واجه تصريح وزير الإنتاج الحربي بالحكومة المصرية اللواء محمد العصار بقيام المصانع الحربية بتصنيع "صنبور" موفر للمياه لمواجهة قلة الموارد المائية، موجة من السخرية عن تحول مسار الوزارة المعنية بالعتاد العسكري، لصناعات أخرى أقل أهمية، في الوقت الذي يتوسع فيه النظام العسكري بعمليات شراء السلاح من الخارج.
وكان العصار أعلن في مداخلة تليفزيونية أن وزارته
تعمل على حل المشاكل المصرية، بحلول مبتكرة، كاشفا عن الصنبور الجديد، الذي أكد
أنه سوف يحدث نقلة كبيرة في توفير المياه، كاشفا أن مجلس الوزراء قرر تعميمه على
كل المؤسسات والمنشآت التي تتبع الحكومة والهيئات الرسمية المصرية.
وأوضح العصار أن سعر الصنبور الجديد لا يزيد عن 40
جنيها (2.5 دولار)، ولكنه سوف يعود بالنفع المادي على المواطن من خلال تقليل
فاتورة الاستهلاك.
من جانبه، علق عضو مجلس الشورى المصري والقيادي
العمالي السابق بالمصانع الحربية طارق مرسي عبر صفحته في "فيسبوك" قائلا:
"وزارة الإنتاج الحربى هذا الصرح الكبير بقيادة الانقلابي محمد العصار سيقوم
بإنتاج جديد لتوفير مياه السيفون (..)، ألف مبروك للشعب المصري العظيم (..)، تحيا
مصر ثلاث مرات"، بحسب تعبيره.
في حين اكتفى النائب السابق بالبرلمان المصري عاطف
عواد بالتعليق على الخبر قائلا: "إنجاز عظيم لشعب أعظم!"، وعلق ناشطون
آخرون على تصريحات العصار بأن "الجيش المصري أنشأ خطا قتاليا جديدا باسم السيفون،
علشان أعداء الوطن يشوفوا التقدم والصناعة العسكرية".
اقرأ أيضا: "عربي21" تنشر تفاصيل الأيام الأخيرة بين مرسي والسيسي
وتزامن مع تصريح العصار تأكيد مجلة "دير شبيغل"
بأن وزارة الدفاع المصرية تعاقدت مع الحكومة الألمانية على شراء فرقاطة "ميكو
200"، التي تنتجها مجموعة تيسن كروب بتكلفة 500 مليون يورو، مضيفة أن "البحرية
المصرية ستحصل كذلك على فرقاطة أخرى خلال السنوات القادمة".
من جانبه، يؤكد القيادي العمالي بالمصانع الحربية
سعيد الشربيني لـ"عربي21" أن المصانع الحربية توقفت منذ سنوات عن إنتاج
العتاد الحربي، سواء الأجهزة الثقيلة أو البنادق والرشاشات، أو الطلقات المستخدمة
في الأسلحة المختلفة، باستثناء بعض خطوط الإنتاج القليلة جدا في مصانع 27 و9 و45
الحربية.
وحسب الشربيني، فإن كل المصانع تحولت للصناعات
المدنية مثل الثلاجات والغسالات والبوتوغازات وأدوات الطبخ والمائدة، وحتى عدادات
المياه والكهرباء وبعض الصناعات الأخرى الخاصة بمستلزمات السيارات توقفت بنسبة 70
بالمئة، بعد أن أصبحت كل هذه الصناعات يتم استيرادها من الخارج.
وفي تعليقه على تحول مسار الصناعات الحربية بمصر
يؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء مجدي الأسيوطي لـ"عربي21" إن "معاهدة
السلام التي وقعتها مصر مع إسرائيل كانت تنص على تقليل الإنتاج الحربي المحلي، ومع
توسع نظام مبارك في العلاقات مع إسرائيل واستبعاد فكرة الحرب مرة أخرى، بدأ البحث
عن وظيفة أخرى للمصانع الحربية".
اقرأ أيضا: خبراء يرصدون "الملف الأسود" لوزيري الدفاع والداخلية بمصر
ويوضح الأسيوطي أن "البداية كانت بالمشاركة في
التصنيع المدني من أجل توفير الأجهزة المنزلية بأسعار مخفضة للمواطن، ولكن بعد فتح
باب الاستيراد، ووجود مصانع خاصة لم يعد لهذه الصناعات وجود لغيابها عن المنافسة
سواء في السعر او الجودة".
ويرى الأسيوطي أن "النظام المصري السابق
والحالي يحترفون تجارة السلاح من أجل الحصول على عمولات لا تدخل في الميزانية،
معتمدين على الحصانة التي تتمتع بها ميزانية القوات المسلحة وعدم خضوعها لأية
رقابة، وهو ما يبرر توسع نظام السيسي في عقد صفقات السلاح بشكل غير معتاد على
الجيش المصري".
وحول آخر الأرقام المتعلقة بالمشتريات العسكرية،
يؤكد الخبير العسكري أن "الأرقام التي يتم الكشف عنها تكون من الدول المصدرة
وليس من الجانب المصري، وهو ما لا يعطي في النهاية رقما حقيقيا لقيمة ما يتم
انفاقه على السلاح، وكذلك نوعية هذا السلاح وأهميته بالنسبة للجيش".
من جانبه، يتحفظ الخبير الاقتصادي كامل المتناوي على
السخرية التي واجه بها المصريون تصريحات العصار، مؤكدا أن "مثل هذه الصناعات
مطلوبة، ولكن في الوقت نفسه لا يجب أن تكون هي الأساس لعمل مصانع الإنتاج الحربي".
ويضيف المتناوي لـ"عربي21" أن عدم كشف
وزارة الدفاع عن قيمة صفقات بيع وشراء السلاح، يجعل هناك صعوبة بالغة في تحديد
نسبة تأثيرها على الموازنة المصرية، خاصة وأن هذه الصفقات تتم بالعملة الصعبة،
التي تواجه مصر بسببها أزمة كبيرة، كما أنه يجعل من الصعوبة تحديد أوليات ما يتم
شراؤه بالمقارنة بما يتم إنتاجه، ولعل ذلك هو ما يوضح سبب تحويل مسار الصناعات
الحربية لصناعات مدنية أيا كان نوعها.
وحسب الخبير الاقتصادي، فإن أبرز أزمات ثورة 25
يناير، ثم الرئيس محمد مرسي مع المؤسسة العسكرية هي محاولة وضع ميزانية القوات
المسلحة تحت الرقابة البرلمانية، وبأي صيغة تريدها القوات المسلحة، وبما يضمن
حماية الامن القومي والأسرار العسكرية، ولكنه كان أمرا في غاية الصعوبة وكان من
أسباب انقلاب تموز/ يوليو 2013 الذي قاده وزير الدفاع وقتها عبد الفتاح السيسي.
ما حقيقة صفقة قادة اليسار المصري مع النظام؟
بسبب القمع في 2018.. شخصيات مصرية خلف القضبان
بعد الإرهاب.. "الهجرة غير الشرعية" ورقة السيسي الجديدة للغرب