اتهمت الشبكة السورية لحقوق الإنسان النظام السوري باستخدام إصدار جوازات السفر لـ"تمويل الحرب وإذلال معارضيه"، مشيرة إلى الانتهاكات التي يتعرض لها المواطن السوري في أثناء محاولته استخراج جواز سفر، إلى جانب الكلفة المالية غير المسبوقة في العالم.
جاء ذلك في تقرير للشبكة صدر الثلاثاء بعنوان: "النظام السوري يستخدم إصدار جوازات السفر كتمويل للحرب وإذلال للمعارضين.. رابع أسوأ جواز سفر وأعلى كلفة مادية في العالم".
وقال التقرير إن النظام السوري وظف مختلفَ أجهزة الدولة السورية في سبيل إيقاف وقمع الحراك الشعبي الذي اندلع في آذار/ مارس 2011، "ولم يستثنِ مؤسسة الهجرة والجوازات، التي تضخم دورها على غرار عدد كبير من المؤسسات، وأصبحت تلعب دوراً أمنياً وسياسياً، وباتت ممارسات كل تلك المؤسسات تدور في فلك دوامة ابتزاز ونهب أموال المجتمع السوري؛ بهدف إضعافه وإذلاله"، بحسب التقرير.
وأوضح التقرير أن إصدار جواز السفر في سوريا مر عبر مرحلتين، "تحكمت فيهما المافيات واستغلها النظام السوري لزيادة موارده المالية"، مشيرا إلى أن المرحلة الأولى امتدت منذ بداية الثورة حتى نيسان/ أبريل 2015، "واتبع النظام السوري فيها سياسة مزدوجة، فقام من ناحية بفرض الحصول على ورقة موافقة من الأفرع الأمنية لكل من يرغب بالحصول على جواز سفر داخل أو خارج سوريا، وحُرِمَ بالتالي جميع من لاحقته الأجهزة الأمنية إثرَ مشاركته في الحراك الشعبي، وجميع المعارضين في الخارج من الحصول على جواز سفر، إلا أنه من ناحية أخرى فتح لهم فرصة الحصول على جواز سفر عن طريق شبكات مافيوية مقابل مبالغ مالية طائلة قد تصل في بعض الأحيان إلى خمسة آلاف دولار أمريكي".
وأضافَ التقرير أن المرحلة الثانية كانت في 2015، حيث سُمِحَ بإصدار جوازات سفر لجميع السوريين داخل وخارج البلاد، ودون تمييز بين معارض للنظام أو موالٍ له، كما شملَ الذين غادروا البلاد بصورة غير رسمية.
وفي 2017، تم تحديد الرسم القنصلي عند منح أو تجديد جواز أو وثيقة سفر للمواطنين السوريين في الخارج بشكل فوري ومستعجل (أي في غضون ثلاثة أيام عمل) بمبلغ 800 دولار أمريكي. ووفقاً لنظام الدور (أي في غضون 10 إلى 21 يوم عمل) بمبلغ 300 دولار.
وبحسب التقرير، فإن هذه الكلفة المادية المرتفعة التي فرضها النظام السوري على إصدار جواز السفر وتجديده مرتفعة جداً "وهي الأعلى في العالم"، لافتا إلى أن "أقصى مدة صلاحية لجواز السفر لمعارضي النظام السوري، وبالتالي المطلوبين أمنياً، لا تتجاوز عامَين اثنين، وكثيراً من الدول وشركات الطيران تشترط مدة صلاحية ستة أشهر على الأقل للسماح بالسفر، أي أن مدة جواز السفر عملياً هي عام ونصف، كما أن عدداً كبيراً من السوريين يُقيم في مدن أو دول ليسَ فيها قنصليات سورية؛ الأمر الذي يضطر المواطنَ إلى السفر وحجز رحلة طيران وإقامة فندقية، ويضطر أيضاً للجوء إلى الحصول على الجواز المستعجل، أي أنه يدفع 800 دولار أمريكي، إضافة إلى المصاريف الأخرى، ليحصل في النهاية على جواز سفر تم تصنيفه من قبل موقع "passport index" على أنه رابع أسوأ جواز سفر عالمياً".
