أعاد القرار الإسرائيلي بوقف التجديد للبعثة الدولية المؤقتة (TIPH) في مدينة الخليل؛ تسليط الأضواء على مهمة هذه البعثة وطبيعة عملها، فضلا عن جدوى وجودها في المدينة التي تشهد اعتداءات متكررة من الاحتلال والمستوطنين على حد سواء.
ورغم أن البعثة التي تضم مراقبين دوليين من النرويج وإيطاليا والسويد وسويسرا وتركيا، تقتصر مهمتها على توثيق الاعتداءات التي يقوم بها الاحتلال ومستوطنيه في الخليل فقط دون منعها، إلا أن محللين قالوا إن منع التجديد له تداعيات خطيرة، و قد يزيد من وتيرة الاعتداءات والتنكيل والتضييق على أهالي المدينة، التي يقطع أوصالها الاستيطان والحواجز الداخلية خاصة تلك التي تنخر قلب البلدة القديمة.
وتتألف هذه القوة من 64 عنصرا، وبدأت عملها في أعقاب مجزرة ارتكبها المستوطن الإسرائيلي، باروخ غولدشتاين، في 25 شباط/ فبراير 1994، داخل المسجد الإبراهيمي؛ ما أدى إلى استشهاد 29 فلسطينيا وجرح عشرات آخرين أثناء تأديتهم صلاة الفجر.
وظلت هذه البعثة حاضرة عند نقاط التوتّر في المدينة منذ 22 عاما، وتتكوّن من مراقبين مدنيين منزوعي السلاح.
وكان بينيامين نتنياهو أعلن الاثنين الماضي أنه لن يجدد التفويض لبعثة المراقبة المدنية المؤقتة، متهما إياها بإتيان نشاط معاد لإسرائيل دون تحديد طبيعة هذا النشاط بالتفصيل.
اقرأ أيضا: خبير إسرائيلي يحذر من تداعيات إنهاء عمل مراقبين دوليين بالخليل
مفتي وخطيب الحرم الإبراهيمي الشريف الشيخ ماهر مسودة قال إن وجود البعثة الدولية في المدينة أمر مهم، كونه يمنع الكثير من الاعتداءات التي يقوم بها المستوطنين وجنود الاحتلال.
وقال مسودة في حديث لـ"عربي21"،: "نشعر باهمية بوجود هذه البعثة الدولية بين أهل الخليل، ووجودهم له أثر كبير في التخفيف عن الناس، حيث أنهم ينتشرون في الحارات وقرب مناطق التماس مع الاحتلال والمستوطنين داخل البلدة القديمة في مدينة الخليل، وهو ما يقلل من حدة الاحتكاك".
وشدد على أنه ورغم اقتصار مهمة البعثة على رصد وتوثيق الاعتدءات الإسرائيلية في المدينة، إلا أن وجودها كان يحد من الاعتداءات، فالاحتلال يخشى دائما من افتضاح أمره في المحافل الدولية، ولذلك كان يحسب حسابا لأفراد هذه البعثة.
وحذر مسودة من إطلاق يد المستوطنين في مدينة الخليل خاصة البلدة القديمة، اذا ما غادر هؤلاء المراقبين بشكل فعلي، خاصة في ظل سيطرة الحكومة المتطرفة التي يهيمن عليها اليمن المتطرف الذي يدعم المستوطنين ويشجعهم على التنكيل والبطش بالفلسطينيين.
من جهته، أكد خبير القانون الدولي موسى دويك على أن قرار إسرائيل بعدم التجديد للبعثة الدولية يعد خطوة غير قانونية، باعتبار أن وجودها جرى بناء على اتفاق الخليل بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الاسرائيل برعاية دولية، وبالتالي فإن انسحاب أحد طرفي الاتفاق منه يعد أمرا غير قانوني ما لم يتم بموافقة الطرفين.
وقال الخبير في حديث لـ"عربي21" أن مهمة هذه البعثة هي للمراقبة فقط وليس الحماية، مشيرا إلى أن انشائها جرى عقب مجرزة الحرم الابراهيمي التي جرت عام 1994 إذ اعتبر في حينه بديلا عن ارسال قوة حماية دولية، ووسيلة للتهرب من دور أممي لحماية الأهالي في الخليل.
ولفت دويك إلى خطورة القرار الإسرائيلي القاضي بإنهاء عمل البعثة، محذرا من استغلال ذلك في زيادة وتيرة التنكيل والبطش بأهل الخليل على يد المستوطنين، لافتا إلى أن البعثة كانت تقلل من حجم الاعتداءات.
من جهة أخرى، رأى دويك أن خيارات السطلة ضعيفة وتكاد تكون معدومة، تجاه تهرب إسرائيل من الاتفاقية، خاصة مع غياب الظهير الدولي للسطلة، وعدم وجود أوراق قوة لديها، لافتا إلى أن الفرصة الوحيدة أمام السلطة فقط هي ممارسة الضغط على الدول الأروبية التي لها مراقبين في هذه البعثة، من أجل ثني اسرائيل عن قرارها بانهاء مهمة البعثة.
وكانت السلطة الفلسطينية عبرت عن رفضها لقرار إسرائيل عدم تمديد مهمة "البعثة الدولية المؤقتة في مدينة الخليل" (TIPH) جنوبي الضفة الغربية.
وقال المتحدث باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، في بيان، إن "القرار الإسرائيلي مرفوض، ولن نقبل به إطلاقا"، بحسب الوكالة الفلسطينية الرسمية للأنباء (وفا).
وأضاف أن هذا القرار يمثل تخلّيا من جانب إسرائيل عن تطبيق اتفاقيات وقعت برعاية دولية، وعن الوفاء بالتزاماتها بموجب تلك الاتفاقيات.
ودعا أبوردينة إلى موقف دولي واضح تجاه القرار الإسرائيلي، والعمل الفوري للضغط على الحكومة الإسرائيلية، من أجل السماح لبعثة المراقبين الدوليين بمواصلة عملها.
اقرأ أيضا: عباس يرفض قرار إسرائيل عدم التجديد للمراقبين الدوليين بالخليل
فيما أعربت النرويج التي ترأس هذه البعثة عن قلقها إزاء القرار الإسرائيلي، مشيرة إلى أنه قرار من جانب واحد، ويمكن أن ينجرّ عنه "توقّف تنفيذ جزء هام من اتفاقات أوسلو".
ويدعو الفلسطينيون إلى نشر مراقبين من الأمم المتحدة في تلك المنطقة. في المقابل، رحب المستوطنون الإسرائيليون بهذه الخطوة. واتهمو ا البعثة بالتحرّش بهم والتحريض عليهم.
ويبلغ عدد سكان الخليل 200 ألف شخص، إلى جانب 1000 مستوطن إسرائيلي يخضعون لحراسة مشدّدة وحضور عسكري إسرائيلي كبير.
ما تداعيات اتهام القضاء الأمريكي بنوكا فلسطينية بدعم الإرهاب؟
مخطط إسرائيلي ضخم لتهجير بدو النقب المحتل.. ما أهدافه؟
هل تنجح "بيتكوين" بفك الحصار المالي عن المقاومة الفلسطينية؟