تناول مركز بحثي إسرائيلي في دراسة حديثة، المصالح العملية الكامنة التي يحققها تأسيس "منتدى غاز شرق البحر المتوسط"، للدول الأعضاء الست، خاصة لإسرائيل.
وأوضح "مركز بحوث الأمن القومي" التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده أوفير فينتر وغاليا ليندنشتراوس، أنه في 14 كانون الثاني/يناير 2019 دعا وزير النفط المصري، طارق المله، وزراء الطاقة في قبرص، اليونان، إسرائيل، إيطاليا، الأردن والسلطة الفلسطينية، لبحث تأسيس "منتدى غاز شرق البحر المتوسط".
وزعم أن هذا الجسم، الذي سيتخذ من القاهرة مقرا له، "سيعمل على أن يكون إطارا للتعاون والحوار حول تنمية مقدرات الغاز في المنطقة"، مضيفا: "يمكن أن تشخيص سياقات جغرافية استراتيجية أوسع أدت لتأسيسه، كما يمكن لدول المنطقة أن تستخدمه لمزيد من التعاون يتجاوز تنمية مقدرات الغاز".
واعتبر المركز، في دراسته التي تأتي ضمن نشرة استراتيجية يصدرها بشكل شبه دوري تحت عنوان: "نظرة عليا"، أن المنتدى "يشكل الارتباط الأول من نوعه لتحالفات ثلاثية أقامتها في السنوات الأخيرة مصر وإسرائيل – كل واحدة على انفراد- مع اليونان وقبرص، وأيضا نتيجة لصفقة تصدير الغاز الإسرائيلي لمصر، التي وقعت في شباط 2018".
ضد تركيا؟
ورأت الدراسة أن "تأسيس المنتدى يعكس ميلا لتصبح شبكة العلاقات الثلاثية، منظومات متنافسة بين الدولتين وتخلق نقاط لقاء، وينبع هذا التطور من الحضور المتزايد لتركيا في ساحة البحر المتوسط، كما أن إقامة المنتدى تعبر عن استجابة اللاعبين المختلفين لرغبة مصر في أن تكون مربضا إقليميا للطاقة".
وذكرت أن "حادثة سفينة مرمرة التي كانت ضمن "أسطول الحرية" لغزة، كانت "من بين المحفزات الأساسية لخلق مثلث العلاقات الإسرائيلي – اليوناني – القبرصي، الذي بدأ يتشكل في 2010"، مؤكدة أن "اتفاق التطبيع بين إسرائيل وتركيا في 2016، لم يوقف تنمية العلاقات بين إسرائيل واليونان وقبرص، وبعد أقل من سنتين من توقيعه احتدمت العلاقات مرة أخرى بين أنقرة وتل أبيب".
ونوهت الدراسة، أن اللقاءات الثلاثية؛ الإسرائيلية اليونانية القبرصية، لم تنقطع منذ كانون الثاني/ يناير 2016، واللقاء الأخير أجري في كانون الأول/ ديسمبر الماضي في بئر السبع، مشيرة إلى أن "منظومة العلاقات بين الأطراف الثلاثة، تتضمن التعاون في سلسلة واسعة من المجالات بما فيها العسكري والاستعدادات للطوارئ".
و"كصورة مرآة، فإن مثلث العلاقات المصرية اليونانية القبرصية، يوثق مصالح مشتركة في مجالات الاقتصاد والأمن، كما أنه ساهم في توتير الأجواء بين الدول الثلاث وتركيا"، وفق المركز البحثي الذي ذكر أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يرون في هذا المحور "ضمانة لتحقيق مصالح شركات الغاز الأمريكية والأوروبية في شرق المتوسط وتقليص التعلق الأوروبي بالغاز الروسي".
وأشارت الدراسة، إلى أن "إقامة منتدى الغاز؛ هي تعبير عن الانسجام المتزايد في فكر الدول الأعضاء بالنسبة لأهمية شرق البحر المتوسط لأمنها القومي"، منوهة إلى أنه في "مصر، إسرائيل، الأردن والسلطة الفلسطينية، يدور الحديث عن تغيير معين في المفهوم الاستراتيجي".
