نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسلتها في اسطنبول حنا لوسيندا سميث، تتحدث فيه عن مدينة تركية أصبحت مقصدا للشباب الإيرانيين الهاربين من بلادهم بحثا عن الحرية.
وتقول سميث: "خلف الباب الأبيض في الطابق الثاني من مركز تسوق متداع، تسرب العديد من الشباب الإيراني في فعل تمرد جسدي".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن منصور ولايتي (23 عاما)، المتخصص في تصميمات الوشم، الذي انضم إلى الأعداد الكبيرة المتزايدة التي تتدفق على مدينة وان القريبة من الحدود مع إيران، قوله: "يتبع معظمهم الموجات على الإنترنت، والتصميمات غير المتناسقة تحظى بشعبية الآن"، ويضيف أن "40 إيرانيا يتوافدون شهريا على مدينة وان التي أصبح فيها الوشم يحظى بشعبية".
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم منع إيران الرسوم على الجسد، الذي تعده صورة عن الثقافة الغربية ومخالفا للأخلاق الإسلامية، إلا أن ولايتي رسم بوصلة سفينة على ذراعه الأيسر، لكنه لا يتجرأ على إظهاره في إيران خوفا من اعتقاله، مشيرة إلى أنه يتم فحص المرشحين للجندية، وفيما إن كان على أجسادهم وشم، ويتم عزل العمال في الحكومة في حال كشف عن وشم على أجسادهم.
وتلفت الكاتبة إلى أن أربعين عاما مرت على سقوط الملكية العلمانية في إيران، وقيام جمهورية يحكمها رجال الدين، جعلت أجيالا من الإيرانيين يتذمرون من حكم الملالي، ويسعون إلى مغادرة البلاد بحثا عن مكان يمارسون فيها حياتهم بالطريقة التي يرغبونها.،ويظهرون رسوم الوشم بالطريقة التي يريدونها.
ويذكر التقرير أن عدد الإيرانيين الهاربين من بلادهم ارتفع بنسبة 70 في المئة العام الماضي، بحسب وزارة الهجرة التركية، لافتا إلى أن الإيرانيين لا يمثلون إلا نسبة 9 في المئة من المهاجرين، وعددهم 45 ألفا، الذين وصلوا تركيا العام الماضي، لكن عددهم أخذ يتزايد بوتيرة أكبر من أي جنسية أخرى.
وتفيد الصحيفة بأنه خلافا لبقية المهاجرين الفقراء، مثل الذين يهربون من أفغانستان ويمرون بالمناطق ذاتها التي يمر منها الإيرانيون والمهربون معهم، فغالبية الإيرانيين من طبقة اجتماعية راقية، وتتراوح أعمارهم ما بين 18 والعشرينيات، ويجدون في المدينة التركية التي يبلغ تعداد سكانها 400 ألف نسمة "واحة الحرية التي كانوا يتوقون إليها".
وتنوه سميث إلى أن الشرطة والسيارات المصفحة وعربات الجيش عامة في شوارع وان، خاصة أن المدينة تقع في قلب التمرد الذي يخوضه المتمردون الأكراد في الجنوب، فيما تعد المناطق الأخطر هي القريبة من الحدود، حيث يقوم المهربون بالمرور بالمناطق الخاضعة لحظر تجول فرضه الجيش، مشيرة إلى أنه في إيران يحرم أي شخص من جواز سفره إن كان لديه سجل جنائي، أو لم يكمل الخدمة العسكرية، ولهذا فالهروب إلى تركيا هو الخيار الوحيد.
وتحدثت الصحافية إلى إيرانيين في مقاهي المدينة، التي شهدت فترة ازدهار في البناء بعد الهزة الأرضية التي تعرضت لها عام 2011، فوجدتهم يتحدثون عن فترة حكم الشاه باعتبارها فترة ذهبية في تاريخ بلادهم، على الرغم من أنها مضت منذ أربعين عاما، وأغلبهم لم يكونوا قد ولدوا حينها.
ويورد التقرير نقلا عن ريبار أسد خدار، قوله على سبيل المثال، وهو يستعرض مجموعة من الصور على هاتفه، إن "زوجة الشاه كانت تلتقي الناس في وسط طهران"، مشيرا إلى صور النساء وقتها، ويضيف أنه من المستحيل اليوم على النساء الحديث إلى الرجال في مكان عام، قائلا: "بعد الثورة أصبح من المستحيل أن تتحدث المرأة مع الرجال في الأماكن العامة، ولا أشعر بأي أمل لإيران في المستقبل".
وبحسب الصحفية، فإن ريبار، وهو طالب في الهندسة المعمارية من مدينة ماهاباد شمال غربي البلاد، هرب من إيران منذ عامين بعد اتهامه باعتناق الديانة المسيحية، وهي تهمة عقوبتها تصل إلى الإعدامk ووقع والده على رهن البيت ليدفع الكفالة لخروج ابنه، ما منحه فرصة لمغادرة البلاد، وبعدها دفع 100 جنيه لمهربين أتراك لأخذه في طريق وعر عبر الجبال، وعندما أوصلوه وان تركوه عند محطة الحافلات.
وتفيد الكاتبة بأن قادر سجل اسمه في مكتب الأمم المتحدة أملا في توطينه في بلد آخر في شمال أوروبا أو شمال أمريكا، إلا أنه واحد من 35 ألف إيراني سجلوا أنفسهم مع الأمم المتحدة في تركيا، مشيرة إلى أن فرصته للحصول على لجوء خارج تركيا صغيرة، ففي عام 2016 لم يتم توطين سوى 1% من الذين تقدموا بطلبات، وأصبح المجال منذ وصول الأحزاب الشعبوية الأوروبية والأمريكية أضيق، وفي العام الماضي لم يتم توطين سوى 0.5% من اللاجئين غير السوريين خارج تركيا.
ويشير التقرير إلى أن تركيا غيرت في أيلول/ سبتمبر 2018 القواعد لتسجيل اللاجئين غير السوريين، حيث يتم التعامل معهم من خلال الحكومة في أنقرة لا الأمم المتحدة، وقالت منظمة اللاجئين الدولية في واشنطن في تقريرها إن التغيير جعل القادمين الجدد من اللاجئين دون حماية عرضة لإمكانية ترحيلهم أو اعتقالهم على يد السلطات التركية.
وتقول الصحيفة إن قادر حصل على الإقامة في تركيا، لكن لا يسمح له بالعمل، إلا أنه وجد عملا في مقهى في وان بأجر 50 ليرة تركية في اليوم، ويقول: "يحب أصحاب المحلات استئجار الإيرانيين لأنهم يجلبون زبائن إيرانيين أكثر".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن عدد الإيرانيين الوافدين إلى مدينة وان يتزايد في العطلة الصيفية، إذ يدخل الآلاف منهم تركيا من باب السياحة، لكن الكثير منهم لا يعودون إلى بلادهم، فيستقرون في المدينة التي تجد في مراكزها التجارية الأعلام الإيرانية.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
فورين أفيرز: ما تأثير قرار ترامب على مليشيات إيران بسوريا؟
جيروزاليم بوست: لماذا يجتذب شرق سوريا اهتمام الجميع؟
أوبزيرفر: كيف انتهى 2018 بانتصار للأسد في حربه الوحشية؟