طرحت زيارة رئيس الحكومة للسعودية التي صاحبه فيها الأمين العام لحركة النهضة بصفته وزيرا للاستثمار، تساؤلات حول توقيت الزيارة ودوافعها، لا سيما أنها تأتي بعد أسابيع من زيارة مثيرة للجدل لولي العهد السعودي إلى تونس، التقى خلالها الرئيس السبسي.
وأوضحت رئاسة الحكومة التونسية أن زيارة رئيس الحكومة، التي تتواصل لمدة ثلاثة أيام من 13 إلى 15 كانون الأول/ ديسمبر 2018، تأتي ضمن دعوة رسمية من ولي العهد محمد بن سلمان لـ"دفع العلاقات الثنائية بين البلدين".
وحظي رئيس الحكومة باستقبال خاص من العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، تخللتها مأدبة غذاء له وللوفد الوزاري المرافق له، بحسب ما نشرته الصفحة الرسمية لرئاسة الحكومة.
غضب السبسي
إلى ذلك أكد مصدر مطلع لـ"عربي21" أن زيارة الشاهد للمملكة "أثارت استياء وغضب الرئيس السبسي، الذي لم يكن على علم بتفاصيل الزيارة ولا موعدها".
وأشار المصدر إلى أن الاتفاقيات التي وقّعها وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي وأمين عام حركة النهضة زياد العذاري مع الجانب السعودي، "كان يفترض أن توقع في تونس خلال لقاء ابن سلمان مع السبسي، لكن تغيب الوزير حال دون ذلك".
وسارع العذاري لنشر صوره، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك خلال مراسم توقيع الاتفاقيات الاقتصادية مع الجانب السعودي، الممثل في شخص رئيس مجلس إدارة الصندوق السعودي للتنمية أحمد عقيل الخطيب.
وعلق العذاري في منشور له بالقول: "تشرفت اليوم بتوقيع اتفاقيتين ومذكرة تفاهم بين تونس والصندوق السعودي للتنمية في موكب انتظم بالعاصمة السعودية الرياض، تحت إشراف جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين والسيد يوسف الشاهد رئيس الحكومة، بلغت القيمة الجمليّة للتمويلات حوالي 340 مليون دينار".
"استمالة السعودية للنهضة"
وفي هذا السياق، يرى الباحث السياسي طارق الكحلاوي في حديثه لـ"عربي21" أن زيارة الشاهد للسعودية، برفقة أمين عام حركة النهضة "تحمل أكثر من دلالة"، لافتا إلى أن "الزيارة المفاجئة لم تكن لتتم لولا حرص الجهات السعودية على ذلك".
وتابع: "يبدو أن السعودية بصدد مراجعة موقفها من تونس، وذلك عبر استمالة الشاهد الذي ترى فيه الطرف الأقوى في المعادلة السياسية، ومغازلة جزء من قيادات النهضة التي لا ترى مانعا بعلاقات قوية مع ابن سلمان، رغم إدانته بمقتل خاشقجي".
وذكّر الكحلاوي بـ"العلاقات الجيدة التي كانت تجمع بين حركة النهضة والسعودية منذ سنوات، التي ترجمت بزيارة رئيس الحركة راشد الغنوشي للمملكة في العام 2016 لتأدية فريضة الحج بدعوة شخصية من الملك سلمان بن عبد العزيز".
وأشار إلى "وجود تنافس في استعراض القوة الدبلوماسية بين الشاهد والسبسي، ظهر جليا من خلال الصفحات الرسمية لكل من رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، ومحاولة كل منهما تأكيد دوره في إبرام الاتفاقية الاقتصادية مع السعودية".
من جانبه، وصف عضو مجلس شورى حركة النهضة زبير الشهودي استقبال القيادات السعودية لوزير في حركة النهضة بـ"الأمر الطبيعي"، مشيرا إلى أن العذاري "سافر بصفته الحكومية وليست الحزبية".
وتابع في حديثه لـ"عربي21": "ليس هناك أي موقف معلن من حركة النهضة تجاه السعودية باستثناء موقف سجل على رئيس الحركة حول مقتل خاشقجي، وفهم منه أنه إساءة اعتذر الغنوشي عن سوء فهمها لاحقا".
وأكد الشهودي أن الحركة "لم تصل إليها أي معلومات حول تحفظ السعودية عن شخصيات نهضوية" .
جدل بسبب الوزير "النهضوي"
وكانت شبكات التواصل الاجتماعي في تونس ضجت بتعليقات حول زيارة للشاهد للسعودية، مصحوبا بالأمين العام لحركة النهضة لم تخل بدورها من تأويلات.
وعلق المحامي والمحلل السياسي سمير بن عبد الله عبر صفحته على فيسبوك قائلا: "الوزير زياد العذاري هو في الوقت نفسه الأمين العام لحركة النّهضة، وهو الذي أمضى اتّفاقيّات التّعاون مع السّعوديّة اليوم".
في حين ذهب الناشط سامي خلف الله للقول، إن "السعودية بصدد مغازلة النهضة بعد أن اشتد عليها الخناق والحصار الدولي بقضية خاشقجي، من خلال فتح صفحة جديدة مع الإسلام السياسي الممثل بحركة النهضة التونسية، التي تجسدت باستقبال الأمين العام للحركة من الملك سلمان شخصيا".
كما خلص الناشط عماد الرفاعي عبر تدونية له إلى أن استقبال ولي العهد لوزير نهضوي "بمنزلة المراجعة السياسية للملكة تجاه الربيع العربي والثورة التونسية".
وتساءل الناشط فؤاد بن سلامة عبر تدوينة له "عن سر وجود أمين عام حركة النهضة ضمن الوفد المرافق للشاهد في السعودية".
وعبر المدون رؤوف قيزاني عن "أمله أن تسهم زيارة الوزير النهضوي للسعودية في تخفيف قلق التونسيين، من وجود مخططات انقلابية تستهدف البلاد"، لافتا إلى أن زيارة العذاري "تشير لتقبل السعودية للنهضة كشريك في الحكم".
القطيعة بين النهضة والنداء الحدث السياسي الأبرز في تونس 2018
عفو رئاسي خاص عن قيادي من "نداء تونس" يثير جدلا
تعويض "ضحايا الاستبداد" يشعل مواجهة بين النهضة والنداء