نشرت مجلة "ذي أتلانتيك" مقالا للصحافية كاثي غيلسينان، تقول فيه إنه من السهل التنبؤ بالنتيجة التي يفضل ترامب التوصل إليها في المعركة بين حدسه والأدلة المعاكسة له.
وتشير الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد أيام من نشر صحيفة رئيسية بأن تقييم وكالة الاستخبارات المركزية هو أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أمر بقتل الصحافي جمال خاشقجي، فإن الرئيس أعلن عن دعمه الكامل للسعودية.
وتورد المجلة نقلا عن الرئيس، قوله في بيان له: "تستمر وكالات استخباراتنا في تقييم المعلومات كلها، لكن قد يكون ولي العهد على علم بهذا الحدث المؤسف -ربما كان يعلم وربما كان لا يعلم- وقد لا نعرف الحقائق المحيطة بقتل السيد جمال خاشقجي كلها، وعلى أي حال فإن علاقتنا مع المملكة العربية السعودية".
وتعلق غيلسينان قائلة: "حتى لو كانت وكالة الاستخبارات المركزية، كما ذكرت التقارير (واثقة جدا) من استنتاجها حول تورط ولي العهد، إلا أن ترامب راهن بشكل كبير على السعودية وزعيمها المستقبلي الشاب، وهذا ما كانت له أولوية".
وتلفت الكاتبة إلى أن ترامب اصطدم مع مخابراته من قبل، خاصة في مسألة التدخل الروسي لصالحه في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، فقال عن وكالة الاستخبارات المركزية بعد انتخابه بفترة وجيزة: "هؤلاء الناس أنفسهم الذين قالوا إن لدى صدام أسلحة دمار شامل"، ثم لم يقبل الاستنتاج العام الذي توصلت إليه كل من وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيق الفيدرالي ووكالة الأمن القومي مستخدما الحجة ذاتها، (وفي أوقات مختلفة، بما في ذلك تحت الضغط، اعترف بالدور الروسي في التلاعب في الانتخابات، كما أنه تراجع أكثر من مرة).
وتقول غيلسينان: "إن كان ترامب نفسه متشككا في التدخل الروسي، فإن أجزاء أخرى من الحكومة كانوا أقل تشككا، حيث قامت الإدارة مكررا بمعاقبة روسيا تحت حكم ترامب، وقام المستشار الخاص روبرت مولر بتوجيه تهم لأشخاص روسيين لضلوعهم في التدخل في الانتخابات الرئاسية الامريكية.
وتفيد الكاتبة بأن "ترامب استخدم مصطلحات مشابهة للدفاع عن روسيا، وللتشكيك في تورط ولي العهد في مقتل خاشقجي، وكما في عملية التدخل الروسي فإنه قام بالتطرق إلى توضحيات بديلة (فرجل وزنه 400 باوند في طابق تحت الأرض كان المتهم في القضية الروسية، في الوقت الذي كان فيه (مارقون) هم المسؤولون عن وفاة خاشقجي)، وأعلن مصداقية إنكارات المجرمين، سواء كان فلاديمير بوتين أو محمد بن سلمان، ولجأ أحيانا إلى التذرع بعدم معرفة شيء، فعندما سئل على (فوكس نيوز) إن كان ولي العهد يكذب بشأن تورطه، فإنه قال: (لا أعلم، أنت تعلم، من يمكنه أن يعرف حقا؟)".
وتجد غيلسينان أن "ما كان مثيرا بالنسبة لبيان البيت الأبيض يوم الثلاثاء هو الإيحاء بأنه مهما كان مدى صحة تورط ولي العهد، فإن ذلك لا يهم فعلا".
وتنوه المجلة إلى أن خاشقجي اختفى من القنصلية في اسطنبول بينما كان يسعى لاستخراج وثيقة ليتزوج، ومباشرة تقريبا بدأت التقارير المعتمدة على تسريبات تظهر في الصحافة التركية، تلمح بالاشتباه بولي العهد، الذي قام بالإمساك بخيوط السلطة في المملكة، وأطلق حملة ضد المعارضين، مشيرة إلى أن خاشقجي، الذي كان مقربا من العائلة المالكة، لكنه انتقد جوانب من النظام الحالي لم يكن معارضا داخليا، فقد غادر إلى أمريكا عام 2017، وقال صديق له لصحيفة "يو أس إيه توداي" إنه كان يعلم أنه لا يستطيع العودة "الى المملكة" ثم جاءت المملكة له.
