولكنه أثار شكوكا حول مدى مصداقية الولايات المتحدة. ومن جهتها، بدأت أنجيلا ميركل في تطوير العقيدة العسكرية للجيش الألماني. ففي شهر أيلول/ سبتمبر، تم طرح مسألة دعم الضربات التي تنفذ في سوريا. وفي الواقع، تشهد الدبلوماسية الألمانية تطورا بطيئا.
إندبندنت: هكذا تستغل عصابات جنس ومخدرات اللاجئين بباريس(صور)
قاض فرنسي يقبل دعوى ضد ابن سلمان لدوره في حرب اليمن