بعد زيارة رسمية لوزير الخارجية المصري بصحبة مدير المخابرات إلى السودان، الخميس، دعما للرئيس عمر البشير، في الوقت الذي تعم السودان تظاهرات مطالبة بإقالته وإصلاحات اقتصادية؛ يثار التساؤل حول مدى صحة أو خطأ دعم مصر للبشير بمواجهة انتفاضة شعبية.
محللون حذروا بحديثهم لـ"عربي21"، من تأثير دعم القاهرة للبشير، على صورة مصر، موضحين أنه حال انتصار الثورة سيكون موقفها سلبيا من القاهرة، وإن فشلت ستكون مصر بموقف المتآمر والمسؤول عن فشل انتفاضتهم، فيما رأى آخرون أن موقف مصر سياسي ولا يجب العدول عنه.
وتعجب آخرون من تحول علاقات النظامين من فرقاء الأمس إلى حلفاء اليوم، والتي شهدت علاقاتهما قبل عام حالة شد وجذب وتلاسن إعلامي وسياسي، واتهامات متبادلة من كلا الجانبين، إلى الدفاع من نظام السيسي عن نظام البشير.
وقبل يوم من إعلان المتظاهرين السودانيين الجمعة، يوم غضب بعموم التراب السوداني على غرار يوم "جمعة الغضب" بثورة يناير 2011، بمصر، وصل وزير الخارجية المصري سامح شكري ومدير المخابرات العامة عباس كامل الخرطوم الخميس، بزيارة رسمية لـ"المشاركة بالاجتماع الرباعي"، فيما أعلنت وسائل إعلام سودانية الأربعاء، عن زيارة وفد برلماني مصري للخرطوم.
وتعيش السودان على وقع احتجاجات منددة بتدهور الأوضاع الاقتصادية، شملت 13 ولاية من أصل 18، وسقط خلالها ثمانية قتلى، بحسب السلطات، و 22 ضحية وعشرات المصابين حسب المعارضة، فيما تتحدث منظمة العفو الدولية عن 38 قتيلا.
اقرأ أيضا: قوى سودانية تدعو لـ"جمعة الشهداء" واعتقالات بصفوفها
غضب شعبي
وفي تعليقه يرى الكاتب والمحلل السياسي السوداني حسن إبراهيم، أن تأثير الدعم المصري للبشير سيكون كبيرا على صورة مصر لدى السودانيين، مؤكدا أن الموقف المصري بهذا التوقيت سيغضب السودانيين.
إبراهيم، بحديثه لـ"عربي21"، توقع أن تتوتر العلاقات مع مصر كأول رد فعل للسودانيين لو نجحت انتفاضتهم ضد البشير، مضيفا أن "أي وقوف بجانب النظام السوداني بهذه المرحلة يغضب السودانيين".
ونفى الصحفي السوداني، أن تصل حالة الغضب المتوقعة لنظر السودانيين إلى مصر كونها متآمرة على انتفاضتهم كما يري بعض المصريين السعودية وبعض دول الخليج كمتآمرين على ثورة يناير، وقال إن "السودانيين لا يمكن أن يساووا بين موقف مصر من ثورتهم ودور دول الخليج بثورة مصر أبدا".
ويعتقد إبراهيم أن تظاهرات السودان بظل ما تلقاه من تجاهل دولي ودعم للنظام من دول كمصر والخليج لن يؤثر على عزيمة السودانيين لخلع رئيس حكم 30 عاما ودمر بلد وما يزال يعدهم بالفقر، مؤكدا أن "المظاهرات ستستمر حتى لو تخاذلت أحزاب نداء السودان؛ ولو لم يسقط النظام سيجبرونه على ترك سياساته القمعية".
وعلى الجانب الآخر يرى الصحفي والباحث السوداني عمر صديق، بحديثه لـ"عربي21"، أن الموقف المصري ليس مع أو ضد أحد، وأن "وزير الخارجية المصري قال إنه يدعم السودان واستقراره، ولا أظن أن الدعم المصري للبشير أو ضد المتظاهرين، كما أن المظاهرات أسبابها اقتصادية".
