صورة العار.. بهذه العبارة وصفت صحيفة إلموندو الصورة التي جمعت ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بملك إسبانيا السابق خوان كارلوس، موثقة لقاء الاثنين على هامش بطولة العالم لسباق سيارات الفورمولا 1 قبل أيام.
على هامش التظاهرة نفسها، التقى ولي العهد برئيس جمهورية الشيشان رمضان قاديروف ورئيس جمهورية تتارستان رستم مينيخانوف في انتظار لقاء سيجمعه، على هامش الدورة الثانية عشرة لقمة مجموعة العشرين بالأرجنتين، بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كفيل الرئيسين الشيشاني والتاتارستاني.
اقرأ أيضا: ابن سلمان في الإمارات بأولى محطات جولته بعد مقتل خاشقجي
إلى هذا الحد تتجلى يوما عن يوم عزلة محمد بن سلمان، بعد جريمة قتل وتقطيع (تجزئة) جسد المغدور جمال خاشقجي، التي لم ينقذه منها سوى حلفاؤه الثلاثة في رباعية "الشروط الثلاثة عشر" ومتعهدون "محليون" آخرون في بلدان رضيت أن تتحول إلى جمهوريات "رز" تستجدي العطاء وتقايضه بمبادئ الحق في الحياة.
تتجلى يوما عن يوم عزلة محمد بن سلمان، بعد جريمة قتل وتقطيع (تجزئة) جسد المغدور جمال خاشقجي
اقرأ أيضا: ابن سلمان يصل إلى تونس واحتجاجات رافضة لاستقباله (شاهد)
وعندما يرفع شعار "لا أهلا ولا سهلا بك" في وجه زيارة مسؤول رسمي سعودي، يتم تحضيره لحمل لقب "خادم الحرمين الشريفين" بكل ما يحمله اللقب من رمزية روحية لأكثر من مليار مسلم موزعين عبر بقاع العالم، فالعزلة تتجاوز الشخص المعني إلى مملكة آل سعود وسياستها الخارجية "العدوانية" التي بدأت بإعلان الحرب على اليمن، منذ أربع سنوات، مرورا بحصار قطر وانتهاء بقتل مواطن سعودي بأرض أجنبية وبفناء قنصلية البلاد.
الجريمة الأخيرة ستشكل وصمة العار ستلاحق سمعة المملكة ورمزيتها الدينية مهما كانت قوتها الاقتصادية، وإمكانات شراء ذمم الأفراد والأنظمة والدول ممكنة التفعيل ولو إلى حين. شراء الصمت الدولي لا يمكنه أن يستمر إلى الأبد، و"المتعاونون المحليون"، المستعدون لطمس الحقائق، إلى زوال مهما طالت مدد سيطرتهم على الحكم انقلابا أو انتخابا. شعار "لا أهلا ولا سهلا" رفعته الشعوب بوضوح، لكن الأكيد أن كثيرا من البلدان تتبناه بقررارات رسمية غير معلنة أو مستترة وراء أجندات ممتلئة، أو أوضاع صحية للزعماء قد لا تسمح باللقاء.
لم يجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو أكثر الداعمين لولي العهد السعودي في مواجهة الجميع، غير الاختباء وراء أكذوبة "عدم وجود متسع من الوقت" لتبرير تحاشيه اللقاء بمحمد بن سلمان بقمة دول العشرين. ترامب، رغم اندفاعه وقراراته غير المحسوبة، يخشى أن يلحقه "عار" الصور، وهو العارف أن الصور تلك غاية حضور "محميه" إلى الأرجنتين. من سوء حظ ابن سلمان أن حضوره صار عبئا على المشاركين في القمة و"لقاؤه" رديف فضيحة بجلاجل، قد يدفع رؤساء الديمقراطيات ثمنه غاليا من سمعتهم وشرفهم السياسي.
ليس الأمر غريبا إذا علمنا أن زيارته لتونس تسببت للمضيفين بحرج، اضطرهم للتبرؤ من توجيه الدعوة إليه. كما اضطرت الجزائر للتعليق رسميا على قضية اغتيال خاشقجي، وهي التي نأت بنفسها عن التدخل في الموضوع، بإدانتها الشديدة لما أسمته "الاغتيال المروع" قبل الحديث عن "الثقة في العدالة السعودية"، رفعا للحرج وتحييدا للقضية عن أية نقاشات تهم علاقات البلدين، التي تتضرر كل يوم بإجراءت المملكة الساعية لخفض أسعار البترول، استجابة لأمر السيد الأمريكي. أما في الأردن، فالشكوك لا تزال تحوم حول سعي حكومي لعدم الإعلان عن الزيارة الأميرية المبرمجة؛ خوفا من الغضب الشعبي.
جولة ولي العهد السعودي التلميعية أظهرت، بما لا يدع مجالا للشك، أن رصيد المملكة تهاوى في العالم الإسلامي ولدى الغربيين على حد سواء.