الفتح بداية صعود.. دون استراتيجية واضحة
تشكل "تيار الفتح" حول المقاتل هادي العامري، صاحب الولاء والاتباع لخامنئي عقيدة، والذي اكتفى لسنوات أن يكون عصا ضاربة ليس إلا في جهاز المجلس الأعلى الإسلامي، ثم تمرد على المجلس وخرج منه عندما تولى عمار الحكيم قيادته وإثر التحالف مع المالكي، ليصبح بعد ذلك القائد الذي يلتف حولة كل من اقتنع بقيادة إيران لمسيرة العراق الشيعية.
جمع العامري معه قيادة المجلس الأعلى المتمثلة بهمام حمودي وعصائب الخزعلي وحزب الله المتمثل بالمهندس، وآخرين أقل شأنا، فشكلوا جميعا تيار الفتح الذي أتى ثانيا في عدد نوابه.
استند تيار الفتح على مكانة الحشد الشعبي وأنصاره في المجتمع، وانتفع من بندقية الحشد لبناء هيبته في المجتمع وتحقيق نتائج انتخابية جيدة، ولو أخرجنا التيار المدني والشيوعيين من تيار "سائرون"، لأصبح العامري موازياً في رصيده لمقتدى الصدر، ولكنه هل استطاع أن يحدث أثرا بقوة الأثر الذي يتركه مقتدى الصدر اليوم؟
تيار الفتح على مكانة الحشد الشعبي وأنصاره في المجتمع، وانتفع من بندقية الحشد لبناء هيبته في المجتمع وتحقيق نتائج انتخابية جيدة
هل نستطيع أن نتلمس استراتيجية واضحة لتيار الفتح وطرح مميز؟
تصعب الإجابة بنعم، إلا إذا اعتبرنا ارتباط العراق بشكل قوي بالسياسة الإيرانية هو استراتيجيته الحالية، ويمكن الافتراض أن هذه
السياسة سوف تستمر.
لعب هادي العامري، وبالتعاون مع حلفائه في الفتح، دورا مركزيا في بناء تحالف البناء، ونجحوا في استقطاب السنة في تجمع المحور نحوهم، بينما كان الأصل في تجمع المحور الذي تشكل بإرادة سعودية أن يكون نصيرا للعبادي ولسائرون، إلا أن موقف سائرون القاطع ضد كل من خميس الخنجر وجمال الكربولي كان عاملا مهما في توجه المحور نحو البناء.
كانت سياسة سائرون عدم إعطاء
الأحزاب مكانة في تشكيل الحكومة القادمة وسياسة المحور
المشاركة بقوة في الحكومة القادمة، فانحاز المحور نحو البناء بفعل الإغراءات الكثيرة التي قدمت لهم، فحازوا على رئاسة المجلس ووزارتين.
الفتح الذي كان بإمكانه عبر البناء الانفراد بتشكيل الحكومة لم يُرد أن يفقد العلاقة مع سائرون. وقد تكون إيران تعلم أن موقف سائرون لن يتجاوز أن يكون موقفاً مرحلياً، وأن إمكانات عودته لها وارادة، وشجعت الفتح للافتراق عن
حليفه المالكي قليلا من أجل استقطاب سائرون، وهو موقف بلعه المالكي دون أن يستسيغه، ولذلك نجح الفتح في تلطيف الموقف الصدري والاتفاق على مرشح تسوية بينهما.
فهل ستفتح هذه المرونة الباب مستقبلا لعلاقة، خاصة بين طرفين متطرفين في استقطابهما خارجيا لتحقيق تفاهم محلي يأتي بعد ذلك؟ أم هو أمر مرحلي سرعان ما سيتعرض للانهيار لاحقا؟
من مراجعة الموقف السياسي لتيار الفتح، والذي ينصب على تفعيل دور ومكانة الحشد الشعبي في الحياة السياسة العراقية وبناء علاقة وثيقة مع إيران، نجده لا يستند إلى عوامل جذب للجمهور العراقي، ولا يمثل موقفا متميزاً، وحتى مسايرته لتيار سائرون أظهر ضعفه بدل من أن يعبر عن قوته.
السنوات الأربع القادمة شعارها المغري للجمهور هو البناء والإصلاح، وعلى الفتح تبني سياسة تتناسب مع هذه الطموحات ومع حجمه البرلماني الحالي، ومع دوره المستقبلي الذي يسعى للوصول إليه:
فهل سيستطيع أقطاب البناء.. البناء فعلا؟
أم هل يستطيع أقطاب الإصلاح إحداث الإصلاح؟
ستبقى هذه تساؤلات ملحة يثيرها الجمهور العراقي الغاضب.. وربما لن يكون متفائلاً بالحصول على الجواب!