اقرأ أيضا: منتدى غاز المتوسط.. ما دلالة ضم إسرائيل واستبعاد تركيا؟
وقدر معدا الدراسة أن "الميل المشترك نحو البحر المتوسط، هو نتيجة لثلاثة سياقات عميقة؛ الأول يعزز وزن اعتبارات الواقعية السياسية العملية على حساب الأيديولوجيات المتصلبة، والثاني؛ هو تغيير في تعريف الوحدات الجغرافية الإقليمية، فالموقف المتزايد من شرق البحر المتوسط يجسد الارتفاع في وزن الاعتبارات الجغرافية – الاقتصادية على حساب الاعتبارات الجغرافية – السياسية".
وأما السياق الثالث، فهو "نشوء هوية للبحر المتوسط؛ فالمصالح المشتركة في شرق البحر تترافق مع حوار متعاظم في دول المنطقة على فكرة إقليمية مشتركة، وعلى الحاجة للقرب والعطاء المتبادل بين شعوب المنطقة".
وفي الحالة الاسرائيلية، أكدت الدراسة أن "تنمية العلاقات في شرق البحر تهدف إلى التغلب على العزلة الإقليمية لإسرائيل، كما أن الانتماء إلى البحر فرصة لمصر لتعزيز مكانتها في الساحات الإقليمية والدولية، وكذلك اليونان التي تسعى لدور مركزي في المنطقة في ضوء الفضائل النابعة من عضويتها في الناتو وفي الاتحاد الأوروبي".
وأما بالنسبة "لليونان وقبرص، فالفرضية هي أن تطوير التعاون في شرق البحر، سيمكنهما من التغلب على بعض من الآثار السلبية النابعة عن تخلفها العددي - الديمغرافي، مقارنة بتركيا".
اقرأ أيضا: إسرائيل تحكم السيطرة على غاز المتوسط وتستثمر بحقل تمار
ورغم أنه أعلن أن "منتدى غاز المتوسط" مفتوح لدول أخرى، فإن اللقاء الذي عقد مؤخرا في القاهرة، لم يضم مندوبين من تركيا، لبنان وسوريا، حيث اعتبرت الدراسة، أن "تغيب هذه الدول ليس مفاجئا، في ضوء الخلافات حول حقول الغاز بين تركيا وقبرص، وبين إسرائيل ولبنان".
ونبهت أن "اللاعبين الذين أبعدوا عن المنتدى (تركيا ولبنان وسوريا)، مصلحة للعمل ضد توثيق العلاقات بين اللاعبين الآخرين"، مؤكدة أن "التحدي التركي هو عامل يقرب العلاقات بين إسرائيل واليونان وقبرص ومصر في شرق البحر المتوسط".
ورأت أنه "في صالح الائتلاف الاقليمي الجديد توجد عدة عوامل مساعدة منها: المصالح الاقتصادية؛ وتقييد المنتدى لمسائل محددة في مجال الغاز؛ واستعداد السلطة الفلسطينية للمشاركة في المنتدى واعطاء تسويغ ضمني لانضمام الأردن ومصر؛ وتصميم مصر على تثبيت مكانتها كمنسقة طاقة إقليمية، وأخذ هذه الورقة من تركيا؛ والتأييد الفاعل من اليونان وقبرص وإيطاليا للخطوة بإسناد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة".
ومن بين المصالح العملية الكامنة في تأسيس هذا المنتدى لإسرائيل، أوضحت الدراسة أن "المنتدى يشكل أساسا لتطوير إقليمي استراتيجي في المدى البعيد، كما أنه سيعزز الاعتراف الإقليمي ولا سيما في الدول العربية، بالقيمة الكامنة في علاقات التعاون الاقتصادي مع إسرائيل".
تركيا تعلن نيتها دخول نادي الاقتصادات الـ10 الأقوى بالعالم
ضغوط متزايدة على تركيا لوقف وارداتها من الذهب الفنزويلي
تركيا تجني نحو 30 مليار دولار من السياحة خلال 2018