كشفت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، أن الحكومة السعودية شكلت لجنة لدراسة الرسوم الخاصة بالعمال الوافدين تمهيدا لمراجعتها أو إعادة بناء سياسة جديدة للرسوم.
وقالت الوكالة الأمريكية، نقلا عن 4 مصادر، رفضوا الكشف عن هويتهم، إن السلطات السعودية ستصدر خلال الأسابيع القليلة المقبلة قرار يتعلق بالرسوم الخاصة بالوافدين، متوقعة أن يتضمن القرار إجراءات تتعلق بتخفيض الرسوم وليس إلغائها.
ونشرت "بلومبيرغ" تقريرا، أعده غلين كيري، وترجمته "عربي21"، أكد أن العمال الوافدين يتركون السعودية أشتاتا وجماعات، مخلفين وراءهم مشكلة لأرباب العمل، لافتا إلى أن خروج العمالة الوافدة لم يتوقف بعد، بسبب الرسوم التي تفرضها الحكومة السعودية على الأجانب.
وهناك نوعان من الرسوم المفروضة على المغتربين، أولهما دخل حيز التنفيذ في يوليو 2017 ويقضي بدفع كل مرافق في عائلة المغترب رسما قدره 100 ريال شهريا، على أن يتضاعف هذا الرسم بمقدار 100 ريال أخرى كل عام، أما النوع الثاني فدخل حيز التنفيذ في يناير الماضي، وتتحمله الشركات التي توظف الأجانب بحيث تشجعهم جزئياً على توظيف السعوديين.
ومع دخول الرسوم حيز التنفيذ، قرر العديد من الأجانب إرسال عائلاتهم إلى بلادهم أو مغاردة الأسرة بالكامل، وأثر ذلك على مجموعة واسعة من الأنشطة التجارية في المملكة من المطاعم إلى شركات الاتصالات. وفي ذات الوقت ارتفعت نسبة البطالة بين السعوديين إلى 12.9% عند أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقد، وفقا لبلومبرغ".
اقرأ أيضا: بلومبيرغ: أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية تغادر السعودية
تحسين الصورة
ويرى الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، أن تمرير خبر إعادة النظر في الرسوم الخاصة بالعمالة الوافدة بالسعودية يأتي في إطار تحسين صورة المملكة وصورة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خاصة بعد قضية مقتل الصحفي السعودي داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية، والتداعيات التي ترتبت عليها على المستوى الدولي.
وقال الصاوي في تصريحات لـ "عربي21" إن الحديث عن أن الحكومة السعودية تدرس إلغاء أو تخفيض الرسوم على العمالة الوافدة يستهدف إرسال رسائل إلى المجتمع المحلي ( خاصة المتضررون من الآثار السلبية التي ترتبت على مغادرة عشرات الآلاف من العمال وأسرهم، وعوائد الرسوم الباهظة التي فرقت بين أفراد الأسرة الواحدة )، الهدف منها تحسين الصورة الذهنية لولي العهد السعودي.
واعتمدت السعودية بداية من يوليو/تموز 2017 رسوما جديدة على الوافدين وذلك ضمن خطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتعزيز موارد البلاد من خارج إيرادات النفط.
وأضاف الخبير الاقتصادي: "إذا كانت الحكومة السعودية جادة بالفعل في تخفيف الأعباء على العمالة الوافدة، فيجب أن تكون الإجراءات التي ستتخذها في الموازنة العامة للعام المقبل صفر"، مستطردا: "اللي هيقدمه باليمن بتخفيض أو إلغاء الرسوم، هياخده بالشمال باتخاذ إجراءات في الموازنة الجديدة تتعلق برفع الدعم عن الطاقة، والماء، والكهرباء، تنفيذا لأجندة صندوق النقد الدولي".
وعن الربط بين إعادة النظر في الرسوم الخاصة بالعمالة الوافدة وفشل مخططات السعودة، أكد الصاوي أن "السعودة هي استراتيجية فاشلة تلجأ إليها الحكومة السعودية كلما حدثت أزمة في النفط".
اقرأ أيضا: تعديلات على قانون العمل السعودي للحد من تسريح العمالة
إجراء ورقي
وتابع: "السعودة ليست مجرد إحلال مواطنين سعوديين مكان أجانب، ولكنها تتطلب برنامجا شاملا يتضمن تغيير السلوك والتعليم وبعض العادات والتقاليد التي تؤهل المواطن السعودي لسوق العمل وهو ما لم يحدث ولن يحدث في المدى القريب أو المتوسط، وبالتالي تتحول السعوده في النهايه إلى إجراء ورقي".
