يثير قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأخير برفع سعر
الفائدة إلى نطاق يتراوح بين 2.25 و 2.5 بالمئة والتوقعات بشأن مزيد من قرارات الرفع عام 2019، قلقًا بالغاً، لكن هذه المخاوف مبالغ فيها إلى حد كبير.
فعلى الرغم من الحديث المتصاعد عن الركود الوشيك، إلا أن أداء
الاقتصاد الأمريكي القوي لا يزال مستمراً في ظل إدارة الرئيس
ترامب.
وفي حين تشير أحدث توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.9 بالمئة في الربع الأخير من هذا العام - أقل من معدل 3.5 بالمئة في الربع الثالث، فإن الاقتصاد لا يزال في وضع جيد حسب تعبير رئيس المجلس جيرمي باول.
ورغم أن الاقتصاد الأمريكي سجل تباطؤا أكبر قليلا مما كان متوقعا في الربع الثالث من العام، فإن هذه الوتيرة من المرجح أن تكون كافية للإبقاء على النمو في مسار نحو بلوغ المستوى الذي تستهدفه إدارة ترامب للعام الحالي والبالغ 3 بالمئة.
وفي قراءتها الثالثة لنمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث، قالت وزارة التجارة، إن الناتج المحلي الإجمالي زاد بمعدل سنوي بلغ 3.4 بالمئة.
وهذا الرقم منخفض قليلا عن وتيرة النمو البالغة 3.5 بالمئة في القراءة السابقة التي أصدرتها الوزارة في تشرين الأول / أكتوبر وتزيد كثيرا عن النمو الكامن لأكبر اقتصاد في العالم والذي يقدره خبراء اقتصاديون بحوالي 2 بالمئة، وسجل الاقتصاد الأمريكي نموا بلغ 4.2 بالمئة في الربع الثاني من العام.
وذكرت وكالة "بلومبيرغ"، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ناقش إقالة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيرمو بويل.
وأوضحت الوكالة أن خلافات ترامب مع محافظ "المركزي الأميركي" تصاعدت بعد الزيادة الأخيرة في الفائدة، والتي تعد الرابعة خلال العام الجاري، وتأثير السياسات النقدية للبنك السلبي على البورصة.
وكان ترامب قد وجه انتقاداً إلى بنك الاحتياطي الفيدرالي قبيل اجتماعه الأخير خلال الشهر الجاري، الذي قرر فيه زيادة أسعار الفائدة لتتراوح بين 2.25 و2.5 بالمئة، واعتبر أن سياسات "المركزي" تدعم الدولار بقوة، وأن ذلك يفجّر أزمات في العالم، مشيرا إلى الاحتجاجات الدائرة في فرنسا ضد غلاء المعيشة.
وقالت وكالة "أسوشييتد برس"، إنه في الوقت الذي حقق فيه الاقتصاد الأميركي أداءً متميزاً خلال العام الجاري، فإن المشكلات المتصاعدة من التوتر التجاري العالمي إلى الأسواق المتقبلة بجانب الأجواء السياسية المحيطة بأنشطة الأعمال، ستتسبب في الحد من نمو الاقتصاد خلال 2019.
وظهرت مؤشرات على ضعف نسبي في النمو الأميركي خلال الأشهر الأخيرة، حيث أعلنت وزارة التجارة الأميركية أن الاقتصاد نما بـ3.4 بالمئة خلال الفترة من تموز / يوليو إلى أيلول/ سبتمبر، مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي، وهو ما ينخفض عن النمو السنوي المقدر في الفترة من نيسان / أبريل إلى حزيران / يونيو بـ4.2 بالمئة.
ويرى محللون أن النمو ظل متماسكاً حتى الربع الجاري، بين تشرين الأول / أكتوبر وكانون الأول / ديسمبر، حيث يُتوقع أن يتراوح بين 2.5 و2.8 بالمئة، وهو ما سيجعل إجمالي النمو في 2018 بنحو 3 بالمئة، وهو ما سيكون أفضل أداء اقتصادي للبلاد منذ 2005 وفوق معدلات النمو السنوية التي سادت منذ عام 2009 التي بلغت 2% تقريباً.
ويتفق الخبراء على أن سياسات ترامب ساهمت في تحقيق النمو المرتفع المتوقع للعام الحالي، سواء من خلال تمرير تشريع ينطوي على تخفيضات ضريبية بـ1.5 تريليون دولار أو زيادة الإنفاق على الدفع والإنفاق المحلي، الذي أقره الكونغرس في شباط / فبراير.
لكن المخاطر المحدقة بالاقتصاد الأميركي، كما تقول الوكالة، ستمثل عقبة أمام النمو، وتشمل تلك المخاطر زيادة "المركزي الأميركي" سعر الفائدة لاحتواء التضخم، بجانب الصدمة المحتملة لثقة الأعمال والمستهلكين من الانخفاضات المتوالية في أسعار الأسهم.
ويضاف إلى المخاطر مصدر جديد لعدم اليقين، يتعلق بالصراع بين ترمب والديمقراطيين في الكونغرس بخصوص توفير التمويل للجدار الذي يطرح ترامب إنشاءه بين الولايات المتحدة والمكسيك، والذي يعد نذيراً على معارك سياسية قادمة بعد سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب.