صَعًد الأعضاء المفصولون من
حزب الوفد، أحد أقدم الأحزاب
المصرية، من هجومهم على رئاسة الحزب، وقرروا اللجوء
إلى
القضاء للتظلم، وكشْفْ ما حدث في انتخابات الهيئة العليا من مخالفات انتخابية
ومالية وقانونية، التي جرت مطلع شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.
وزادت حدة التوتر داخل أروقة الحزب
عقب تبادل الاتهامات بين رئاسة الحزب وأعضاء بالحزب، وهو ما رد عليه رئيس الحزب
المستشار بهاء الدين أبو شقة بإعلان فصل أعضاء من الحزب، وإحالة رئيس الحزب السابق
السيد البدوي للتحقيق.
وشملت أسماء المفصولين مساعد
رئيس الحزب للشؤون السياسية والبرلمانية، ياسر قورة، وأمين صندوق الحزب، محمد
الحسيني، بالإضافة إلى عدد من الأعضاء هم محمد إبراهيم، وأحمد عطالله، وشريف حمودة، وفتحي مرسي.
واتهم الحزب في بيان رسمي
المفصولين برفض قواعد العمل الديمقراطي، ومحاولتهم تشويه الحزب والتشكيك في إرادة
الهيئة الوفدية التي قالت كلمتها، واختارت 50 مرشحا لتمثيل الجمعية العمومية في
الهيئة العليا.
"مخالفات بالمستندات
والأدلة"
وقال عضو حزب الوفد، ياسر
قورة، أحد المفصولين، لـ"
عربي21"، إنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية
للطعن على نتائج انتخابات الهيئة العليا، وإن بحوزته أدلة بالمستندات والأرقام بما
حدث من مخالفات، إضافة إلى مخالفة لائحة الحزب، "وسوف أحصل حقنا
القانوني".
وأكد أنه "لا يعني
المجموعة المكسب أو الخسارة أو مقعد الهيئة العليا، وأن الهدف هو كشف ووقف التغول
على قيم وثوابت حزب الوفد، من قبل رئيس الحزب الذي لا يلتزم بلوائح الحزب، ويضرب
بها عرض الحائط"، لافتا إلى أنهم لجأوا للحل الودي، "ولكن رئيس الحزب
رفض، وادعاؤه بأن أبواب الحزب مفتوحة به مغالطة؛ لأنه لو كان ذلك لقبل التظلم الذي
قدمناه".
ونفى قورة أن يكونوا قد فصلوا
من عضوية الحزب، قائلا: "ما فعله المستشار بهاء بفصل مجموعة من الأعضاء هو
تصرف مخالف من خلال الحصول على تفويض مما لا يملك حق التفويض، وهي الهيئة العليا
للحزب؛ لأنها لا تستطيع مزاولة مهامها قبل مايو المقبل، ثانيا خالف نص المادة 5
شكلا ومضمونا التي حددت إجراءات محددة لفصل عضو الهيئة البرلمانية والعليا للحزب،
ولجأ إلى آخر خطوة وهو قرار الهيئة العليا بالفصل".
"زوبعة في فنجان"
في المقابل، قلل نائب رئيس
الحزب والمتحدث الرسمي ياسر الهضيبي من حجم الأزمة، واعتبر أن ما يحدث مجرد زوبعة
في فنجان، قائلا: "ما يحدث لن يؤثر على تماسك الحزب، ويهدف لتصدير مشهد غير
حقيقي عن الحزب، والحزب لا يتهدد، ومر عليه ملوك ورؤساء، واختفت في عصره الكثير من
الأحزاب، وما يحدث هو زوبعة في فنجان"، على حد قوله.
وأضاف لـ"
عربي21"
أنه "من حق أي أحد لم يوفق في الانتخابات أن يلجأ للقضاء، ومستعدون لتنفيذ
أحكام القضاء فيما يتعلق بنتائج الانتخابات؛ أما غير ذلك فهو غير معهود في العرف
الوفدي، وليس اللجوء للصحافة والإعلام".
وبشأن رفضهم للحلول الودية،
أكد أن "معالجة الطعون في نتائج الانتخابات داخليا لا تجوز وفقا للوائح
والقانون، وقرار إعادة الفرز يأتي من المحكمة وليس من داخل الحزب، ولا دخل له
بالانتخابات".
وبشأن ما يثار من اتهامات
لقيادات الحزب بالرشاوى والفساد، وصف الهضيبي تلك الاتهامات بأنها "عارية عن
الصحة، ومردها هو سقوط هؤلاء في الانتخابات، والقضاء هو الذي يفصل في نتائج
الانتخابات الذي نجله ونجل أحكامه".
واقع الأحزاب بمصر
وعلق المحلل السياسي، عزت النمر،
على أزمة الوفد بالقول: "واقع حزب الوفد الحالي ليس بجديد، ويمثل في حقيقته
واقع العمل الحزبي بأثره في مصر، بل يمثل واقع العمل الحزبي منذ ربطت الأحزاب
نفسها بالسلطة"، مشيرا إلى أن "الأحزاب في مصر منذ زمن بعيد سيطر عليها
رجال أعمال مقربون من السلطة، وغالب رجال الصف الأول فيها هم من إنتاج وتوجيه
السلطة، ولا يخفى على أحد دور الأجهزة الأمنية في إدارة الأحزاب واختيار صنائع لها
يتم من خلالها ترويض الحزب".
وأضاف لـ"
عربي21"
أن "هذه الصورة تنطبق على حزب الوفد كما تنطبق على غيره، وللأسف ارتضت
الأحزاب الرسمية أن تلعب في الهامش الذي تحدده السلطة، ما حولها إلى أحزاب كرتونية
ليس لها أي حضور جماهيري أو قاعدة شعبية".
واستدرك: "حقيقة أخرى هي
ذلك التشابه الذي يصل حد التطابق بين رموز الأحزاب المصنوعة وبين رجال السلطة سواء
في دعم وتأييد الاستبداد، كما في تاريخ من الفساد والتربح فضلا عن العلاقات
الوثيقة بالجهات الأمنية؛ كل ذلك نسف واقع الأحزاب وحضورها كما أعدم
مستقبلها".
ووصف النمر التعويل على حزب
الوفد في إثراء الحياة السياسية في مصر بأنه "كمخاطبة ميت أو استدعاء مفقود؛
إذ إن السياسة في مصر تم تأميمها على يد العسكر والانقلاب، وأي حديث عن انتخابات
تجري في ظل العسكر يعني ببساطة التزوير الفج الفاضح، وتعنى مزيدا من انصراف الشعب
عنها، يضاف إلى ذلك حتى في حالة افتراض نزاهة ما أو شفافية فإن الأحزاب الحالية
ليس لها أي رصيد شعبي أو جماهيري، وسيكون مآلها الطرد والرفض الموجع من الشعب
المصري حينها".