نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للصحفي آفي سلك، يتحدث فيه عن فيديو مرعب للاجئ سوري في بريطانيا، يتعرض فيه للاعتداء والإهانة.
ويبدأ الكاتب تقريره بالإشارة إلى تغريدات @haraaambanter حول ما وقع في مدرسة في هدرسفيلد في غرب يوكشير، في شمال إنجلترا، حيث قال في تغريداته: "أشعر بالاشمئزاز والعار لمستوى الكراهية والجهل الذي أظهره هؤلاء الجبناء في الفيديو، إنه للاجئ سوري تعرض للمضايقات بشكل مستمر في مدرسة ألموندباري الثانوية، حيث كما يبدو .. لم تحمل (إدارة المدرسة) هذا على محمل الجد. نحتاج لأن نرفع أصواتنا حول هذا الأمر. فلا أحد يجب أن يعامل هكذا.. ناهيك عن شخص عاش صدمة الحرب والنزوح. الرجاء المشاركة لعلنا نستطيع أن نجعل الأمر يحمل محمل الجد من المدرسة".
ويقول في تغريدة أخرى: "هذه رسالة من محام يمثل العائلة (جمال شاب عمره 16 عاما، وهو لاجئ سوري يعيش في هدرسفيلد، وقد جاء هو وعائلته قبل عامين من خلال برنامج للأمم المتحدة، يساعد العائلات التي تأثرت بالحرب الدائرة في سوريا، وكانت سنوات جمال الأولى مليئة بالخوف والهروب وعدم الاستقرار والمعاناة، عائلة جمال أصلا من مدينة حمص، في 2010 عندما كان عمر جمال بالكاد 8 سنوات، تم اختطاف عدد من أقاربه من نظام الأسد، وتم تعذيبهم بشكل وحشي وقتل أحدهم، وخشية على حياتهم قامت عائلة جمال بالهروب إلى أقرب ملاذ آمن في لبنان لاجئين، واستطاعت الأمم المتحدة عام 2016 أن تعيد توطينهم في المملكة المتحدة، وتم إسكانهم في هدرسفيلد، حيث ذهب جمال وأخته إلى مدرسة، بعد الهروب من تعذيب نظام الأسد والعيش لاجئين في لبنان. ووعدهم أخيرا بملاذ آمن في المملكة المتحدة، بدأت العائلة في إعادة بناء حياة جديدة، فيما كانوا يأملون أنه وطنهم الأخير، وخلال شهر من دخولهما النظام التعليمي البريطاني، حيث كان جمال وأخته السوريين الوحيدين في فصولهما الدراسية، تم استهدافهما من عدد من الطلاب في حملة تنمر عنصرية، وتم الاعتداء على جمال لفظيا وجسديا عدة مرات داخل المدرسة وخارجها، وتم إخبار المسؤولين في المدرسة عن حوادث التنمر والاعتداء في كل مرة، لكن بالرغم من تسجيل ذلك، إلا أن المسؤولين فشلوا في حماية الأطفال من الأذى المستمر)".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه تم نشر هذه التغريدات يوم الثلاثاء 27 تشرين الثاني/ نوفمبر، مع الفيديو الذي يظهر الاعتداء الذي تم الشهر الماضي.
وتفيد الصحيفة بأن مجموعة من الطلاب كانت في حقل خارج المدرسة تلاحق هدفها وتقترب منه بسرعة، وينادي عليه طالب يلبس كنزة زرقاء، قائلا: "يا جمال .. تعال هنا"، في الوقت الذي مشى فيه الآخرون بجانبه، وكان أحدهم يحمل هاتفا محمولا بشكل مرتفع لتسجيل عملية الملاحقة.
ويلفت سلك إلى أن جمال كان يمشي أمامهم على بعد أمتار، ويحمل حقيبته على ظهره، وكانت إحدى ذراعيه في الجبص، فكان قد أصيب قبل أيام في حادث آخر في مدرسة ألموندبري، بحسب تقرير للشرطة، مشيرا إلى أنه تم الاعتداء عليه وعلى أخته بشكل مستمر منذ الفرار من الحرب الأهلية السورية والانتقال إلى غرب يوركشاير قبل عامين، بحسب صحيفة الإكزامينار وصحف بريطانية أخرى.
