نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا في عددها الأخير، تحت عنوان "رئيس الجزائر البالغ من العمر 82 عاما يريد مدة خامسة"، تقول فيه إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بدأ حملة انتخابية لولاية خامسة رئيسا للجزائر، لكنه وعد بعدم إكمالها.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الرئيس المريض، الذي أصبح هذا الشهر 82 عاما، لم يكن موجودا في البلاد، وقام مدير حملته بتقديم أوراق ترشحه، في الوقت الذي كان فيه يعالج في مصحة في جنيف.
وتلفت المجلة إلى أن الجزائريين يتظاهرون منذ أكثر من أسبوعين ضد قرار ترشحه، وكأنت أكبر تظاهرة في الأول من آذار/ مارس، التي جذبت إليها عشرات الآلاف من المحتجين، مشيرة إلى أن بوتفليقة وعد في رسالة قرئت نيابة عنه عبر التلفاز بحوار وطني لو تم انتخابه، وتنظيم انتخابات رئاسية لن يشارك فيها، واعترف بمظالم الشعب.
ويجد التقرير أن "وعودا كهذه هي مجرد كليشيهات في العالم العربي، ووعد حسني مبارك وزين العابدين بن علي بالأمر ذاته، وقالا إنهما سيتنازلان عن السلطة في مصر وتونس بعد الانتخابات".
وتقول المجلة إن كلمات الرئيس لم تثر أي حماس لدى الجزائريين، واستمروا في احتجاجاتهم، فبوتفليقة لم ير منذ إصابته بجلطة دماغية عام 2013، وظهر في فيديو نادر على كرسي متحرك وغير قادر على الكلام، مشيرة إلى أن المواطنين اعتبروا أن شخصا عاجزا يستطيع قيادة البلاد لمدة خامسة إهانة، وجاء في يافطة حملها متظاهر: "احترموا الموتى، ادفنوه ولا تنتخبوه".
ويستدرك التقرير بأن الجزائريين ليست أمامهم خيارات في انتخابات 18 نيسان/ أبريل، حيث رفضت الأحزاب الرئيسية المعارضة تسمية مرشحين، قائلة إنها لا تريد منح الشرعية للانتخابات، فرئيس الوزراء السابق علي بن فليس، الذي حصل على نسبة 12% من أصوات الناخبين في عام 2014، لم يقدم أوراقه هذه المرة، فيما قرر صحافي سابق سحب أوراقه بعد اعتقاله في أثناء مشاركته في تظاهرة احتجاجية في العاصمة.
وتقول المجلة إنه في حالة تثير الدهشة، فإن رجل الأعمال المولود في فرنسا، رشيد نكاز، الذي فشل في الانتخابات الفرنسية عام 2007، تقدم للترشح، ورغم أنه تخلى عن جنسيته الفرنسية، إلا أنه ممنوع من الترشح في الانتخابات الجزائرية، فيمنع أي شخص يحمل جنسية أخرى من التنافس على الرئاسة، مشيرة إلى أن هذا لم يمنعه من ترشيح ابن عمه الذي يحمل الاسم ذاته رشيد نكاز، ويعمل ميكانيكيا، لتقديم أوراقه نيابة عنه، وأمام لجنة الاتتخابات حتى الأسبوع المقبل لتقرر السماح بهذه الحيلة.
ويفيد التقرير بأن من بين المرشحين المحتملين الجديين سيكون الجنرال المتقاعد علي الغديري، المنافس الوحيد الذي سيمثل المعارضة، لافتا إلى أن بوتفليقة يحكم الجزائر منذ عام 1999، التي توقفت فيها الحرب الأهلية التي حصدت أكثر من 200 ألف شخص، وقاد حزب الرئيس "حركة التحرير الوطني" البلاد نحو الاستقلال عن فرنسا عام 1962، لكن استناده لإنجازات الماضي لا يقدم شرعية في بلد معظم سكانها لا يتجاوز أعمارهم عن 28 عاما.
وتقول المجلة إن "غالبية الجزائريين، البالغ عددهم 42 مليون نسمة، لا علاقة لهم بماضي المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي، وكل ما عرفوه هو رئيس على رأس نظام سياسي غامض، وبمرض الرئيس باتت السلطة متمركزة في يد المجموعة المحيطة به والمعروفة بالسلطة، وهي نخبة من رجال الأعمال والسياسيين والعسكريين وضباط الأمن".
ويذكر التقرير أن بوتفليقة استطاع الخروج من مأزق الثورات العربية عام 2011، من خلال زيادة الدعم على المواد الأساسية، ورفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، وتقديم المعونات للسكان، مشيرا إلى أن هذه الاستراتيجية لم تعد مثمرة، فقبل عقد كان لدى الجزائر فائض مقارنة مع العام الماضي الذي بلغ فيه العجز في مجمل الناتج المحلي إلى 9%.
وتنوه المجلة إلى أن الاحتياط الأجنبي تراجع منذ عام 2013 بنسبة 55%، فيما يتوقع أن يصل سعر برميل النفط في هذا العام إلى 60 دولارا، مع أن الحكومة تحتاج إلى سعر 99 دولارا للبرميل لتوازن ميزانيتها، مشيرة إلى أن نسبة البطالة بلغت 11%، وتصل إلى ضعف ذلك بين الشبان.
ويذهب التقرير إلى القول إنه "على ما يبدو فإن التظاهرات فاجأت النظام الذي لم تمارس قواته الأمنية قمعا ضدها، وأظهرت أشرطة فيديو لتظاهرات الأول من آذار/ مارس المحتجين وهم يتحدثون مع قوات الأمن، مع أن قادة النظام الكبار عبروا في تصريحات لهم عن نفاد صبر، وحذر قائد الجيش أحمد قايد صالح من العودة إلى سنوات الألم في نهاية القرن الماضي، وحذر رئيس الوزراء أحمد أويحيى قائلا: (بدأ المحتجون في سوريا بالورود وانتهى الأمر بالدم)".
وتقول المجلة إن "التونسيين أطاحوا قبل ثمانية أعوام بالرئيس زين العابدين بن علي، مع أن المستبدين العرب الناجين يعتقدون أنهم قد تجاوزوا العاصفة، ومثل أويحيى فإنهم يعيدون التذكير بالفوضى التي تعاني منها ليبيا وسوريا واليمن لتثبيط عزيمة المواطنين عن التظاهر، فيما زادت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي كانت وراء اندلاع الربيع العربي سوءا، ويواجه حاكم السودان عمر حسن البشير أسوأ تظاهرات منذ توليه السلطة قبل 30 عاما، فيما شهد الأردن والعراق وتونس تظاهرات".
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول إنه "في الوقت الذي لا يتوقع فيه ربيع عربي جديد، إلا أن التوتر في الجزائر هو دليل آخر على وهم الاستقرار الذي تسوقه الأنظمة الأوتوقراطية، وحتى لو فاز بوتفليقة بعهدة خامسة فلن يكون قادرا على أداء القسم أمام الشعب، وهناك شك في إمكانيته على البقاء مدة خامسة في الحكم، وتريد المعارضة تأجيل الانتخابات فيما سرت شائعات عن تخلي (السلطة) عن بوتفليقة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
فايننشال تايمز: لماذا تبتعد النخبة الاقتصادية عن بوتفليقة ؟
FT: هذا ما كشفته احتجاجات الجزائر.. من يدير البلاد؟
هكذا وصفت صحيفة "لوموند" الفرنسية الأوضاع في الجزائر