أزمة جديدة تضرب الوسط الصحفي والإعلامي في مصر، بعد انتهاء لجنة الشكاوى بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام من إعداد اللائحة التنفيذية للجزاءات الخاصة بالمخالفات الإعلامية التي وصلت حد وقف البث الفضائي وحجب المواقع والغرامة لنحو نصف مليون جنيه.
تلك اللائحة أغضبت صحفيين وإعلاميين حيث وصفوا تلك الجزاءات بالمبالغ فيها معترضين على عدم مناقشتها مع الجماعة الصحفية والإعلامية.
وتغطي اللائحة عبر 27 مادة الجزاءات المقررة للمخالفات الإعلامية بداية الشائعات والسب والقذف والخوض بالأعراض وحرمة الحياة الخاصة والتحريض على العنف والحض على الكراهية، وانتهاكات الطفل والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة، وعدم مراعاة مصالح مصر العربية والأفريقية.
وقال رئيس لجنة الشكاوى بالمجلس جمال شوقي، إن الغرامات المالية باللائحة تتراوح بين 50 إلى 500 ألف جنيه طبقا لنوعية المخالفة وتتضاعف حال تكرارها، وتتباين العقوبات بين لفت الانتباه إلى حد منع البث المؤقت أو حجب المواقع المؤقت أو الصفحات بحالة الجرائم الإعلامية.
وأوضح أنه سيتم إحالة اللائحة لمجلس الدولة لمراجعتها وإقرارها، وحال إقرارها سيتم تطبيقها على ما تبثه الفضائيات والصحافة المطبوعة، والمواقع الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، والحسابات الشخصية التي تزيد عن 5 آلاف متابع.
مكرم غاضب
وكشف مصدر بالمجلس الأعلى للإعلام عن مفاجأة، وهي وجود حالة غضب انتابت أعضاءه ورئيسه مكرم محمد أحمد، من بنود تلك اللائحة، مبينا أن الحديث الذي يدور بين الأعضاء أن تلك اللائحة لا تمثل المجلس ولا تعبر إلا عن كاتبها رئيس لجنة الشكاوى جمال شوقي، متهمينه بتبني ووضع نسخة غير مهنية وأنه تطوع دون تكليف من المجلس.
وأعرب المصدر الذي رفض ذكر اسمه لـ"عربي21"، عن قلق وتبرم المجلس الأعلى للإعلام من تسريب تلك اللائحة عبر الصحافة أمس قبل أن تتم مناقشتها دخل المجلس.
لائحة إسكات وإعدام
وفي تعليقه انتقد عضو مجلس نقابة الصحفيين محمد سعد عبدالحفيظ، اللائحة، وقال: "بعد قراءتها وتحليل ما بين سطورها فإن ما تحمله ليست عقوبات أو جزاءات بل هي لائحة إسكات للصحفيين وإعدام لما تبقى من مهنة الصحافة والإعلام".
اقرأ أيضا: هذه تفاصيل سيطرة المخابرات الحربية على الإعلام في مصر
وأوضح لـ"عربي21"، أن "ما جاء بلائحة الجزاءات من غرامات وعقوبات إنما تقضي على ما تبقى من العمل الصحفي بشكل خاص وتحجر على نقل الخبر أو المعلومة"، مؤكدا أن "رفض هذه اللائحة صار فرض عين على كل من يعمل بهذه المهنة"، مشيرا إلى أن "دورنا الآن هو الكشف عما بين سطور تلك اللائحة وتعرية أهدافها".
اللائحة والشرق الأوسط
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي ربط الكاتب الصحفي أنور الهواري، بين لائحة الجزاءات ووصف مسؤول أمريكي للشرق الأوسط، قائلا عبر "فيسبوك": "بدأتُ صباحي، بقراءة تصريح لوزير الخارجية الأمريكي، يقول: الشرق الأوسط مُقرِف ولئيم، ثم قرأت لائحة العقوبات، التي يحهزها المجلس الوطني للإعلام، لإسكات كل صوت يهمس بهذا البلد، حتي يكاد يُسكِت أصوات الأموات، فقلت في نفسي، هذا الأمريكي عنده حق فعلا: الشرق الأوسط مُقرف ولئيم".
