كتبت في مقالي السابق: نصيحة الرئيس أردوغان للإخوان عبر الشيخ القرضاوي، وقبل أن أكتب ما تم من لقاء للتوافق على مرشح للرئاسة في مصر، أود أن أذكر بشيء ينساه الجميع، أن هذه النصيحة بتفاصيل أكثر، قدمها الشيخ القرضاوي، وذلك قبل تبني الإخوان المسلمين لرأي الترشح بيوم واحد، فقد تسرب لنا والشيخ هذا الخبر، فأراد أن يكتب رسالة مفتوحة للإخوان من أكبر رأس فيها إلى كل عضو.
فقال فيها شيخنا:
"أخي فضيلة المرشد العام، إخواني أعضاء مكتب الإرشاد ومكتب شورى الإخوان، إخواني وأبنائي، وأخواتي وبناتي من الإخوان المسلمين:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأكتب إليكم رسالتي وأنا أتابع بترقب وقلق ما يدور في مصرنا الحبيبة، أترقب حاضرا ملؤه العدل، والحرية للوطن وأبنائه، ومستقبلا مشرقا يرد مصرنا العزيزة إلى مكانتها التي هي في القلوب دائما عالية، وقلق كذلك على الحركة الإسلامية التي أفنيت فيها شبابي، وكذلك إخواني من العلماء والدعاة.
أنصح إخواني بألا يتبنوا موقفا معينا، ويتركوا للشباب والأفراد التوجه حسب ضمائرهم، وألا يتعجلوا فتنة بعض أفراد الصف
لا أخفي عليكم ما يقلقني كذلك على الداخل ـ داخل الجماعة ـ فكم من الرسائل والاتصالات من الشباب في جماعة الإخوان، تسألني وتلح في السؤال عن
موقفي من مرشحي الرئاسة، وهل يساندون من تطمئن ضمائرهم إليه، وإن خالف
رأي الجماعة أم لا؟ ورغم أني أجبت بعضهم شفهيا، وألح البعض أن أكتب رأيي، ولكني خشيت أن يحدث رأيي فتنة بين صفوف أبناء الإخوان، وهو ما لا أرتضيه ولا أحبه، فأردت أن أنصح وأشير على إخواني بهذه النصائح، انطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم)، وعملا بميثاق الأخوة التي بيننا، والتي جعل أهم أركانها إمامنا الشهيد: التعارف، والتفاهم، والتناصح..
أولا: الإدلاء بالصوت في الانتخابات أمانة وشهادة، يقوم بها الإنسان لله سبحانه وتعالى، ابتغاء مرضاته، يقول تعالى: (وأقيموا الشهادة لله)، يجتهد فيها الإنسان أن يراعي ضميره، وأن يراقب ربه، حتى لا يسأله الله عز وجل عن صوته: لماذا لم يعطه لمن يستحق؟ ولماذا أعطاه لفلان خاصة، فهو أمر ومسؤولية فردية بين العبد وربه.
وهنا أنصح إخواني بألا يتبنوا موقفا معينا، ويتركوا للشباب والأفراد التوجه حسب ضمائرهم، وألا يتعجلوا فتنة بعض أفراد الصف، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى جهد كل أخ منهم، فإذا كنا نمد أيدينا للقريبين معنا فكريا، فأولى بنا أن نحافظ على كوادرنا وأفرادنا، ولعل في هذا التوجه ما يفيد ويكون فيه الخير إن شاء الله، وهو رأي استشرت فيه عددا لا بأس به من أهل العلم والخبرة السياسية فنصحوا به، وألا يشهر في وجه من يجتهد في التصويت إرضاء لضميره سلاح الضغط، أو التهديد بالفصل.
ثانيا: لقد بنى الإخوان موقفهم من الترشح للرئاسة وهو (عدم الترشح) تأسيسا على رؤية معينة، وهي الخوف من توابع تولي إسلامي رئاسة الدولة، والخوف على مصر من التضييق والحصار مثلما حدث مع غزة، وقد بدأت بعض الأخبار تتوارد بتفكير الإخوان في الترشح والدفع بمرشح من الجماعة، وأود أن أنصح هنا بأمرين:
1 ـ إن هذا التوجه سيفتت أصوات الإسلاميين المرشحين، فلو غيرت الجماعة رأيها، فالأولى لها أن تتبنى مرشحا تراه أقرب لفكرها، وأهدافها من المرشحين الإسلاميين، ما دامت قد غيرت رؤيتها وتوجهها.
أدعوكم بحكم أنكم الفصيل الكبير في الحركة الإسلامية، إلى تبني رؤية تجمع بين المرشحين الإسلاميين، والالتفاف حول مرشح واحد
2 ـ لقد بني على القرار الأول بعدم الترشح، قرارات انتهت بفصل بعض أفراد الجماعة كبارا وصغارا، الذين خالفوا القرار بناء على اجتهاد منهم، فإذا تغير توجه الإخوان بالدفع بمرشح، فأرى أن هذا التوجه يجُبُّ ما مضى من مواقف مع هؤلاء الإخوة، ويفتح لهم باب العودة للجماعة، وذلك بأن يسقط كل الإجراءات التي اتخذت معهم عند تغير التوجه، فالعودة في القرار تجُبُّ ما بني عليه.
3 ـ أدعوكم بحكم أنكم الفصيل الكبير في الحركة الإسلامية، إلى تبني رؤية تجمع بين المرشحين الإسلاميين، والالتفاف حول مرشح واحد، أو أن يحل الأمر بأن يكون الترشح بين المختلفين على الرئاسة ونيابة الرئيس، ولو اقتضى الأمر أكثر من نائب، كما في منصب المرشد فله أكثر من نائب، فقد رأينا فلول النظام تطل برأسها للترشح، وانسحاب البعض للإفساح لغيره، وكأنه أمر معد مسبقا، مما يدعونا كإسلاميين إلى أن نكون على قدر المسؤولية في هذه اللحظة الحاسمة من مصير أمتنا.
أخي الأستاذ المرشد، وإخواني الفضلاء، يعلم الله كم يؤرقني وضع بلدي الكبير أم الدنيا مصر، وما يجري فيها، ويؤرقني كذلك خوفي على الحركة التي أؤمل فيها كل خير، وفقكم الله لخير البلاد والعباد، وأسأله تعالى أن يجعل يومنا خيرا من أمسنا، وغدنا خيرا من يومنا.
أخوكم يوسف القرضاوي".
ثم بعدها بيوم أو يومين أعلن الإخوان الترشح للرئاسة، وفكر الشيخ ومجموعة من المفكرين والعلماء في عمل يوفق بين المرشحين الإسلاميين والثوريين، حتى لا ينجح مرشح للفلول، بعد نصيحة الرئيس أردوغان بعدم الترشح، وهو ما نكتبه في مقالنا القادم إن شاء الله.
إقرأ أيضا: "عربي21" تنشر تفاصيل الأيام الأخيرة بين مرسي والسيسي