أثار إعلان الأمم المتحدة، ومبعوثها الخاص إلى اليمن مارتن
غريفيث، قبول المنظمة الدولية الإسهام في إدارة ميناء الحديدة (غربي اليمن)، الذي يشكل
شريان حياة رئيسيا لملايين اليمنيين، جدلا واسعا بالبلاد، وسط جملة من التساؤلات حول
أبعاده ودلالة توقيته.
ويشير الموقف الرسمي للحكومة اليمنية الشرعية إلى رفض هذا
المقترح، الذي جاء عقب دعوة الخارجية الأمريكية، الخميس، لتسليم هذا الميناء الاستراتيجي
لطرف محايد.
وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، معمر
الإرياني، أكد من جانبه أنه "لا يمكن القبول بأي صيغة لإدارة ميناء الحديدة لا تضمن عودته للسلطة الشرعية، وذات الأمر ينطبق
على بقاء المليشيا الحوثية الإيرانية في المدينة".
وأضاف في تغريدة عبر حسابه بموقع "تويتر" الجمعة،
أنه قد تم التأكيد في أكثر من مناسبة الترحيب بالسلام على قاعدة المرجعيات الثلاث.
وقال في تغريدة ثانية: نرحب بأي خطوات أو جهود يبذلها المبعوث
الأممي لإقناع الميليشيا الحوثية بالانسحاب
من الحديدة ومينائها وتسليمهما للسلطة الشرعية بحسب ما تنص عليه القرارات الدولية وفي
مقدمتها القرار 2216.
"إنقاذ للحوثيين"
من جانبه قال وليد القديمي، وكيل أول محافظة الحديدة، إن
أصوات منظمات الأمم المتحدة تعلو كلما اقتربت القوات الحكومية من استعادة مدينة الحديدة
ومينائها الاستراتيجي.
وأضاف القديمي في حديث لـ"عربي21" أن السلطات الشرعية
والتحالف العربي الداعم لها تقدما خلال الفترة الماضية بمقترح الأشراف المباشر على
ميناء الحديدة، واستلام إدارته من الميلشيا الحوثية، ومنع تهريب السلاح، والمواد غير
المصرح بها.
وتابع: "اعتذرت الأمم المتحدة، ورفضت استلام الميناء،
أو الإشراف عليه بصورة مباشرة. مشيرة إلى أنها تدرك أنها ستكون مظلة لتهريب السلاح
لميليشيا الحوثي، عبر ميناء الحديدة".
وذكر أنه عندما قررت الحكومة تحرير المدينة والميناء عسكريا،
ووصول قواتها إلى بعض أحياء وشوارعها، كان مفاجئا إعلان المبعوث الأممي عن جولة جديدة
للمشاورات والضغط لوقف إطلاق النار، رغم أن الحوثيين أعاقوا الجولة السابقة في جنيف
بسبب شروطها غير المقبولة.
ولفت المسؤول الحكومي إلى أن "الجماعة الحوثية هي من
ستعيق اللقاء القادم في السويد والأيام القادمة كفيلة بالإفصاح عن ذلك".
واتهم وكيل أول مدينة الحديدة، المبعوث الدولي بالسعي لإنقاذ
ما وصفها "الشرذمة"، التي باتت تمثل أداة ابتزاز بيد بعض الدول، لتحقيق أجندة
إقليمية.
"زائفة وهشة"
وفي هذا السياق، أكد رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح،
علي الجرادي، أن أي اتفاقات جزئية في جغرافيا محدودة تعتبر "زائفة وهشة".
وقال في منشور له بموقع "فيسبوك" إن السلام العادل
والشامل وفق القرارات الدولية ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وحدها من يصنع
استدامة واستقرارا.
وأضاف أن هذا الاتفاق يندرج ضمن التكتيكات العسكرية التي
يجيدها الانقلاب لالتقاط الأنفاس وإعادة التموضع.
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، هيذر ناورت دعت،
الخميس، إلى تسليم ميناء الحديدة إلى طرف محايد، وهو المقترح الذي سبق أن تضمنته خطة
المبعوث السابق للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ في حزيران/ يونيو 2017.
"سابقة خطيرة"
في غضون ذلك، أكد الصحفي والناشط السياسي اليمني، محمد الأحمدي
أن قبول الأمم المتحدة لعب دور رئيسي في إدارة ميناء الحديدة، سابقة خطيرة، رغم أنه
مقترح سبق رفضه من قبل الحوثيين.
وتابع حديثه لـ"عربي21" أن هذه السابقة تكمن في أن تكون للمنظمة الدولية، إدارة مباشرة لمؤسسة سيادية
في بلد ما، في الوقت الذي تشدد على دورها كوسيط بين الأطراف المتنازعة.
وقال الأحمدي إن "إعادة طرح هذا المقترح مجددا، يشير
إلى بعد مهم يتمثل في أن هناك محاولة لتثبيت الوضع العسكري القائم للميليشيا الحوثية
في الحديدة، والضغط على السلطة الشرعية والتحالف الداعم لها، ووقف العمليات العسكرية
التي يمكن أن تسحب البساط من تحت أقدام الحوثي، الذي سيكون تحولا مهما لمصلحة الشرعية".
لكنه الصحفي اليمني لفت إلى أن هناك مخاوف من تكرار سيناريو
الموانئ والمطارات في المحافظات المحررة (جنوب اليمن)، والتي تحولت بعضها لقواعد عسكرية
للإمارات والسعودية، اللتين يقودان التحالف العربي.
وأردف قائلا: الوضع الطبيعي الذي يتماشى مع مبادئ القانون
الدولي، هو عودة كافة المؤسسات بما فيها الموانئ للحكومة الشرعية، وخروج المسلحين الحوثيين
منها.
وكان غريفيث وصل إلى صنعاء الأربعاء الماضي، حيث اجتمع مع قادة الحوثيين لبحث
مشاركتهم في الجولة المقبلة من المفاوضات المتوقعة في بداية كانون الأول/ ديسمبر القادم،
في اليوم التالي، قبل أن ينتقل لزيارة ميناء مدينة الحديدة، الجمعة، التي تشهد حاليا،
عودة الاشتباكات بين القوات الموالية للحكومة ومسلحي جماعة الحوثي.
ومن المقرر أن يتجه مبعوث الأمم المتحدة إلى العاصمة السعودية
الرياض، الاثنين المقبل، للقاء مسؤولين في الحكومة الشرعية، في إطار مساعي التهيئة
لجولة خامسة من المفاوضات في استوكهوم بالسويد، الشهر المقبل.
اقرأ أيضا: هل تنجح الجولة الخامسة من المشاورات اليمنية بالسويد؟