تنظيم وفق القانون
وعلى الجانب الآخر، دافع المستشار بالهيئة الوطنية للإعلام، الدكتور مصطفى عبدالوهاب، عن اللائحة مؤكدا أنها "في صالح المهنة وليست قيدا عليها؛ بل تعد تنظيما مطلوبا خاصة وأن الإعلام الخاص نشأ في ظل فراغ تشريعي وكانت تحكمه فوضى مهنية استقرت لسنوات"، مضيفا: "ولقد آن الأوان لوضع حد لهذه الفوضى وإعادة التنظبم وفق القانون والدستور".
الإعلامي المصري، أوضح لـ"عربي21"، أننا نحتاج بجانب اللائحة أمورا أخرى كتعليم فنون الإعلام والصحافة المهنية للأجيال الجديدة وللقائمين على إدارة المؤسسات الصحفية والإعلامية، مشيرا إلى أن "هناك أجيالا من الإعلاميين الآن مارسوا الإعلام دون دراسة وتدريب ودون إلمام بقواعد العمل الإعلامي والمهنية".
وبسؤاله حول مدى اعتبار إصدار القوانين قبل وضع ميثاق شرف إعلامي هو تضييق على حرية الصحافة وتكبيل للإعلام وتعطيل لحق تداول المعلومات، قال: "لقد وضعت نقابة الإعلاميين ميثاق الشرف الإعلامي وشرفت بكوني مقررا للجنة وضع الميثاق، وحرصنا على وضع الضوابط المهنية لممارسة الإعلام".
وقلل عبدالوهاب، من تأثير تلك اللائحة وما صدر قبلها من قوانين على صورة مصر بالخارج واتهامها بتكبيل حرية الصحافة والإعلام، موضحا أن "صورة مصر بالخارج مسألة نسبية تختلف من دولة لأخرى وكل الدول بها قوانين لتنظيم العمل الإعلامي ولا تعارض بين حريه العمل الإعلامي ومسألة الالتزام المهني".
وأعرب عن أمله في صدور "قانون حرية تداول المعلومات"، قريبا مشيرا إلى أن أهم ملامحه هي "ضمان حق الإعلامي عند طلب أي معلومة من أي جهة أن يحصل عليها دون عقبات، والسماح بنشر الوثائق التي مر عليها فترة زمنية معينة، والتزام كل الجهات بتقديم مالديها من معلومات دون حجب".
ترسانة قوانين التضييق
وكان قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، أصدر قرارا في نيسان/أبريل 2017، بتشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة الصحفي مكرم محمد أحمد، والهيئة الوطنية للصحافة، بقيادة الصحفي كرم جبر، والهيئة الوطنية للإعلام، ويرأسها حسين زين.
اقرأ أيضا: المخابرات العامة ومكتب السيسي يتنازعان هذه "الكعكة"
ويعاني صحفيون وإعلاميون من التضييق والخروج من المشهد بسبب آرائهم المخالفة لتوجهات النظام، فيما يقبع نحو 91 صحفيا بالسجون بتهم تتعلق بأدائهم مهنتهم، إلى جانب إصدار قوانين اعتبرها صحفيون وحقوقيون مكبلة للحريات مثل قانوني تنظيم "الصحافة والإعلام" و"مواقع التواصل الاجتماعي" وقانون "نقابة الصحفيين" المحتمل.
علاء مبارك والسيسي والطيب يثيرون جدلا بسبب السنة النبوية
السيسي يهاجم مواقع التواصل ونشطاء يجيبونه
هكذا يستفيد السيسي و"داعش" من عمليات قتل الأقباط