نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للمحامي المتخصص في القانون الدولي ريس ديفيس، يقول فيه إن بريطانيا تعد أكبر مستثمر أجنبي في مصر، لكن في القمة العربية الأوروبية الأخيرة كانت رئيسة الوزراء تيريزا ماي هادئة بشكل غريب بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر.
ويقول ديفيس في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إنه "في الوقت الذي قد يكون فيه هناك (مكان خاص في جهنم) لأولئك الذي دعموا البريكسيت دون اتفاق، إلا أن الأنظمة التي تعدم شعبها بعد محاكمات معيبة يحصلون على قمتهم الخاصة بهم، فقد التقى كل من دونالد تاسك وقادة الاتحاد الأوروبي بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في لقاء قمة العرب مع الاتحاد الأوروبي في شرم الشيخ، بعد أيام من إعدام النظام لتسعة أشخاص".
ويشير الكاتب إلى أن "تاسك والسيسي اشتركا في إدارة الاجتماع، وكان تاسك وغيره من الزعماء الأوروبيين، بينهم تيريزا ماي، صامتين في القمة حول مصير السجناء السياسيين في مصر، فإعدام التسعة -الذين أدينوا في محاكمات غير عادلة استندت إلى اعترافات تم انتزاعها تحت التعذيب بحسب ناشطي حقوق الإنسان- جاء في الأسبوع الثالث على التوالي للإعدامات، وقد تم إعدام 15 شخصا في شباط/ فبراير في مصر".
ويفيد ديفيس بأن "قضايا حقوق الإنسان كانت على قائمة القمة، لكن الكلام العلني الوحيد عن استخدام مصر لعقوبة الإعدام جاء في مؤتمر صحافي في النهاية، حيث دافع السيسي عن استخدام مصر للإعدامات، معلقا بأن الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط لهما (ثقافتان مختلفتان)".
ويقول الكاتب: "في ندوة في البرلمان استضافها عضو البرلمان أليستير كارمايكل، الأسبوع الماضي، تحدثت أنا ومجموعة من المحامين الدوليين وخبراء حول القمع في مصر، وإعدام السجناء السياسيين، وتعد المملكة المتحدة ببعض المقاييس أكبر مستثمر، وكان المتحدثون في النشاط متفقين على أنه يجب على حكومة المملكة المتحدة استخدام نفوذها في مصر للمطالبة بنهاية لانتهاكات حقوق الإنسان، ولا يمكن أن يكون هناك أي تبرير، ثقافي أو غير ذلك، لإعدام السجناء بعد محاكمات من الواضح أنها غير عادلة، ولم تتوفر فيها أبسط معايير المحاكم".
ويجد ديفيس أن "غياب موقف أخلاقي من قيادة الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة حول استخدام عقوبة الإعدام أمر صادم، لقد ترك الأمر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان -الذي بالكاد يمكن اعتباره حريصا جدا على حكم القانون- لأن يعلق على آخر مجموعة من الإعدامات: (بالطبع سيتم إخبارنا بأن القرار كان قرارا قضائيا، لكن [في مصر] العدالة والانتخابات، كله كلام فارغ، فهناك نظام استبدادي، بل شمولي)".
وينوه الكاتب إلى أنه "منذ وصل السيسي إلى الحكم عام 2014، ثم تمت إعادة انتخابه العالم الماضي بعد حصوله على 97% من الأصوات -وهي نسبة قد تجعل أي من دكتاتوريي الحرب الباردة يخجل- استمر في قرض البنى الديمقراطية في مصر، فشرع في تجريد القضاء من أي استقلالية، بالإضافة إلى محاولة وقحة لتغيير الدستور للسماح له بأن يمدد رئاسته حتى عام 2034، بالإضافة إلى أن التعديلات الدستورية المقترحة ستضعف ما تبقى استقلالية للجهاز القضائي المصري، فالتعديلات التي يقترحها السيسي ستمنحه السلطة للسيطرة على تعيين كبار محامي الادعاء ورؤساء أهم الهيئات القضائية، وستمنحه سلطة على الميزانيات القضائية، ومدة الخدمة في المناصب المختلفة".
ويفيد ديفيس بأن "مجموعات حقوق الإنسان بالإضافة إلى مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة طالبت بشكل متكرر بأن تحترم مصر الحقوق الأساسية، وأن توقف برنامج الإعدامات، بالإضافة إلى مراجعة أحكام الإدانة الأخيرة، وكانت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ورئيسة تشيلي السابقة ميشال باشليت، دعت محكمة الاستئناف المصرية في أيلول/ سبتمبر الماضي لإلغاء أحكام الإعدام، محذرة من أن تطبيقها سيمثل (إخفاقا صارخا للعدالة لا يمكن إصلاحه)".
ويذكر الكاتب أنه تم الأسبوع الماضي إطلاق سراح المصور الصحافي محمود أبو زيد، المعروف بشوكان، بعد أن قضى خمس سنوات في السجون المصرية؛ لتغطيته مظاهرات مضادة للحكومة عام 2013، وكان من شروط إطلاق سراحه أن يقضي كل يوم 12 ساعة في محطة للشرطة.
ويعلق ديفيس قائلا: "سيتبين مع الوقت إن كان إطلاق سراح شوكان خبرا جيدا حقيقيا أم مجرد تمثيل سياسي، ومهما حصل فإن معاملته على مدى السنوات القليلة الماضية تذكرنا في الوقت المناسب بوضع حقوق الإنسان الرهيب الذي يستمر في التكشف في مصر".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه "في وقت تبحر فيه المملكة المتحدة في المياه غير المألوفة للبريكسيت، فإن هناك واجبا أخلاقيا، ربما الآن أكثر من أي وقت مضى، لتبني حقوق الإنسان في أنحاء العالم وأن تثبت ذلك، مهما كانت الظروف، بأن المملكة المتحدة تقف مع العدل وحكم القانون".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
صحف بريطانية تتناول "خيبة أمل" ماي بعد "الهزيمة" (شاهد)
نيويورك تايمز: ماذا سيفعل السيسي بالغاز الطبيعي؟
NYT: كيف استغل السيسي الضوء الأوروبي للخروج من مأزقه؟