نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للكاتب جيمس ماكولي، يكشف فيه عن أن منفذ هجوم كرايست تشيرتش في نيوزيلندا تأثر بمثقف فرنسي متطرف، خاف من المهاجرين غير البيض.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن أحد المهاجمين وضع على "تويتر" قبل تنفيذه الهجوم مانفيستو من 74 صفحة، ووصف نفسه بأنه "رجل أبيض عادي من عائلة عادية".
ويقول ماكولي إن النص الموسع يقدم صورة عن الأفكار التي ألهمته للقيام بالهجوم، الذي قتل فيه 49 شخصا في أثناء صلاة الجمعة، وجرح العشرات، مشيرا إلى أن من بين الأشياء الأخرى، التي أكدتها الشرطة النيوزلندية، أن المتهم البالغ من العمر 28 عاما قال إن رحلة إلى فرنسا عام 2017 أقنعته أن البلد يواجه "غزوا من غير البيض".
وتورد الصحيفة نقلا عن المتهم، قوله: "الهجوم الأخير الذي شهدته المدن والبلدات الفرنسية.. سمعت وقرأت لسنوات عن غزو لفرنسا من غير البيض، الذي اعتقدت أنه مبالغ فيه، وتم خلقه للدفع باتجاه خلق سرد سياسي.. عندما وصلت إلى فرنسا وجدت أن القصص ليست صحيحة فقط، لكن يتم التقليل منها بقدر كبير".
ويفيد التقرير بأن المتطرف سمى نصه بـ"الاستبدال العظيم"، في إشارة واضحة إلى كتاب نشره المتطرف الفرنسي رونود كامو، الذي قدم في ذلك الكتاب نظرية تحدث فيها عن وضع يتم فيه استبدال الغالبية البيضاء من غير البيض القادمين من شمال أفريقيا والصحراء الأفريقية، وعدد كبير منهم من المسلمين.
اقرأ أيضا: هجوم نيوزيلندا.. ما هي دوافع المجرم ومن هو المسؤول؟
ويلفت الكاتب إلى أن كتاب رونود ظل لسنوات طويلة الصرخة التي يتجمع حولها اليمين المتطرف في فرنسا، وحتى بعد تراجع نسبة المهاجرين إلى أوروبا عام 2015، مشيرا إلى أنه بعبارات ماريان ميشال لوبون، حفيدة المنكر للهولوكوست جين- ماري لوبون، فإن أفكار رونود تتوافق مع الواقع، وقالت: "اليوم أصبح هناك في الحقيقة بديل في أجزاء من المناطق التي يعيش فيها الفرنسيون الأُصليون، وحل محلهم السكان المهاجرون".
وتعلق الصحيفة قائلة إن فكرة "الهجرة الجماعية"، التي ستؤدي في النهاية إلى صدام ثقافي، انتقلت من اليمين المتطرف الهامشي، وأصبحت في مركز الخطاب السياسي، مشيرة إلى قول زعيم الحزب المحافظ "الجمهوريون" لورين وكيز، إن أفكار كامو أصبحت "واقعا" في عام 2017.
وينوه التقرير إلى أن خطاب كامو تجاوز الحدود الفرنسية، وأصبح الصرخة التي تجمع اليمين، وتقف وراء الهجمات التي يقوم بها متطرفون بيض في أنحاء مختلفة من العالم، ففي تشارلوتسفيل في فيرجينيا في آب/ أغسطس 2017 هتف المتظاهرون قائلين: "لن يحل اليهود محلنا"، وفي عام 2018 أصدر كامو كتابا جديدا بعنوان "لن تحلوا محلنا".
ويبين ماكولي إنه في هجوم بيتسبرغ على كنيس، الذي قتل فيه 11 يهوديا، اندفع المهاجم بكراهيته للمهاجرين، خاصة أنشطة منظمة يهودية توفر المساعدات للمهاجرين.
وتذكر الصحيفة أن كامو، البالغ من العمر 72 عاما، تحدث في مكالمة هاتفية معه من منزله شاجبا العنف في كرايست تشيرتش، وقال إنه شجب أعمال عنف مماثلة، وعندما سئل عما إذا عارض الطريقة التي استخدمت فيها أفكاره التي وردت في "الاستبدال العظيم"، فإنه أجاب بالنفي، وأكد قائلا: "في الحقيقة ملاحظة الناس لما ورد في كتابي عن الاستبدال الذي يحدث في بلادي؟ لا على العكس".
وأضاف قائلا إنه يأمل بنمو "الثورة المضادة" ضد "استعمار أوروبا اليوم"، في إشارة إلى زيادة عدد المهاجرين، أو كما يصفهم بغير البيض، ويقول: "آمل أن تصبح قوية"، ويزعم أن هذه الموجة الجديدة كالاستعمار هي "مهمة أكثر بـ20 مرة من استعمار أوروبا لأفريقيا مثلا".
ويشير التقرير إلى أن المسلمين في فرنسا يشعرون بالحزن للتسامح مع هذه الأفكار في داخل المجتمع الفرنسي الراقي، لافتا إلى قول الناشط الاجتماعي في باريس ياسر اللواتي: "يتم تصوير رونود كامو على أنه متطرف أيديولوجي من اليمين المتطرف، لكن تتم دعوته للمشهد للحديث في راديو (فرانس كالتشر) من ناحية أخرى.. يمنح منبرا".
ويعلق الكاتب قائلا إن هذا الراديو يعد من أهم المنابر الإعلامية في أوروبا، وهو معادل فرنسي للراديو الوطني العام في أمريكا، مشيرا إلى أن كامو ناقش كتابه "الاستبدال العظيم" مع المذيع والكاتب المعروف ألين فينكلكروت.
وتنقل الصحيفة عن اللواتي، قوله: "أنا غاضب لأننا نواصل التظاهر بأن هذا مفاجئ.. هي في الحقيقة أصبحت أمورا عادية".
وبحسب التقرير، فإن الفترة الماضية شهدت سلسلة من الهجمات ضد المدنيين المسلمين، ففي حزيران/ يونيو 2018 أوقفت السلطات الفرنسية خلية كانت تخطط لسلسلة من الهجمات، ووجهت اتهامات إلى عدد منهم.
ويقول ماكولي: "يبدو أن الخوف من أفكار كامو وصلت إلى كرايست تشيرتش، التي تبعد 12ألف ميلا عن البلد الذي ظهرت فيه هذه الأفكار، وكتب المتهم في المانفستو: (جلست في موقف سيارات، في سيارة مستأجرة وراقبت تيارا من الغزاة يمشون إلى باب مركز التسوق)، وكان يصف مشهدا في بلدة صغيرة في فرنسا".
وتورد الصحيفة نقلا عن المتهم، قوله: "لكل رجل فرنسي أو امرأة فرنسية هناك الضعف من الغزاة، وشاهدت ما يكفي، وقررت الخروج من البلدة غاضبا، ورفضت البقاء في مكان ملعون، وقررت المضي نحو بلدة أخرى".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول المتهم لاحقا: "لماذا لا يقوم أحد بعمل شيء ما؟.. لماذا لا أفعل شيئا؟".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
كاتبة بريطانية: هذا ما يثبته هجوم نيوزيلندا
الغارديان: مانفيستو يحدد أهداف منفذ هجمات نيوزيلندا
سيناتور أسترالي عنصري يلوم المسلمين على هجوم المسجدين