اقرأ أيضا: صحيفة سودانية: السعودية والإمارات والموساد متفقون ضدنا
مخاوف
وفي الجانب المصري يرى الخبير بالشؤون الأفريقية الدكتور بدر شافعي، أن الموقف المصري ينطلق من مصالحه الشخصية؛ قائلا: "فرغم تباينات النظامين بالعديد من الملفات خاصة ملف (حلايب وشلاتين)، إلا أن النظام المصري يجد نفسه مدفوعا للوقوف بخانة البشير".
أستاذ العلوم السياسية، أكد لـ"عربي21"، أن النظام بمصر "يخشى أن يؤدي نجاح الاحتجاجات واسقاط نظامه لانتقال العدوى للجارة الشمالية لاسيما وأن الكثير من الأمور متشابهة سواء فيما يتعلق بغلاء الأسعار والبطالة والقمع وخلافه".
وأوضح الأكاديمي المصري، أنه "وبالتالي فإن النظام المصري لا يهتم بصورته لدى السودانيين؛ تماما كما حدث بحالة دعمه لبشار الأسد، رغم أن الوضع بسوريا كان أكثر دموية".
وتابع: "الخلاصة هي أن ما يهم النظام المصري وغيره من الأنظمة ليس صالح الشعوب ولا صورته أمامها، وإنما البقاء بالكرسي أطول فترة ممكنة، والبحث عن الحلفاء حتى وإن كانت أنظمة مستبدة أو غيرها".
وفي تحليل مصري آخر، قال الباحث بالمركز الديمقراطي العربي محمد ثابت: "تعد السودان البوابة الجنوبية للأمن القومي المصري، ومنذ قيام الدولة المصرية منذ آلاف السنين، والبوابة الجنوبية آمنة لا تمثل تهديدا، ولنا بتاريخ الغزوات على مصر خير شاهد، بأن التهديدات أتت من الجهة الشمالية لمصر عبر البحر المتوسط، والثغرة المتمثلة بشبه جزيرة سيناء".
ثابت، بدا مؤيدا لموقف القاهرة، وأضاف لـ"عربي21"، أن "السودان هي عمق استراتيجي لمصر يجب المحافظة والابقاء على استقراره، والموقف المصري تجاه الاجتجاجات في السياسة أمر لا بد منه ولا يجب العدول عنه".
لمتابعة ملف الاحتجاجات الشعبية في السودان وتداعياته (اضغط هنا )
لغة المصالح
وبصدد موقف السودانيين حال نجاح الثورة، أوضح الباحث المصري، أن "السياسة لا تعرف سوى لغة المصالح، ووفقا للطبيعة الجيوبولتيكية للسودان، فسوف تفرض تلك الطبيعة التغاضي عن أي موقف صدر من الجانب المصري عقب اندلاع الإحتجاجات، فقد لا يتعدي الأمر مجرد الضغط بموقف أو أكثر لحفظ مبدأ الكرامة السياسية".
ومن جانبه، قال الكاتب الصحفي محمد السطوحي، إن "دعم مصر الرسمي للبشير وزيارة كبار مسؤوليها للخرطوم خطأ كبير بينما تنتفض المدن السودانية ضد حكمه وتضع مصر معه بقفص الاتهام بالنسبة للسودانيين".
وأضاف عبر صفحته بـ"فيسبوك": "لو انتصرت الثورة سيكون موقفها سلبيا ضد مصر، وإن فشلت ستكون مصر بموقف المتآمر الذي تتجه إليه نظرية المؤامرة باعتبارها مسؤولة عن الفشل".
البشير يعد بإصلاحات اقتصادية ويحذر من الالتفات للشائعات
هكذا انتقد نشطاء تغطية الجزيرة لاحتجاجات السودان (شاهد)
احتجاجات ليلية في الخرطوم ودعوات لتنحي البشير (شاهد)