طرحت الدعوات الأمريكية
للدول التي ينحدر منها مقاتلون جهاديون، معتقلون لدى قوات سوريا الديمقراطية
"قسد" لتسلمهم، وإعادتهم لبلدانهم تساؤلات بشأن المعضلة التي يشكلها هؤلاء،
والسبب وراء تقاعس دولهم عن استقبالهم، في ظل إطلاق "قسد"، العديد من التحذيرات
بشأن بقائهم بسوريا.
وباتت قضية تسليم
الجهاديين المعتقلين، أكثر إلحاحا للولايات المتحدة و"قسد"، بسب قرار الرئيس
الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من سوريا، وما ستشكله احتمالية إفلاتهم أو عدم السيطرة
عليهم من جانب الوحدات الكردية، من عودة تنظيم الدولة والتيارات الجهادية تشكيل نفسها،
والاستعانة بالمقاتلين.
وتعد فرنسا واحدة
من أكثر الدولة التي يؤرقها ملف رعاياها المعتقلين في سوريا، خاصة مع وجود 130 جهاديا
فرنسيا.
إقرأ أيضا: واشنطن تطلب من الدول استعادة مواطنيها الجهاديين بسوريا
واعلنت باريس،
أنها تدرس "كل الخيارات لتجنب هروب هؤلاء الاشخاص وتفرقهم"، من دون أن تستبعد
إعادتهم.
واعتبرت الخارجية
الأميركية أن "اعادة المقاتلين الارهابيين الأجانب، الى بلدانهم الأم هو الحل
الافضل، لتجنب عودتهم الى ساحة القتال" وفق وصفها.
وكان نشطاء سوريون
حذروا من مصير مجهول، ينتظر المئات من السجناء المعتقلين، لدى وحدات الحماية الكردية
و"قسد"، في مدينة منبج، معربين عن قلقهم البالغ بعد نقل الوحدات السجناء،
لمناطق مجهولة، وذلك مع تصاعد الحديث عن المعارك في مناطق شرق الفرات.
وما أثار مخاوف
النشطاء، الخشية من قيام الوحدات بتسليم المعتقلين للنظام السوري، وذلك في تكرار لتجربة
عفرين، عندما قامت المليشيات الكردية، مطلع العام الجاري، بتسليم المعتقلين في سجون
عفرين إلى الأفرع الأمنية التابعة للنظام بمدينة حلب، قبيل بدء عملية "غصن الزيتون".
تحول في التعاطي
الخبير في شؤون
الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية قال: إن "هذه المشكلة قديمة حديثة، لكن بالتأكيد
الإعلان الأمريكي عن الانسحاب من سوريا أعاد تسليط الضوء عليها في ظل الأعداد الكبيرة
للمعتقلين هناك".
وأوضح أبو هنية
لـ"عربي21" أن لدى "قسد" قرابة "ألفي مقاتل
معتقل مع عائلاتهم وهذا العدد الكبير سيخلق مشاكل لواشنطن وحلفائها، في حال انسحبت
من المناطق السورية، ويصبح مصيرهم موضع تساؤلات".
ورأى أن المعضلة تتمثل الآن بطريقة تعامل الدول،
مع رعاياها الذين ذهبوا للقتل في سوريا بعد حدوث تحولات في أسلوب التعاطي معهم، من
الاستدراج والسعي لإعادتهم من أجل محاكمتهم، وإعادة تأهيلهم كما حصل بعد حربي
أفغانستان والعراق، إلى السعي للتخلص منهم، عبر تسهيل خروجهم لمناطق القتال،
ليلاقوا مصيرهم هناك".
إقرأ أيضا: أنقرة تدعو واشنطن للتنسيق معها بشأن انسحابها من سوريا
وأضاف: "التخوفات لدى الدول تنبع الآن
من أن حجم ظاهرة الجهاديين بات كبيرا، والأعداد ليست كالسابق، والمقاربات قديما
كانت تعتمد على الدمج، أما الآن قامت العديد من الدول العربية بإيقاف برامج
المناصحة، بالإضافة إلى إيقافها بدول أوروبية مثل ألمانيا والدانمارك وبريطانيا،
فضلا عن تطوير قوانين مكافحة الإرهاب وسحب الجنسيات، وبالمحصلة الدول غير حريصة
على عودة المقاتلين".
وشدد على أن
"العدد الكبير الموجود بسجون قسد، يمثل حرجا قانونيا ودستوريا وسياسيا،
للولايات المتحدة وعبئا كبيرا على أجهزتها الأمنية، الغير قادرة حتى اللحظة على
التعامل معه".
ولفت إلى وجود
"مقترحات طرحت سابقا للتعامل مع المعتقلين الجهاديين، وكان منها تسليمهم
للنظام السوري، أو محاكمتهم في العراق لكن المقترحات فشلت".
تجاهل ورفض
من جانبه قال القيادي في التيار السلفي
الجهادي بالأردن محمد الشلبي (أبو سياف): إن العديد من المطالبات للحكومة بالسماح
للأردنيين الذي ذهبوا للقتال في سوريا "لم تجد لها آذانا صاغية".
وقال الشلبي لـ"عربي21" إن "عدد
من تواصلوا من هذه الفئة، طالبين العودة للأردن، بلغ أكثر من 50 شخصا، فضلا عن
عائلاتهم من نساء وأطفال".
وأضاف: "المتواجدون في شمال سوريا
وتركيا، طالبوا بالسماح لهم بالعودة وأبدوا الاستعداد الكامل للخضوع للتحقيق
والمحاكمات، على أن يستمروا في الوضع الصعب، الذي يعيشونه" وفق وصفه.
وبشأن الأسباب
التي تدفع الجانب الرسمي الأردني لعدم إعادتهم قال الشلبي: "هناك مخاوف لدى
الحكومة من إعادة أبناء التيار الكرة والعمل المسلح، سواء على الأراضي الأردنية،
أو محاولة الذهاب للخارج" مضيفا "عدد قليل جدا ممن سمح لهم بالعودة سابقا،
لجأ للعمل المسلح وخرج لساحات القتال، وهذا يشجع على إعادة الموجودين في الخارج".
وتابع:
"طالبنا بالحد الأدنى إعادة عائلات هؤلاء المقاتلين، ومعاملتهم كاللاجئين،
لحين إجراء مسح أمني لهم، وإنهاء الإجراءات معهم، لكن تجاهل المطالبات أمر
مجحف".
إقرأ أيضا: مملوك يرأس اجتماعا مع شخصيات عشائرية سورية.. ما الهدف؟
اتهامات لـ"قسد" بتصفية قيادات عربية في صفوفها
قيادات كردية: فشل المفاوضات مع الأسد.. هل هي القطيعة؟
ما هو موقع الأكراد في الحرب السورية؟