نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن تصريحات ترامب بشأن تخصيص المملكة العربية السعودية أموالا لعملية إعادة إعمار سوريا، بدلا من الولايات المتحدة التي أعلنت مؤخرا عن قرار سحب قواتها من سوريا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الأموال التي ستؤمنها السعودية تكتسي أهمية بالغة بالنسبة لسوريا. وفي الوقت ذاته، سيعمل ترامب على مساعدة بوتين في الحصول على تمويلات من الممالك العربية، لا سيما أن السعوديين مهتمون بالاستثمار في سوريا.
وذكرت الصحيفة أن ترامب الذي أعلن مؤخرا عن الانسحاب من سوريا، وجد سببا جديدا ليظهر للأمريكيين حرصه على المحافظة على أموالهم. ففي تغريدة له، أعلن الرئيس الأمريكي مساء الاثنين عن موافقة السعودية على تقديم المساعدة اللازمة لإعادة إعمار سوريا، بدلا من الولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من الواضح أن ترامب لم يكن ينوي الاستثمار في إعادة إعمار سوريا، التي دمرتها الحرب، ناهيك عن أن تصريحاته حول الدعم المادي السعودي لفائدة سوريا في شهر آب/ أغسطس، لم تؤخذ على محمل الجد.
وبعد قرار انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، باتت السيطرة الكاملة على أراضي البلاد في يد دمشق، باستثناء جزء من إدلب وبعض المناطق الحدودية، مما يعني أن مسألة إعادة الإعمار أصبحت أكثر أهمية وجدية. وستكون 2019، سنة تمويل إعادة إعمار سوريا، وستلعب السعودية دورا بارزا في هذا الشأن.
اقرأ أيضا: أول تعليق للرياض على تصريح ترامب حول تمويلها لإعمار سوريا
وذكرت الصحيفة أنه في شهر آب/ أغسطس، رفض ترامب دفع 230 مليون دولار لصالح سوريا. وفي نيسان/ أبريل، ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية أن عددا من حلفاء وشركاء الولايات المتحدة وافقوا على تخصيص 300 مليون دولار لإعادة الإعمار. ومن جانبها، أعلنت الرياض عن استعدادها لتوفير 100 مليون دولار من هذه الأموال، بينما ستقدم الإمارات 50 مليون دولار. ولكن عملية إعادة الإعمار تتطلب ضخ مبالغ مالية أكثر من الأموال المذكورة آنفا.
وخلال السنة الماضية، قدرت الأمم المتحدة حجم المبالغ اللازمة لإعادة الإعمار بما لا يقل عن 259 مليار دولار. وقبل أسبوعين، قال الرئيس السوري بشار الأسد إنه "من أجل إعادة بناء البنية التحتية في البلاد، يجب توفير مبلغ يتراوح بين 250 و400 مليار دولار، وسيستغرق ذلك من 10 إلى 15 سنة. وطالما أن العديد من الأطراف الخارجية شاركت في تدمير سوريا، فإن عليها جميعها المشاركة في إعادة بنائها".
ونوهت الصحيفة إلى أنه من الواضح أن الأمم المتحدة ستضع برنامجا محددا لإعادة إعمار سوريا، وستلعب كل من إيران وتركيا والمملكة العربية السعودية دورا رئيسيا في هذه المسألة. وتعتبر التسوية السياسية عاملا ضروريا للشروع في تنفيذ أي برنامج دولي من هذا النوع.
وأضافت الصحيفة أن روسيا دعت مرارا وتكرارا جميع الدول للانضمام لعملية إعادة إعمار سوريا. وخلال الخريف الماضي، صرح فلاديمير بوتين بأنه "يجب على المجتمع الدولي التفكير جديا في مسألة إعادة إعمار البلاد بعد الحرب، من خلال تقديم المساعدة". وخلال اجتماع له مع ميركل في أغسطس/ آب الماضي، دعا الرئيس الروسي أوروبا للمساعدة في ترميم البنية التحتية المدمَّرة في سوريا، ما من شأنه أن يسهل عودة اللاجئين.
وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا مستعدة للعمل على نطاق واسع من أجل إعادة تهيئة البنية التحتية في سوريا، التي ستعود بالنفع على كلا البلدين على حد السواء. وقد أكد بوتين أن الدول الأوروبية مهتمة للغاية بمسألة إعادة إعمار سوريا، لأنها ستساعد بدورها على عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم.
اقرأ أيضا: ترامب: السعودية ستدفع أموال إعمار سوريا بدلا من أمريكا
وأفادت الصحيفة بأن أوروبا تعتقد أنها ستتمكن من مطالبة كل من بوتين والأسد بتقديم بعض التنازلات مقابل المساعدات الموجهة لعملية الإعمار. ودون أي شك، تحتاج هذه العملية إلى أوروبا. وفي الوقت نفسه، يحتاج جيران سوريا العرب إلى هذه العملية، نظرا لأنه من المربح بالنسبة لهم أن تكون حدودهم مجاورة لبلد آمن وغني؛ خاصة وأن سوريا قبل الحرب كانت من أغنى الدول في العالم العربي.
وعلى الرغم من تردد كل من أوروبا والسعوديين بشأن تقديم الدعم المالي للأسد، إلا أنهم لا يملكون خيارا آخر لأن الأسد لن يغادر سوريا. وفي الواقع، تريد جميع الجهات الفاعلة المتدخلة في سوريا المشاركة في عملية إعادة إعمار البلاد. كما أنه ليس من قبيل الصدفة أن يصرّح المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، بأن "إعادة إعمار هذا البلد لن تكون بتمويل من حلفاء الأسد إيران وروسيا فقط، وإنما يجب أن يرعاها المجتمع الدولي بأكمله".
وأشارت الصحيفة إلى أن عملية تمويل إعادة إعمار سوريا ستكون وفقا لعملية سياسية تنظم بشكل مسبق من قبل الأمريكيين والسعوديين. ولكسب النفوذ والدعم السياسي في سوريا في مرحلة ما بعد الحرب، ستمنح الأولوية لتمويل المناطق التي تعيش فيها العشائر والقبائل التي تجمعها صلة وثيقة بالسعودية والولايات المتحدة.
وتجدر الإشارة إلى أن سوريا تعتبر سوقا مربحة للغاية منذ قرون، نظرا لأنها مفترق طرقات لعديد المسالك التجارية، كما أنها خيار مناسب جدا لبعث مشاريع البنى التحتية المستقبلية، بالإضافة إلى مشاريع الغاز والنقل. كما تعد سوريا جزءا من طريق الحرير الجديد.
وأوردت الصحيفة أن سوريا ستشهد حربا اقتصادية صعبة من أجل إعادة الإعمار، حيث من المتوقع أن تكون السعودية وقطر والإمارات وإيران وتركيا والصين والألمان والفرنسيين من الأطراف المتدخلة فيها، وحتى تستعيد سوريا مكانتها التاريخية المهمة في المنطقة بشكل كامل، من الضروري تحقيق السلام في البلد المجاور، أي أنه يجب على الأمريكيين مغادرة العراق. وفي كل الأحوال، ستساهم إعادة إعمار سوريا في بناء شرق أوسط جديد وآمن.
إندبندنت: 2018 انتهى الربيع العربي والسكاكين تحاصر ابن سلمان
الغارديان: مستقبل قاتم لبريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي.. لماذا؟
التايمز: منافسو أمريكا يستعدون لملء الفراغ في سوريا