أبدى قياديون في
"قوات
سوريا الديمقراطية" المعروفة بـ"
قسد" ذات الغالبية
الكردية، استعدادهم للانضمام إلى جيش النظام السوري أكثر من مرة، وذلك في إطار
المفاوضات التي تجريها القوات الكردية مع النظام، بهدف التوصل إلى حل سياسي يضمن
ملء الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب الأمريكي من الشمال السوري.
ورغم هذه الدعوات،
والتنازلات بالجملة التي تقدمها "قسد" للنظام السوري، تثار شكوك حول
استجابة الأخير لها، لا سيما لدى النظر إلى الولاء القومي "الكردي"
لـ"قسد" البعيد كل البعد عن شعارات العروبة التي يبالغ النظام وجيشه
(الجيش العربي السوري) بالمناداة بها.
وفي هذا الصدد، عدّ
المحلل العسكري والاستراتيجي، العقيد فايز الأسمر، انضمام "قسد" لجيش
النظام بـ"الأمر المستبعد"، معتبرا أن "انضمام قسد بالشكل الذي هو
عليه حاليا، وبولائها العابر للحدود، كان ممكنا لو أن النظام كان في وضع عسكري
صعب".
لكنه استدرك بالقول: "غير أن ذلك لا يعني أن
النظام سيفوت فرصة استثمار هذه القوات لصالحه، كما فعل بفصائل المصالحات في الجنوب
السوري حين زجها بمواجهة داعش في بادية السويداء".
قوات رديفة مرحليا
وأضاف الأسمر في
تصريحات لـ"
عربي21"، بأن "النظام سيجد صيغة آنية للتعامل مع وضع
هذه القوات، على أنها قوات رديفة أو ما شابه، لكنه بالمطلق لن ينسبهم للجيش، لأنه
رغم تحالفهم معه لا يأمن جانبهم، لطالما خرجوا عن طاعته عندما تحالفوا مع الأمريكان".
وأوضح الضابط المنشق
أن ضم "قسد" بكتلتها الحالية الموحدة تنظيميا في قوات
الأسد، يعني
الاعتراف ضمنيا من النظام بالواقع الحالي الذي تتطلع له هذه القوات بأن تكون
المسيطرة فعليا على قرار المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وقال الأسمر، قبل
الثورة كان النظام يشرك الأكراد بصيغة شكلية في الجيش، موضحا: "كان عدد صفوف
الطلاب الضباط في الكليات العسكرية لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، كما هو حال
بقية أطياف المجتمع السوري، باستثناء الطلاب من الطائفة العلوية".
وتساءل: "كيف
سيقبل النظام بهذا الوضع الذي يوحي بأن هناك دولة داخل الدولة"؟
ويعتقد الأسمر أن
النظام أقرب إلى استثمار هؤلاء مرحليا كبيادق لقتال التنظيم، والمعارضة، وكذلك
لإزعاج تركيا، لا سيما وأن قرار الولايات المتحدة بالانسحاب بات شبه مؤكد حتى لو
تم تأجيله، مؤكدا أن "قسد لا تملك الكثير من الخيارات، وهي المهددة من جانب
تركيا، ومن النظام وإيران في حال نزع عنها الغطاء الأمريكي".
ومختلفا مع قراءة
الأسمر، اعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي، العقيد أديب عليوي، أن هناك انسجاما واضحا بين النظام السوري و"قسد"،
مشيرا إلى تفاهمات ما بينهما حصلت في السابق، في منطقة "الشيخ مقصود"
بمدينة حلب، وفي ريف حلب الشرقي.
ليس بالمعقد
وقال
لـ"
عربي21" إن "قسد جزء من النظام، لكنهم جزء يبحث عن مصالحه
أحيانا بعيدا عن النظام، ورغم أن تفاهما بينهما لم ينجز بعد، فإن محددات هذا
التفاهم سيحدده الانسحاب الأمريكي بالشكل الحقيقي من شمال سوريا، لأنه حينها ستكون
قسد مجبرة على التخلي عن مصالحها مقابل حمايتها من تركيا".
وأضاف، أن انضمام
"قسد" لجيش النظام، ليس بالأمر الصعب والمعقد، وذلك عبر ندب النظام
لضباط من قبله يتولون صناعة القرار لهذه القوات، من خلال تشكيل غرف عمليات يقودها
النظام.
وعن كيفية تعامل
النظام السوري مع ولاء "قسد" القومي وارتباطها بحزب العمال الكردستاني
التركي، المصنف إرهابيا لدى أنقرة، قال عليوي إن "النظام أساسا هو من دعم وشكل حزب العمال الكردستاني بالتعاون مع
إيران، ولا توجد مشكلة لدى النظام في هذا السياق".
وأنهى بقوله: "لكن
للآن لم يتم التفاهم على اللمسات الأخيرة، التي ستكون بقرار من موسكو".