وأشار الصاوي، إلى أن "قوة العمل في السعودية تصل إلى نحو 11 مليون عامل بينهم 2 مليون فقط سعوديين و9 مليون وافدين، وهو ما يعني استحالة أن تتخذ السعودية إجراءات تستهدف حل العمالة السعودية بدلا من الوافدة على الأقل في المدى القريب أو المتوسط".
وفقا لهيئة الإحصاء العامة في السعودية، يبلغ عدد الوافدين في المملكة 12.2 مليون نسمة، وتتصدر الهند إجمالي عدد الوافدين بنسبة 19.4%، ثم باكستان بنسبة 14.5 ثم بنغلاديش بنسبة 14.4%.
وتأتي مصر في المركز الرابع من إجمالي عدد الوافدين بالمملكة، بنسبة 14.3%، تليها الفلبين بنسبة 11.3%، ثم اليمن بنسبة 5.07% ثم إندونيسيا بنسبة 4.19% ، كما تأتي السودان في المرتبة الثامنة بنسبة 2.5%. وتشكل العمالة الوافدة من هذه الدول الثمان، بحسب الهيئة العامة للإحصاء، نحو 85 % من إجمالي عدد المقيمين في المملكة.
اقرأ أيضا: إيكونوميست: معوقات أمام سياسة السعودة فهل تنجح؟
تخفيف الضرر
وأكد الخبير الاقتصادي محمود المنياوي، أن العديد من العاملين الوافدين في السعودية اضطروا تحت ضغط ارتفاع تكاليف المعيشة إلى ترك وظائفهم، وهو ما أثر بالسلب على بعض الأنشطة الاقتصادية والتجارية داخل المملكة.
وقال المنياوي، في تصريحات لـ "عربي21"، إن قرار إلغاء أو تخفيض الرسوم الخاصة بالعمالة الوافدة، يأتي في إطار تخفيف الضرر التي ترتبت عليها، سواء على مستوى العامل أو على مستوى الاقتصاد السعودي ككل، موضحا أن استمرار تمسك السعودية بقرار فرض الرسوم بشكل تصاعدي سيشكل مع الوقت عبئا كبيرا على سوق العمل في العديد من المجالات، خاصة وأن العمالة السعودية غير مؤهلة حاليا لحمل هذا العبء أو سد أي عجز متوقع في تلك المجالات.
وأشار إلى أن الحكومة السعودية فرضت في يوليو/ تموز 2017، رسوما مالية على المرافقين والمرافقات للعمالة الوافدة، ضمن برنامج التوازن المالي، بواقع 1200 ريال سنويا لكل مقيم (100 ريال شهريا )، وسيتضاعف المبلغ على مدار ثلاث سنوات حتى يصل في يوليو/ تموز 2020 إلى 4800 ريال سنويا لكل مقيم (400 ريال في الشهر ).
وأردف: "هذه الرسوم تمثل عبئا كبيرا على كاهل العمالة الوافدة وأسرهم، وهو ما سيدفع ملايين العمال، حال استمرارها، إلى مغادرة المملكة والبحث عن فرص عمل في دول أخرى أقل تكلفة وأعلى أجرا".
اقرأ أيضا: تعليقات صادمة على زيادة رسوم العمالة بالسعودية
خسائر الاقتصاد السعودي
وأكدت "بلومبرغ"، أن الشركات في السعودية تواجه انخفاضا في الأعمال، مضيفة: "يبدو أن أكبر اقتصاديات العالم العربي يفقد جاذبيته للوافدين، الذين تدفقوا إليه مدفوعين بإغراء البترودولار".
وأشارت إلى أن عدد العمال الوافدين تراجع بنسبة 6%، أي إلى 10.2 مليون عامل في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، مقارنة مع العام الماضي، حيث غادر خلال الأرباع الخمسة الماضية 700 ألف عامل، وذلك بحسب البيانات المحلية التي نشرت هذا الشهر.
وتركزت الخسائر، في الربع الأول في قطاع الإنشاءات، الذي يعمل فيها عمال بأجور منخفضة، وكذلك في قطاع التجارة والصناعة.
وأظهرت البيانات زيادة قليلة في تشغيل العمالة السعودية بنسبة 12.9%، بشكل يؤكد الحاجة لخلق وظائف، في وقت يتعافى فيه الاقتصاد من أسوأ حالة تباطؤ منذ الأزمة المالية في عام 2009.
في ختام زيارة ابن سلمان.. شروط سعودية للاستثمار بالجزائر
قفزة بمعدلات التضخم عربيا.. مصر تتصدر وقطر الأخيرة
شركة مساهمة للنساء بالسعودية لدعم الاندماجات.. كيف؟