نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، "وهو ما يعني أن روسيا ستتحول إلى ممثل دولي في المنطقة دون منازع"، وفق قولها.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وفي الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة عن انسحاب قواتها من سوريا، الذي لم يتم تنفيذه فعليا، قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بجولة في سوريا في نفس اليوم الذي زار فيه مصر وتركيا.
وبعد مرور شهر، شهد الشرق الأوسط هيمنة متزايدة لموسكو كحكم دولي في المنطقة على خلفية قرار البيت الأبيض بسحب قواته المتمركزة في سوريا، بحسب الصحيفة.
وأوردت أنه في حال اكتمل انسحاب الجنود الأمريكيين البالغ عددهم ألفين، وهو ما أعلن عنه الرئيس دونالد ترامب، فإن ميزان القوى سيميل لصالح النظام السوري وشركائه الشيعة في الحرس الثوري الإيراني ومقاتلي حزب الله اللبناني.
بالإضافة إلى ذلك، سيعود انسحاب القوات الخاصة الأمريكية بالضرر على المليشيات الكردية التي تتمتع بحماية الأمريكيين من التهديدات التركية، كما يمكن لهذا القرار أن يضر أيضا بأمن إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة الإقليمية.
اقرأ أيضا: لافروف: انسحاب أمريكا من سوريا خطوة في الاتجاه الصحيح
وأبرزت الصحيفة أن موسكو ملأت تدريجيا الفراغ الذي خلفته واشنطن في الشرق الأوسط واستعادت مكانتها في المنطقة، التي فقدتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
وتجدر الإشارة إلى أن الانسحاب الأمريكي من الأراضي السورية ليس أمرا جديدا. فلعل فشل الرئيس الأمريكي السابق جورج ووكر بوش في إدارة فترة ما بعد الحرب العراقية، فضلا عن الأخطاء التي ارتكبها من بعده الديمقراطي باراك أوباما، بشأن تسريع انسحاب القوات الأمريكية، قد سلطت الضوء على الصعوبات التي تواجهها الولايات المتحدة في إدارة هيمنتها، وفق الصحيفة.
أوباما والأزمة السورية
وأوضحت أن أوباما هو الرئيس الذي منح للكرملين فرصة الحصول على مكان الولايات المتحدة، عندما رفض في سنة 2013 التدخل في سوريا، بعد أكبر هجوم بالأسلحة الكيميائية الذي اهتزت على وقعه البلاد، خلال ما يزيد عن أربع سنوات من الحرب الأهلية.
وفي سنة 2015، أدى التدخل العسكري الروسي الداعم للنظام السوري إلى قلب موازين الصراع، عندما حوصر جيش النظام أمام تقدم قوات المتمردين المسلحين المدعومة من قبل الولايات المتحدة وتركيا والمملكة العربية السعودية.
البيت الأبيض والكرملين
وأضافت الصحيفة أن هزيمة القوات المعارضة قبل سنتين في معركة حلب قد انتهت بجعل بشار الأسد الفائز في هذه الحرب.
في المقابل، ضمنت روسيا الاستخدام الدائم لقاعدتها الجوية حميميم في محافظة اللاذقية الساحلية، وقاعدتها البحرية في ميناء طرطوس، التي تمثل القاعدة الوحيدة لأسطولها في البحر المتوسط.
وأفادت الصحيفة أنه قبل الإعلان عن المهمة التي تم تنفيذها في إطار القتال ضد تنظيم الدولة، وعلى الرغم من حقيقة أن أكثر من 15 ألفا من المقاتلين لا زالوا نشطين في وادي الفرات، كان البيت الأبيض قد أعطى بالفعل الكرملين المبادرة الدبلوماسية لقيادة مهمة إنهاء الصراع بالتعاون مع كل من تركيا وإيران.
اقرأ أيضا: واشنطن بوست: هذا دليل سياسة أمريكا المتعرجة بسوريا
وبينما تحمي أنقرة مستقبل محافظة إدلب، آخر وأكبر معقل في أيدي المعارضة السورية، تقود طهران القوات التي تهدد بطرد المعارضين من هذه المحافظة الواقعة شمال غرب سوريا.
وأبرزت الصحيفة أن القوات الكردية، التي كانت في طليعة القتال ضد تنظيم الدولة، يمكن أن تتضرر مرة أخرى بسبب قرار ترامب، تماما مثلما حدث لأسلافهم قبل قرن من الزمن بعد الحرب العالمية الأولى، حين حارب الأكراد ضد الإمبراطورية العثمانية دون الحصول على المكافأة الموعودة آنذاك بإنشاء دولة خاصة بهم. وعلى ما يبدو أن الولايات المتحدة قد اختارت تركيا، التي تعتبرها حليفا إقليميا لها ضد إيران.
وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل كانت واحدة من الدول التي اعترفت بالهيمنة الروسية في الشرق الأوسط، لكن علاقتها مع موسكو شهدت تقلبات عدة. وقد أدى إسقاط الطائرة الروسية في أيلول/ سبتمبر الماضي في سوريا على وجه الخطأ في خضم هجوم إسرائيلي، إلى تضييق حرية إسرائيل في أجواء سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي سافر إلى روسيا سبع مرات منذ نهاية سنة 2015 للاتفاق حول وضع نظام من شأنه أن يمنع المواجهات العرضية بين البلدين، قد لاحظ عدم تلبية الرئيس الأمريكي، الذي يعد الأكثر مراعاة لمصالح إسرائيل، لمطالبه بالإبقاء على القوات الأمريكية في سوريا، على الأقل حتى انسحاب القوات الشيعية. وبالتالي، يسعى نتنياهو لإيجاد سبيل لاستمرار التعاون العسكري مع ترامب "ضد العدوان الإيراني".
NYT: هؤلاء أهم الرابحين والخاسرين من قرار ترامب بسوريا
واشنطن بوست: هذا دليل سياسة أمريكا المتعرجة بسوريا
واشنطن بوست: ما هي دوافع ترامب لسحب القوات من سوريا؟