وتبين الكاتبة أن الاستنتاج الذي توصلت إليه وكالة الاستخبارات الأمريكية، الذي لم يعلن رسميا، لكنه سرب من مصادر مجهولة لصحيفتي "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست"، يشير إلى تورط ولي العهد نفسه.
وتقول غيلسينان إن "ما هو معروف إلى الآن، وما هو الأقرب إلى دليل دامغ، يأتي من تقارير نشرت في (واشنطن بوست) و(نيويورك تايمز)، بأن أحد عناصر فريق الإعدام قام بالاتصال بمساعد ولي العهد، وقال له (قل لرئيسك) بأن المهمة تمت، (ولا تذكر تلك المكالمة المعترضة، التي تمت مشاركتها مع مديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل، (أم بي أس) تحديدا، كما ذكر تقرير لـ(نيويورك تايمز)، أما الأدلة الأخرى المتوفرة للعامة حول وجود رابط (لولي العهد) فهي أدلة ظرفية، وتتضمن بنية النظام السعودي: لا شيء مترابطا منطقيا في أن التحقيق مع شخص معارض بارز يعيش في أمريكا واختطافه يمكن أن يحدث دون علم ابن سلمان، بحسب ما تعتقد وكالة الاستخبارات المركزية".
وتعلق الكاتبة قائلة إن "هذا لا يثبت بالضرورة أن (أم بي أس) أمر بالعملية بنفسه، ولا يستثني أي تفسيرات أخرى، وسعى السعوديون لتقديم عدد منها، إلا أن القصة الرسمية تغيرت عدة مرات، ابتداء من الإصرار الرسمي على أن خاشقجي غادر القنصلية حيا، إلى اعتراف علني بأنه قتل فيما وصفه وزير الخارجية السعودية (عملية مارقة)".
وتذكر غيلسينان أن وكالة الاستخبارات المركزية رفضت التعليق علنا، وقالت متحدثة سعودية لـ"واشنطن بوست" بأن "التقييم المزعوم" غير صحيح، فيما وضع ترامب من ناحيته أيضا احتمالا بأن يكون هناك دور على مستوى سعودي عال في عملية القتل كأحد الاحتمالات العديدة، وتعهد بعواقب "وخيمة جدا" إن وجد أن ذلك صحيحا.
وتشير الكاتبة إلى أن الإدارة قامت بفرض عقوبات على 17 مسؤولا سعوديا يعتقد أن لهم علاقة بجريمة القتل، وولي العهد ليس من بينهم، فيما قامت المملكة بتوجيه التهمة لأحد عشر شخصا، وحكمت على خمسة منهم بالإعدام؛ بسبب تورطهم بالقتل، مستدركة بأن المملكة لا تزال مصرة على أن ولي العهد لم يعرف شيئا عن الأمر.
وتلفت غيلسينان إلى أن عملية القتل أدت إلى توجيه الأنظار للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، وتداعياتها الإنسانية المأساوية، مشيرة إلى أن أمريكا توقفت عن تقديم دعم تزويد طائرات التحالف السعودي بالوقود، في الوقت الذي يثير فيه الكونغرس التساؤلات حول مبيعات الأسلحة المستقبلية للرياض.
وتقول المجلة إنه "بحسب التقارير، فإن وكالة الاستخبارات المركزية لا تصدق الإنكار السعودي، لكن ليس دور الوكالة أن تضع السياسات، فإدارة ترامب جعلت المملكة ركنا لاستراتيجيتها كاملة في الشرق الأوسط، واستثمرت في رعاية ولي العهد الشاب، الذي إن خلف أباه ملكا فإنه يمكن أن يقود البلد لعدة عقود قادمة، وقالت الإدارة إن التقليل من النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط هو من بين أعلى أولوياتها، وترى أن السعودية هي الشريك الرئيسي في ذلك المجهود".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول: "إن كان من الممكن استخدام رد الفعل على المعلومات الاستخباراتية حول التدخل الروسي في الانتخابات مؤشرا، فإن الأمر ليس بكامله معتمدا على ترامب، فحتى لو تردد الرئيس نفسه بفرض عواقب، فإنه يمكن لأجزاء أخرى من الحكومة التي يرأسها أن تفعل ذلك له".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
فريدمان: ترامب "أحمق وعديم الأخلاق".. يبيع قيمنا بلا مقابل
هكذا قرأت "وول ستريت" بيان ترامب حول خاشقجي
WP: دعوى ضد وكالات التجسس الأمريكية بسبب خاشقجي