لم يشأ عام 2018 أن يرحل دون أن يوجه ضربة جديدة للسياحة المصرية، حيث انفجرت حافلة سياحية في القاهرة، مساء الجمعة 28 من كانون الثاني/ ديسمبر 2018، مخلفة وراءها عددا من القتلى والمصابين.
ورغم تبريرات الحكومة بأن الفوج السياحي هو الذي يتحمل المسؤولية لقيامه بتغيير مساره الأمني دون علم الجهات المختصة، إلا أن المتابعين حذروا من تبعات هذا الحادث على قطاع السياحة الذي مازال يعاني من عدم استقرار، وإن كانت معدلاته في 2018 أفضل من نظيرتها السابقة.
وتشير الأرقام الصادرة عن الجهات المختصة بقطاعات السياحة المختلفة، لوجود تناقض عن الحالة السياحية التي شهدتها مصر خلال 2018، ففي الوقت الذي تؤكد فيه تقارير البنك المركزي حدوث تحسن بالمقارنة بـ 2017، فإن غرفة السياحة، تشير إلى أنه رغم زيادة نسبة الإشغالات بالفنادق، إلا أن هناك انخفاضا في العوائد المادية.
وحسب التقرير الربع سنوي الثالث للبنك المركزي المصري عن عام 2018 فإن مصر استقبلت منذ بداية العام وحتي آب/ أغسطس ما يقرب من 5 ملايين سائح، حققوا عائدا يقدر بـ 4.7 مليار دولار، بينما استقبلت 7.3 مليون سائح، في الفترة من نيسان/ أبريل 2017، وحتى نهاية كانون الثاني/ يناير 2018، في حين بلغ العدد 6.6 مليون سائح خلال 2016/ 2017.
ووفقا لتقرير "جونز لانغ لاسال للاستشارات"، فإنه بالرغم من وصول إيرادات السياحة لـ 4.8 مليار دولار خلال النصف الأول لـ 2018، إلا أن هذا لا يعني أن مصر دخلت بمرحلة انتعاش سياحي، خاصة، في ظل مقارنة هذه الأرقام بالأعوام السابقة التي كانت تمثل انهيارا تاما للسياحة.
وحول تقيمه للموسم السياحي بمصر خلال 2018 يؤكد الخبير السياحي خالد الصفاوي لـ "عربي 21" أن السياحة شهدت تقدما بنسبة 40% عن العام الذي سبقه، ولكنه مازال بعيدا عن الأعوام التي تمثل الازدهار وهي 2009 و2010 و2012، والتي حققت عائدا ما بين 10 مليارات دولار و12.5 مليار دولار، في ظل سعر الصرف القديم.
ويضيف الصفاوي أن العامل الأساسي لهذا التقدم هو تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، بالإضافة للتسهيلات والتخفيضات غير المسبوقة التي قدمتها شركات السياحة والمنشآت السياحية للشركات العالمية، ما دفع بالسياحة المتوسطة والمتدنية للإقبال بكثافة لرخص السياحة بمصر.
ويستدل الخبير السياحي بتقارير غرفة السياحة عن تراجع السياحة الصينية التي تحتل المرتبة الخامسة بين الدول الأكثر إقبالا على مصر عالميا والأولي ىسيويا، والتي سجلت انخاضا قدره 17% عن عام 2017 الذي كان أكثر انخفاضا من الذي قبله، بالإضافة لاستمرار غياب السياحة الروسية التي تمثل 35% من السياحة الوافدة لمصر، وهو ما لم تستطيع الحكومة المصرية معالجته حتى الآن.
اقرأ أيضا: قتلى ومصابون في تفجير حافلة سياحية بالقاهرة (فيديو+صور)
ووفقا للصفاوي فإن السياحة الغربية هي الأخري تشهد تراجعا وخاصة الإيطالية التي تحتل المركز الأول بين دول أوروبا نتيجة قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، والتي كلما شهدت هدوءا، حدث ما يعيدها للأذهان مرة أخري، بما يعني في النهاية أن مصر مازالت تفتقد لأهم مقصدين غربيين لها وهما روسيا وإيطاليا.
وفي تقييمه لوضع السياحة خلال 2018 يؤكد الخبير الاقتصادي كامل المتناوي لـ "عربي21" أن الأرقام التي تعلنها الحكومة عن عدد السياح جيدة، ولكن هذا لا يعني أن هذه الأعداد تمثل المردود المنتظر للدخل القومي، خاصة أن الحكومة اتخذت عدة إجراءات من المفترض أن تكون سببا في زيادة الجذب السياحي، وأهمها تخفيض سعر الصرف.
ويضيف المتناوي أن هناك تعتيما مقصودا من وزارة السياحة في الكشف عن الأرقام الرسمية المتعلقة بأعداد السياح، ودولهم ونسبة عائدهم في الدخل القومي، بما يجعل المعلومات سرا حربيا، وحتى الأرقام التي يتم نشرها معظمها منسوب لجهات حكومية مجهولة، وهو ما يؤدي لصعوبة تحليل الأرقام التي يتم طرحها في النشرات الرسمية، سواء من البنك المركزي، أو مؤسسات السياحة المختلفة.
وحسب تقييم الخبير الاقتصادي، فإنه رغم كل المميزات التي قدمتها حكومات السيسي من أجل عودة السياحة، سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية أو الترويجية، إلا أن الأعوام الخمس الماضية، لم يصل أفضلهما لما حققته السياحة خلال عام الرئيس محمد مرسي، حيث بلغ عائد السياحة 10 مليارات دولار عام 2012، بينما أفضل عائد تم تحقيقه طوال سنوات حكم السيسي كان 7 مليارات دولار خلال 2017 وفي ظل تحرير سعر الصرف.
اقرأ أيضا: لماذا فقدت مصر الأمل في استعادة السياحة بشرم الشيخ؟
ويضيف المتناوي أن نسبة الغلق في المنشآت السياحية حققت زيادة خلال العامين الماضيين، نتيجة ضعف الإقبال، والضرائب التي فرضتها الحكومة، وارتفاع أسعار الخدمات من كهرباء ومياه وغاز ومواصلات، وتراجع البنوك عن دعم المشروعات السياحية، مشيرا إلي أن الأزمة التي تواجهها مقاصد سياحية كاملة مثل مرسي علم وشرم الشيخ والغردقة، تؤكد أن الوضع السياحي ليس كما تروج له الحكومة.
كيف تسببت أسعار الفائدة في ضرب القطاع الخاص بمصر؟
في مصر.. ارتفاع تكاليف الزواج مع تزايد المصاعب الاقتصادية
من التعويم إلى التحرير.. نيران الأسعار تكوي المصريين