نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا نقلت فيه حوارا مع الناشطة الروهينغية راضية سلطانة، التي تحدثت عن معاناة الروهينغيا التي يتجاهلها العالم في الوقت الراهن، بعد أن اجتاحت الأخبار التي تتحدث عن التطهير العرقي ضدهم الصفحات الرئيسية في الصحف.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن النزوح الجماعي لشعب الروهينغيا قد احتل الصفحات الأولى لأهم وسائل الإعلام في العالم خلال سنة 2017، حيث يعبر الآلاف من الأشخاص الأنهار في الظلام الحالك في قوارب تشبه سفن الفايكنج، وهم يحملون أطفالهم على أكتافهم من أجل خوض رحلة غير مؤكدة. في المقابل، بعد بث هذه الصور المؤثرة التي وثّقت التطهير العرقي الذي عانت منه هذه الأقلية المسلمة، عادت هذه الفئة من جديد لتصبح طي النسيان.
وبينت أن وضعية الروهينغيا اليوم قد زادت سوءا مقارنة بالسنة الماضية، حيث لا يكترث أحد تقريبا لمعاناتهم. وفي هذا السياق، انتقلت الناشطة الروهينغية والمدافعة عن حقوق الإنسان، راضية سلطانة، إلى مدريد لإطلاق صرخة فزع وطلب يد المساعدة. فقد فرّ حوالي مليون شخص من ديارهم وقُتل عشرات الآلاف، كما عانت حوالي 13 ألف امرأة من حالات الاغتصاب الجماعي، بينما أصيب ما يصل إلى 48 ألف امرأة أخرى بأعيرة نارية.
وفي سؤال الصحيفة عن وضع جميع هؤلاء الأشخاص الذين عبروا الحدود نحو بنغلاديش، البالغ عددهم أكثر من مليون شخص، أكدت سلطانة أنهم يعيشون في وضعية كارثية. ونظرا لأنهم لا يحملون الجنسية البنغلادشية، لا يستطيعون العمل أو حتى الخروج من مخيمات مدينة كوكس بازار، لقد فقدوا صفتهم كمواطنين، لا يمكنهم الذهاب إلى أي مكان، إن وضعهم ميؤوس منه ويزداد سوءا يوما بعد يوم. وفي كل مرة أنتقل فيها إلى هناك، كنت أستمع إلى البنغلاديشيين يشتكون: "الروهينغيا مهرّبون، الروهينغيا يستهلكون المخدرات".
اقرأ أيضا: مجلس النواب الأمريكي: ما حصل للروهينغيا "إبادة جماعية"
وأضافت سلطانة قائلة: "أنا قلقة للغاية بشأن وضع شبابنا، إنهم يطالبون بالتعليم وهم لا يستطيعون سوى التجول في مخيمات اللاجئين. كما أكدت سلطانة أنها لا تشعر بالأمان في أي مكان حتى في بنغلاديش.
وأفادت الصحيفة بأن سلطانة قد غادرت مكان عملها وضحّت براحتها في سبيل مساعدة النساء الهاربات من ولاية راخين لتوثيق عمليات الاغتصاب الجماعية والمقابر فضلا عن القمع الذي تتعرض له هذه الأقلية المسلمة من قبل البوذيين البورميين المتطرفين.
بالإضافة إلى ذلك، تم اختيار هذه الناشطة الحقوقية لتمثيل المجتمع المدني في مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة لمناقشة موضوع العنف الجنسي في النزاعات.
وفي سؤال الصحيفة عن مدى رضاها عن الصدى الدولي الذي حظيت به الشكوى التي تقدمت بها، ردت سلطانة قائلة: "أنا ممتنة للغاية لبنغلاديش نظرا لأنها فتحت أبوابها لنا. في المقابل، خُذلنا من قبل كل من المجتمع الدولي ومجلس الأمن. فضلا عن ذلك، كان يمكن تجنب حدوث هذه الأزمة الأخيرة لو لم يتجاهل مجلس الأمن نداءنا وإشارات التحذير التي أرسلناها منذ سنة 2012".
وتابعت سلطانة حديثها قائلة: "لأي غرض تم إنشاء الأمم المتحدة؟ نحن بشر، لا يمكنهم غض الطرف عما نعانيه. وفي الواقع، تقع على عاتقهم مسؤوليات يجب عليهم إتمامها، ليس تجاه الروهينغيا فقط، وإنما أيضا تجاه الجماعات العرقية الأخرى داخل بورما الذين يواجهون نفس الوضع".
اقرأ أيضا: الأمم المتحدة: الروهينغيا أمام خطر كبير إذا أعيدوا لبلدهم
وبينت الصحيفة أنه خلال عملية التطهير العرقي التي تذكرنا بسيناريو الإبادة الجماعية في رواندا، استعرضت سلطانة جميع الطرق التي كانت الحكومة البورمية تتبعها ضدهم.
وفي هذا الصدد، صرحت سلطانة قائلة: "هناك أيديولوجية تقف وراء هذا الأمر، وذلك من خلال نشر الأخبار عبر القنوات الرسمية واستخدام الجيش البورمي ضدهم ومنع الروهينغيا من استخدام هياكل الدولة البورمية. إلى جانب ذلك، لا يذهب أطفالنا إلى المدرسة ولا يحق لنا حتى الذهاب إلى المستشفيات. فنحن بالنسبة لهم، لسنا بورميين".
وفي الختام، نقلت الصحيفة عن الناشطة الحقوقية البورمية أن الدور الذي اضطلعت به وسائل الإعلام فيما يتعلق بالإبادة الجماعية التي جدت في رواندا، قد اضطلع به الفيسبوك سابقا في بورما، وذلك عبر نشر الأخبار الكاذبة التي تجرّم مجموعتنا الإثنية، وتحملها مسؤولية عمليات الاغتصاب الجماعي والسرقة أو جرائم القتل التي تفشت خلال الفترة الأخيرة.