نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب ماكس بوت، يقيم فيه أداء الرئيس الأمريكي في اجتماعات قمة العشرين التي عقدت في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس.
ويقول بوت: "إذا أردنا منح الرئيس ترامب درجة على أدائه في رحلاته الخارجية، فربما يكون قد حقق أنجح زيارة خارجية في قمة مجموعة العشرين التي انتهت يوم السبت في بيونس ايرس؛ لا لأنه حقق شيئا مهما، إنه لم يفعل ذلك، لكن ببساطة لأنه لم يرتكب حماقة كبيرة".
ويرى الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن "اتفاق ترامب مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي أحيط بضجة كبيرة، ليس سوى اتفاق على الاستمرار في الحوار، ووعد ترامب بألا يزيد التعرفة على الصين لمدة 90 يوما، والتزم شي بشراء المزيد من المنتجات الأمريكية، لكن دون تحديد أهداف بالأرقام".
ويعلق بوت قائلا إن "هذا ليس ملزما أكثر من وعد كوريا الشمالية بنزع الأسلحة النووية بشكل ما وفي يوم ما، فيما أظهر بيانا البلدين بعد القمة بأن البلدين لم يتفقا حتى على ما اتفقا عليه، فبيان الصين، مثلا، لم يذكر الاتفاق على 90 يوما من المفاوضات".
ويستدرك الكاتب بأنه "على الأقل لم تكن هناك مواقف محرجة لترامب، مثل تلك التي حصلت عندما غادر مجموعة السبعة في كوبيك مبكرا في حزيران/ يونيو، ورفض توقيع البيان، أو عندما تصرف كإنه يتزلف للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي في يوليو/ تموز".
ويشير بوت إلى أن "ترامب ميز نفسه في بيونس آيرس بالقيام بالتعليق المناسب على وفاة جورج بوش الأب، بدلا من الاستمرار في حربه مع عائلة بوش، فمع ترامب لا يمكنك أن تكون متأكدا بالنسبة لهذه المجاملات الإنسانية، ولو كان تافها وتعامل بدناءة، كما فعل عندما توفي جون ماكين، لكان خبرا مهما، فهنا أيضا تجنب كارثة".
ويجد الكاتب أنه "من ناحية أخرى لم يحقق شيئا، فلو قام ترامب بأي فعل لتجميع الزعماء الديمقراطيين لمواجهة التهديد الداهم من الصين أو روسيا، أو لتحميل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسؤولية قتل الصحافي جمال خاشقجي، لاعتبر هذا إنجازا. لكن لم تكن هناك أي إشارة إلى ذلك، لقد مر شهران على مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، وأسبوع على احتجاز الروس لسفن أوكرانية في مضيق كيرتش، ولا يزال مرتكبو تلك الجرائم لم يدفعوا ثمن جرائمهم".
ويلفت بوت إلى أن "الصورة الرمزية التي خرجت من مجموعة العشرين أظهرت محمد بن سلمان وبوتين يتبادلان (التهاني) عندما تصافحا بضرب أكفهما عاليا (high fives) ويضحكان، لقد ذكرني المشهد بالرسم الكاريكاتوري لديفيد لو عام 1939 بعد التحالف النازي السوفييتي، حيث أظهر هتلر وستالين ينحنيان لبعضهما تحية، حيث يقول هتلر: (حثالة الأرض، على ما أظن) ويرد عليه ستالين: "مغتال العمال الدموي، على ما افترض)، محمد بن سلمان وبوتين ليسا هتلر وستالين، لكن يدي كل منهما ملوثتان بدماء جديدة، بما في ذلك الضحايا التي لا تحصى للغارات السعودية في اليمن، وضحايا الغارات الروسية في سوريا، وكلاهما يفلت من العقاب على جرائمه؛ لأن ترامب لا يفعل شيئا لمحاسبتهما".
ويرى الكاتب أن "رفض ترامب لقاء بوتين رسميا على هامش قمة العشرين ليس بالفعل الذي يثير انتباه رجل روسيا القوي، (فقد تقابل الرجلان على العشاء بدلا من ذلك)، لكنه يعكس ضعفا أمريكيا سيشجع بوتين على المزيد من التعديات، بالإضافة إلى أن إنكار الأدلة القوية على تورط محمد بن سلمان في مقتل خاشقجي يشير إلى أن ترامب ليس قوياً بما فيه الكفاية ليحاسب حليفه".
ويجد بوت أن "الود الذي أظهره محمد بن سلمان لبوتين، وإصراره على البحث في شراء نظام الدفاع الجوي S-400 من روسيا، فيه سخرية وإهانة لأمريكا، كما أنه بذلك قلل من قيمة المنطق الذي يقدمه ترامب لتملقه لابن سلمان -معارضة السعودية لإيران- إذا ما أخذنا في الاعتبار أن روسيا هي الحليف الرئيسي لإيران، أما بوتين فسخر من ترامب بالقول إن (القاربين الصغيرين اللذين أهدتهما أمريكا لأوكرانيا لم يستطيعا حتى المرور خلال مضيف كيرتش)، (ولم تكن تلك السفن في الواقع قد قدمت من أمريكا، بحسب التقارير)، إن طغاة العالم يسخرون من أمريكا، وترامب يسمح لهم بفعل ذلك دون مساءلة".
ويقول الكاتب: "لكن مرة أخرى كان يمكن أن تكون الحال أكثر سوءا، ومع ترامب كان الأمور في العادة أسوأ، والمعجزة في بوينس آيرس ليست ما قاله أو فعله ترامب، لكن أنه استطاع أن يقوم بأي عمل في ظل شلل إدارته بسبب الفضائح، ففي الأسبوع الماضي فقط علمنا أن المروج لنظرية المؤامرة جيروم كورسي أخبر صديق ترامب روجر ستون عن سرقة الروس رسائل البريد الإلكتروني لحملة هيلاري كلينتون قبل نشرها بفترة طويلة، وأن ستون أخبر ترامب في اليوم التالي، كما علمنا أيضا أن ترامب كان يعمل على بناء برج في موسكو حتى في الوقت الذي كان يكسب فيه ترشيح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية عام 2016، وتزيد الأدلة على التواطؤ، وكذلك الأدلة على إعاقة العدالة، بالإضافة إلى أن ترامب لوح في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر باحتمال منح العفو للمدير السابق لحملته الانتخابية بول مانفورت، الذي تمت إدانته".
ويختم بوت مقاله بالقول: "ليس غريبا أن يظهر ترامب في بيونس آيرس مشتت الذهن، أو شعر بأنه مضطر لإلغاء عدة اجتماعات، وهو بالكاد قادر على القيام بمهامه في أفضل الأوقات، وهو الآن مشغول ببقائه السياسي، الذي لم يعد يبدو مضمونا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
أوبزيرفر: "ترامب يتداعى في الداخل والخارج".. لماذا؟
MEE: كيف أبرزت قضية خاشقجي إتقان الأتراك لـ"القوة الناعمة"؟
FT: كيف سيترك قتل خاشقجي أثره على الخلافة بالسعودية؟