وينوه التقرير إلى أن جمال كان في الخامسة عشرة من عمره، وهو أصغر من الطالب المعتدي بعام، وقام ذلك الطالب بالاقتراب منه، ولوح بزجاجة الماء التي في يده، ونادى على جمال بقوله: "ماذا تقول الآن؟"، ولم يقل جمال شيئا بل توقف واستدار، وأعاد المهاجم السؤال: "ماذا تقول الآن؟"، قال جمال "هه؟"، وقام مسجل الفيديو بوضع جمال في إطار الصورة مع المهاجم، وتجمع الطلاب في نصف دائرة حولهما، معظمهم في ملابس مدرسة ألموندباري، وكرر المهاجم مرة أخرى، لكن هذه المرة ضرب جمال على رأسه، وقال: "ماذا تقول الآن؟"، ثم كرر السؤال بشكل سريع، فقال جمال: "لا شيء".
وتذكر الصحيفة أن المعتدي قام بالقبض على رقبة جمال، وإلقائه على الأرض وهو يصرخ قائلا: "ماذا تقول الآن؟ ها! ها! ها؟"، مشيرة إلى أنه حتى لو كان هناك جواب عند جمال، فإنه لم يكن ليستطيع أن يقوله؛ لأن المهاجم قد أحكم قبضته على رقبته، وصب الماء من القنينة في فمه، وصرخ قائلا: "سأغرقك أيها الوغد الصغير.. سأغرقك".
ويبين الكاتب أنه في آخر مشهد في الفيديو، الذي سيغير نشره على وسائل الإعلام الاجتماعي حياة الطالبين، يقف جمال ويقوم الطلاب حوله بإطلاق الأصوات الساخرة، لكن جمال لا يرد، وإنما يمشي عبر الحقل وخارج مجال الصورة إلى "نوع من النجومية لم يطلبها".
وبحسب التقرير، فإنه ليس من الواضح كيف انتهى ذلك الفيديو للحدث الذي وقع يوم 25 تشرين الأول/ أكتوبر منشورا على "تويتر" و"فيسبوك"، وشاهده أكثر من مليون شخص هذا الأسبوع، وشاركه كثير منهم، أو علق على هدوئه، فيما استنتجوا أنه اعتداء عنصري، لافتا إلى أن شرطة غرب يوركشاير قالت يوم الثلاثاء: "نحن بصدد التحقيق في تقرير حول اعتداء عنصري"، ثم أعلنت الشرطة أنه تم توجيه تهمة الاعتداء للطالب الذي كان يلبس الكنزة الزرقاء.
وتنقل الصحيفة عن عضو البرلمان البريطاني توبياس إلوود، قوله: "أقول للاجئ السوري: أنا آسف إن هذه ليست بريطانيا المرحبة الصديقة التي يفترض أن نكون"، وكان إلوود واحدا من العديد من السياسيين والمشاهير الذين ساعدوا في تحويل فيديو من 40 ثانية إلى مثال لمعاداة اللاجئين التي سادت بلدانا كثيرة في العالم.
ويقول سلك إن الاسم الكامل لجمال غير معلوم، ولا خلفية عائلته، إلا أن صحيفة "الغارديان" قالت إنهم فروا من سوريا بعد أن تم تعذيب وقتل بعض أقاربه خلال الحرب، وقامت الحكومة البريطانية بإعادة توطينهم عام 2016، مشيرا إلى أن أخت جمال عانت من اعتداءات مشابهة، بحسب ما ورد في صحيفة الإكزامينار، التي قالت إن العائلة تحاول مغادرة هدرسفيلد.
ويشير التقرير إلى أن أحد سكان هدرسفيلد، ويدعى محمد طاهر، قام بالاتصال مع عائلة جمال، وبدأ حملة يوم الثلاثاء على GoFundMe لجمع التبرعات، وقال على صفحة التبرع إن جمال "تعرض لأشهر من المضايقات هو وأخته الصغيرة، لدرجة أنها قامت بكسر الزجاج في نظارتها، وحاولت أن تقطع رسغها في حمامات المدرسة"، فيما قال متحدث باسم موقع GoFundMe إن المنشور صحيح.
وقال طاهر على الصفحة أيضا: "بعد أن تركوا بلدا مزقته الحرب، فإن أقل ما يستحقونه هو العيش في سلام ودون مضايقات.. الرجاء التبرع بسخاء لنحول هذه الحال الرهيبة إلى نعمة".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أنه أصاب وترا حساسا، حيث تم التبرع في اليوم الأول بأكثر من 100 ألف دولار، ويستمر الرقم بالارتفاع، كطريقة للترحيب بالطالب الذي تمت ملاحقته في حقل المدرسة.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
نيويوركر: من هو رائد فارس الذي ماتت باغتياله الثورة السورية؟
نيويوركر: ما علاقة قاعدة عسكرية أمريكية في سوريا بإيران؟
وول ستريت: كيف تمتحن هدنة سوريا علاقة روسيا مع تركيا؟