قال الكاتب
الإسرائيلي بيتسلئيل ليفيا إن
"قطاع
غزة يبدو مثل عظمة في الحلق الإسرائيلي، لأنه رغم استمرار الحكومة
الإسرائيلية في الحديث منذ أكثر من عشر سنوات عن
الحلول الخاصة بالقضاء على
العمليات المسلحة، واستئصال حماس إلا أن الهدف لم يتحقق حتى جاءت المواجهة الأخيرة
واعتبرت مؤشرا على توجه الفلسطينيين إلى نموذج اللبننة".
وأضاف في مقاله على موقع نيوز ون الإخباري،
وترجمته "
عربي21" أن "استمرار مظاهر التسلل عبر حدود غزة منذ مارس
2018، ووضع عبوات ناسفة، هو ذاته ما واجهته إسرائيل في جنوب
لبنان قبل الانسحاب
منه عام 2000، وما نسمع عنه من صواريخ الكورنيت ونيران القناصة تعيد إلى أذهاننا
الأيام السيئة في لبنان، والأخطر من ذلك أن بيانات حماس عن عملياتها باتت تسبق
إعلان الناطق العسكري الإسرائيلي".
وأكد أن "الفرق بين لبنان وغزة، أن
إسرائيل امتلكت قرار الانسحاب من الجبهة الأولى في لبنان، وليس لديها ذات
الإمكانية لتكراره في الجبهة الثانية بغزة، لأن ما تشهده أكثر تعقيدا من عملية هنا
أو اشتباك هناك، لأنه مرتبط بحراك سياسي، والغريب أن هذه الحكومة اليمينية الأقوى
بتاريخ إسرائيل تتحدث عن حلول سحرية للقضاء على حماس ولم تنجح، حتى الحصار البري
والبحري لم يمنع حماس من التزود بصواريخ وقذائف".
وأشار أنه "عقب وقف المفاوضات مع السلطة
الفلسطينية، باستثناء التنسيق الأمني بالضفة الغربية، واستمرار التصريحات
الإسرائيلية ضد أبو مازن، فقد بقي قطاع غزة وجع الرأس الخاص بإسرائيل فقط، هذا الساحل
الساحلي ذو الأربعين كيلومترا يعيش فيه مليونا إنسان غالبيتهم من اللاجئين، ومنذ أن
نشأ في خمسينيات القرن الماضي ظهر فيه الفدائيون".
وأوضح أن "العمليات المسلحة في قطاع غزة
انتعشت بعد احتلاله في عام 1967، ثم جاءت الانتفاضة الأولى 1987، وكثيرون من
مقاتلي الانتفاضة الثانية 2000-2005، جاءوا من صفوف هذه البقعة الجغرافية المزدحمة".
وأكد أن "مراجعة تاريخية للسياسة
الإسرائيلية تجاه قطاع غزة تكشف خطأها طوال العقود والسنوات السابقة، فرئيس
الوزراء الأسبق مناحيم بيغن لم يقدم غزة للمصريين خلال مفاوضات كامب ديفيد 1978،
ولا الرئيس أنور السادات طلب أخذه، بعكس ما كان يسعى لاسترداد كل حبة رمل من منطقة
طابا".
واستطرد قائلا "حتى جاء أريئيل شارون
وانسحب من القطاع في 2005 دون اتفاق مع الفلسطينيين بعد هدم التجمعات الاستيطانية
اليهودية التي كان هو في السابق من بناتها الأوائل".
وأوضح أنه "في هذه الحالة اكتشف
الإسرائيليون خطأ سياساتهم مع غزة. بيغن آمن، أو أراد أن يؤمن، أن غزة جزء من أرض
إسرائيل، وأن الاستيطان فيها يوازي نظيره بالضفة الغربية، فيما شارون آمن، أو أراد
أن يؤمن، أن الفلسطينيين لن يزعجوا إسرائيل بعد الانسحاب من غزة، وهم مستعدون أن
يعيشوا معهم بسلام، حتى تتوج خطأ السياسة الإسرائيلية بما أقدم عليه إسحاق رابين في
توقيع اتفاق أوسلو مع ياسر عرفات في 1993".
وأوضح أن "هذه السياسات الإسرائيلية
الخاطئة تجاه غزة أنتجت في النهاية هذا الواقع الأمني السيئ، في ظل غياب حلول
عسكرية أو اقتصادية تجاه غزة، فإن الحلول المتبقية أمام إسرائيل تتطلب إعادة
السلطة الفلسطينية إلى غزة شرط أن تفكك حماس سلاحها بالاتفاق أو بالقوة، ما يتطلب
توافقا إسرائيليا فلسطينيا، سريا أو علنيا، لتحقيق هذا الهدف، ونتيجة هذا الاحتمال
صفر".
وأضاف أن "هناك خيارا آخر بأن تستعين
السلطة الفلسطينية بدول عربية مثل مصر والسعودية، باتفاق مع إسرائيل وصمتها،
فالقاهرة ترى في حماس أبناء الإخوان المسلمين الأعداء الأساسيين للسيسي، والرياض
تعتقد أن حماس حليفة لأعدائها في المنطقة وهم الإيرانيون، ما يعني الدخول في
مواجهة عربية-عربية لخدمة مصلحة إسرائيلية، وهو ما لا يجد استحسانا لدى الرأي
العام العربي".
وأشار أن "هذه فكرة واقعية، لكن احتمال
تطبيقها منخفض، لأن الولايات المتحدة لابد أن تكون في صورة المشهد، فهي الوحيدة
القادرة على أن تجعل الصورة أكثر عملية من خلال استخدام وسائل التأثير على الدولتين
العربيتين: مصر والسعودية".
وقال إنه "لا أحد يعلن ما إن كانت هذه الفكرة
قد طرحت على طاولة الزعماء في المنطقة أم لا، لكن ربما آن أوان التعامل معها،
والنقاش حولها، لأن الوقت لا يعمل لصالح بدائل أكثر قسوة وسوء مما نراه اليوم".