ويقول مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني: "لقد وظف النظام السوري العائدات المادية التي حصل عليها نتيجة طباعته جوازات سفر بمبالغ مادية طائلة في حربه ضد معارضيه من الشعب السوري، واستمر في دفع رواتب المليشيات الموالية له، وفي شراء وصيانة الذخائر والأسلحة لقصف مناطق ومدن سورية، والاستمرار في ارتكاب مزيد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية"، فيما "لم تُتخذ أي إجراءات فعلية من قبل المجتمع الدولي تُعطي المواطن السوري بديلاً عن ابتزاز النظام السوري الفظيع"، بحسب ما نقل عنه التقرير.
وذكر التقرير أن المواطن السوري يواجه انتهاكات إضافية في أثناء معاملات استخراج جواز السفر، إضافة إلى الكلفة المادية المرتفعة، حيث لا تزال أجهزة الأمن تشترط حصوله على موافقة أمنية. كما لا بد لكل شاب من الفئة العمرية (20-42 عاماً) وغير معفى من الخدمة الإلزامية من الحصول على موافقة من شعبة التجنيد التابع لها، وهذا يُشكل عائقاً أمام مئات الآلاف من السوريين، الذين تخلفوا عن الالتحاق بالخدمة، وفق التقرير.
ووفق إحصائيات الشبكة، فإن النظام السوري اعتقل ما لا يقل عن 1249 شخصاً، بينهم ثمانية أطفال و138 امرأة، منذ آذار/ مارس 2011 حتى كانون الثاني/ يناير 2019، في أثناء إجرائهم معاملاتهم في دوائر الهجرة والجوازات في سوريا، بينهم قرابة 703 في دمشق وحدها.
وشدد التقرير على أن "استغلال النظام السوري حاجة المواطنين لإصدار جوازات سفر ومن ثم نهب أموالهم عبر المطالبة بأسعار مرتفعة جداً، ثم إهانة كرامتهم الإنسانية في أثناء إجراءات معاملة الحصول على جواز السفر؛ يُعدّ انتهاكاً لحقوق الإنسان الأساسية".
ويشار إلى أن "عربي21" اطلعت على حالات عديدة لمواطنين سوريين، بعضهم صحفيون، تم توقيفهم في مطارات أوروبية وتركية بسبب جوازات السفر التي يحملونها، رغم أنها نظامية وتم الحصول عليها مقابل مبالغ مالية كبيرة، خصوصا من حلب، لكن النظام السوري وزع قوائم عبر الإنتربول بأرقام هذه الجوازات يزعم أنها سُرقت من مديرية الهجرة والجوازات في حلب، وهو ما يُعرض حامليها للتوقيف والمنع من الدخول في عدد من الدول، بل وسحب هذه الجوازات منهم كما حصل مع صحفية سورية خلال دخولها إلى بريطانيا عبر مطار هيثرو اللندني، حيث سُُحب منها الجواز لإعادته للنظام.
كما أن الدول التي استقبلت اللاجئين، بما فيها الغربية، ما زالت تطلب منهم الحصول على وثائق من القنصليات السورية، رغم صعوبة الحصول عليها أو ارتفاع تكاليفها التي تفوق قدرات الكثيرين.
اقرأ أيضا: النظام السوري باع جوازات السفر وبلّغ الإنتربول بأنها مسروقة
للاطلاع على النص الكامل لتقرير الشبكة السورية اضغط هنا
سوريا.. دعوة لإحالة مسؤولي مجزرة "نهر قويق" للجنائية الدولية
تقرير: 443 إعلاميا قتلوا في سوريا منذ 2011.. ماذا عن 2018؟
"هيومن رايتس" توثق تعذيب "تحرير الشام" بإدلب لمعارضيها