أثارت سيطرة هيئة تحرير الشام على مساحات
واسعة من محافظة إدلب، بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته أمس مع فصائل مقاتلة،
تساؤلات بشأن تكرار سيناريوهات ما حصل في الغوطة الشرقية ومناطق بحلب. وكانت سيطرة الهيئة على المناطق المذكورة "وفرت ذرائع للروس والإيرانيين لشن هجمات مدمرة بحجة وجود تنظيم القاعدة" بحسب
متابعين.
وعقب أيام من القتال العنيف بين الهيئة
وفصائل أخرى، أبرم اتفاق يقوم على تسليم فصائل الجبهة الوطنية للتحرير سلاحها،
لـ"تحرير الشام"، وإتباع المنطقة إداريا لحكومة الإنقاذ، التي شكلتها
الأخيرة.
اقرأ أيضا: ماذا تعني سيطرة "تحرير الشام" على معظم مناطق إدلب؟
وقامت فصائل نور الدين زنكي ومجموعات أخرى للمعارضة، بتسليم سلاحها
الثقيل والخروج إلى عفرين، وترك الساحة لـ"تحرير الشام"، التي سيطرت على
ما يقارب 75 بالمئة من مساحة إدلب.
وقدرت مصادر أعداد الخارجين إلى عفرين، بين مقاتلين وعائلاتهم من المدنيين، بنحو
خمسة آلاف شخص، بينهم مطلوبون لهيئة تحرير الشام.
وتعد محافظة إدلب، المنطقة الوحيدة المتبقية خارج سيطرة النظام
السوري، والقوات الروسية والإيرانية بعد نحو 8 سنوات من الثورة.
توفير الذرائع
المحلل السياسي محمود عثمان، قال إن هناك قوى محلية وإقليمية ودولية
تدفع لإعادة السيناريو نفسه الذي بدأه الروس والإيرانيون، بتجميع "المصنفين
ضمن قوائم الإرهاب دوليا"، في محافظة إدلب للتخلص منها بشكل كامل.
وأوضح عثمان لـ"عربي21" أن هناك سعيا لإبراز أن
"تحرير الشام هي القوة الوحيدة في إدلب وريف حلب الشمالي الغربي، لتوفير
ذريعة للروس والإيرانيين من أجل اتباع سياسة الأرض المحروقة، والتمهيد لشن عمل
عسكري في المحافظة".
وأشار إلى أن توقيت تحريك هذه الجماعات،
بالتزامن مع سحب القوات الأمريكية من سوريا، ومن سيخلفها، "يثير العديد من
الشكوك وثمة أحجار تحركت من مكانها، لخلخة خارطة التوازنات".
ولفت إلى أن "تحرير الشام" تصر على
"التحركات المشبوهة التي حدثت سابقا في الغوطة الشرقية وحلب الشرقية، التي
ألحقت كارثة بالمدنيين في تلك المناطق وتسببت لهم بمجازر واسعة بحجة القضاء على
الإرهاب".
وأضاف: "الملفت اشتراط الهيئة أن تقوم
الفصائل الأخرى بحل نفسها وتسليم سلاحها، وهو ما يؤشر إلى أن شن عملية عسكرية
واسعة لتدمير إدلب بات مسألة وقت، وأمرا مباحا للروس والإيرانيين وفق القوانين
الدولية".
وانتقد عثمان "تأخر" الجانب التركي
في تفكيك هيئة تحرير الشام وقالت: "هناك 12 نقطة مراقبة تركية في إدلب، وهناك
علاقات استراتيجية من قوات الجيش الحر، وكان الأجدر التحرك في وقت مبكر للتخلص من
هذه المجموعات التي اختطفت السوريين".
وأضاف: "هذه المجموعات كما هي خطرة على
السوريين، فهي خطر أيضا على الأمن القومي التركي، ولن تتأخر في أول فرصة بالضغط
على الزناد ضد تركيا ومصالحها في المنطقة، إن توفر لها ذلك".
تغيير الآليات
من جانبه قال رئيس الدائرة الإعلامية في
الائتلاف الوطني السوري أحمد رمضان، إن "تغول هيئة تحرير الشام على بقية
الفصائل بإدلب، سيعود بمردود سلبي على المحافظة وما تبقى من الثورة بشكل
عام".
وأشار رمضان لـ"عربي21" إلى أن
"تحرير الشام" ستمنح الروس والإيرانيين "الذريعة" التي
يحتاجونها من أجل الهجوم على إدلب، مضيفا: "حذرنا سابقا من تجميع العناصر الإرهابية
من المحافظات كافة في مناطق الشمال، لأن التجميع مؤقت بهدف التفرغ لاحقا للهجوم
عليها".
وتابع: "التجارب السابقة كانت تقول إن
النظام ومن خلفه الروس والإيرانيون كانوا يرخون الحبل لهذه الجماعات لتفعل ما تشاء،
وتضرب فصائل الثورة ثم تبادر للهجوم عليها، بعد توفر الذرائع كافة لذلك أمام
العالم. وبالمحصلة، السوريون المدنيون هم من يدفعون الثمن".
اقرأ أيضا: وقف لإطلاق النار بين "تحرير الشام" وفصائل المعارضة بإدلب
ورأى أن هذه التنظيمات "غريبة عن سوريا
والسوريين ولم تجلب سوى الدمار على الثورة، ويجب أن تخرج من سوريا وتراجع أفكارها
ومعتقداتها، بعيدا عن التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب ضد النظام".
وشدد رمضان على ضرورة "إعادة فصائل
الجيش الحر التفكير في الآليات السابقة للتعامل مع هذه التنظيمات، والتوحد تحت
راية واحدة للتخلص منها".
وقال إن "التعويل أيضا على الحاضنة
الشعبية في إدلب الرافضة لهذه الجماعات، بالتحرك من أجل طردها من المنطقة".
ماذا تعني سيطرة "تحرير الشام" على معظم مناطق إدلب؟
مطالبة للأمم المتحدة بالكشف عن الأنفاق الإسرائيلية في القدس
هكذا أحرجت روسيا الأسد بشأن الوجود العسكري التركي بإدلب